كيف سأتخطّى الألمَ دون ألمٍ؟ ... حديثٌ قصير مع امرأة نسيتها تماما ... حينما يركّز عقلي في التأمل الروحي

بقلم: عطاالله شاهين

عطا الله شاهين
  •    عطا الله شاهين

 

  • كيف سأتخطّى الألمَ دون ألمٍ؟

 أرى بعد تجارب عدة بأن الألم يوصلني إلى الطريق الصحيح، ويعيد تشكيلي من جديد.
في كل ألم يذهب تفكيري في طريقة تخطي ألمي، دون أن أمر بألم آخر، لكن لا مجال أمامي سوى أن أعيش ألما آخر ولو أنه أقل حدة لتخطي الألم الأول، رغم أن آثار الألم الأول تبقى تؤلمني في عقلي وقلبي، ولهذا أراني أعبر جسر الألم للتخفيف من ألمي، الذي يعذبني أكثر من اجتيازي البطيء لخطوط الألم الثاني، رغم أن (الأنا) عندي لم تعلُ..
 أحاول في كل خطوة عبر مروري العقلاني من حيّز ألمي أن لا أتألم أكثر في ألم آخر، فحتما سيصادفني في طريقي نحو العبور الآمن لعقلي في حالة الوعي المنطقي، الذي يظل يفكر في طريقة الهروب اللازم من ألمي المعذبني ببقاءه في عقلي لزمن، وعلى الرغم من تفكيري العقلاني في تجاوز كل ألمي، إلا أنني أراني أقع في حزن آخر من حياة باتت مؤلمة بكل مآسيها..
هناك آلام كثيرة عالقة أخفف منها، لكنها تظل عالقة في عقلي دائم التفكير في كيفية تخطي كل آلامي دون المرور بآلام أخرى جديدة ..

 

  •  حديثٌ قصير مع امرأة نسيتها تماما..

 ذات مساءٍ بينما كنت انتظر حافلة على الرصيف في محطة انتظار خلت وقتها من الركاب حينها، وإذا بصوت أنثوي نادى عليّ، التفت وإذا بامرأة في الجهة المقابلة وراحت تنادي عليّ مرات عدة .
كان ضجيج السيارات المسرعة قد شوّش صوت تلك المرأة . نظرتُ صوبها ولم أعرفها، مع أنه هي عرفتني، فقطعتْ الطريق واتجهتْ صوبي، وقالت: ألم تعرفني؟ فقلت لها: كلا، أعذريني، فقالت: لكنني عرفتك، فقلت لها: وجهك ليس غريبا عليّ، لكنني لا أتذكّرك..
على وجهها علت تجاعيد، وبدا الهرم عليها باديا، قالت بعد أن سحبت سيجارة من علبة سجائرها: ولو ألم تعرف حتى صوتي، فقلت لها: كلا، فقالت: أنا تلك المرأة التي صادقتها ذات زمن، وكنت تكتب نصوصا عنها، فقلت لها: أكتب نصوصا عن نساء كثيرات، ولهذا لا أتذكر أي واحدة منهن، فاعذريني، فقالت: اسمها وذكرتني بمشاويرنا على ضفة النهر المتجمد في بلد يعشقها البرْد ذات شتاءات ماضية قبل عقود ولّت، فتذكرتها بصعوبة وقلت لها: الآن تذكّرت، لقد غيّرت التجاعيد ملامح وجهك، فقالت: نعم الزمن الصعب غير كل شيء حتى وجهي لم يعد يشبهني، فملامح وجهي كما ترى لا تشبهني إنها تجاعيد الزمن أيها الصديق الناسي، لا أدري لماذا لم تتذكرني، رغم أننا كنا أصدقاء؟
.. فقلت لها: إنها مشاكل الحياة أيتها الصديقة، وبينما كنا نتحدث أتتْ الحافلة، فاعتذرت منها، وركبتُ الحافلة، ولوّحتُ لها بيدي، وسارتْ الحافلة، التي لم تكن مكتظةً بالركاب، فقلت: يا لهذه المرأة التي غيّرت التجاعيد وجهها، رغم أنها ليست كبيرة في السنّ، لا بدّ أنها عانت من مشكلة ما.. كان حديثي معها قصيرا، فلربما أصادفها ذات يومٍ، فعندها سأعرف ما جرى لها..

 

  • حينما يركّز عقلي في التأمل الروحي....

 أعترف بأنني أتجه أحيانا للتأمل الروحي وتأملي هنا ليس للترفيه، بل للتأمل في موضوع ما يثير اهتمامي.
 أوجه تفكيري نحو أي شيء غريب، وغامض، والاستغراق فيه بتركيز مكثف من عقلي الذي يظل يفكر، وأتصل حينها مع ذاتي بشكل مكثف في هدوء تام، وهناك في تأملي أهدف من وراءه تنقية قلبي من أشياء عالقة فيه من شوائب الشّرّ مثلا إن وجدت، وأقوم بتنظيف عقلي من أفكار سلبية عالقة.
هناك أتأمل بطريقة جلوسي، أو في تأملي في لبسي الذي يعجبني أو أنني تعودت عليه، وهذا التأمل يمنحني بلا شك راحة نفسية. أحتاج هذا التأمل في الكثير من الأحيان لأواجه تحديات الحياة، فهو تأمل للطمأنينة، وقتما أمكث لزمن في خلوة أراها ضرورية لراحتي النفسية .
ففي خلوتي أروح للتأمل كهروب من ألم الحياة نحو الراحة النفسية لذاتي، فعقلي يظل يفكر في أشياء سلبية أود التخلص منها عبر التأمل الروحي .
أحب التأمل روحيا، حينما أمكث في مكتبي تحت ضوء أصفر، لأنه يريح عيني، وأجلس حينها على كرسي مصنوع فرشه من جلد أسود بين جدران حجرة مطلية بلون السماء..
أذهب للتأمل الروحي، أو دعونا أقول هنا أولج في التفكير في مواضيع تغلب عليها الطابع السلبي من نتائج لم تصل لهدفها الحقيقي .
 في تأملي الروحي أفكر في طريقة لبسي، هل أنا مقتنع بها أم أنني منتقد من عامة الناس، أم أنها تنسابني وتريح عقلي؟ . فالتأمل الروحي عندي هو طريقة للراحة النفسية، أنظف في وقت التأمل عقلي من سلبيات الحياة فعقلي يكون مركزا في موضوع ما يشغل تفكيري..

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت