وعادت السلطة إلى وظيفتها !

بقلم: جبريل عودة

جبريل عوده
  •  بقلم المستشار: جبريل عوده *

شكل إعلان عودة السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني والعمل بسائر الإتفاقيات مع الإحتلال الصهيوني, إنتكاسة لكافة الجهود الوطنية المخلصة الساعية لبناء وحدة وطنية فلسطينية متينة, قاعدتها الدفاع عن القضية الوطنية, ضمن برنامج وطني تحرري جامع للكل الفلسطيني , من أجل أن نمضي سوياً على طريق تحرير فلسطين , وإنتزاع الحرية والإستقلال لشعبنا وكنس الإحتلال الغاشم عن أرضنا.
بعد الفشل الكبير لمسار السلطة في التفاوض وتراجع برنامجها السياسي أمام غطرسة المحتل ومخططاته التوسعية والعدوانية , وحالة النكوص العربي والدولي عن مساندة شعبنا في نضاله ضد الإحتلال المجرم , وإستمرار حالة الإنقسام السياسي على الساحة الفلسطينية , كلها عوامل ساهمت في حالة التراجع الخطيرة للقضية الفلسطينية , فعلى مدار ثلاثة عقود كان حصيلة التفاوض مع الإحتلال (صفر كبير) لبرنامج السلطة السياسي, كان لابد من مراجعة وطنية شاملة لوقف هذا التدهور الخطير في مسار قضيتنا الوطنية , ولن يكون ذلك مجديا وفعالاً , إلى من خلال ترسيخ الوحدة والشراكة الوطنية , بين كافة مكونات شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات .
للأسف الشديد ومن خلال التجربة المريرة إتضح أن أولويات السلطة مختلفة عن أولويات القضية وشعبها , مؤكد أن السلطة غير جادة في المصالحة وتبعاتها من الشراكة الوطنية وإصلاح منظمة التحرير في ظل سيطرة عقلية التسلط والتفرد التي تسيطر على قادة السلطة فلا تؤمن بشراكة حقيقية ولا ترغب بتداول للسلطة , وتستخدم جولات المصالحة فزاعة في معركة توددها إلى الإحتلال , هذه العقلية تنظر إلى الانتخابات محطة لتثبيت سلطتها وزعامتها ولن تسمح بإنتزاعهما ولو من خلال الصندوق الإنتخابي.
حذرنا من أن يكون فوز جون بايدن بالانتخابات الأمريكية ذريعة لتراجع السلطة عن خيار الوحدة الوطنية , رغم حقيقة الواقع المؤلم في فلسطين من إستيطان وتهويد , وقد أبصرت قيادة المنظمة والسلطة ذلك عبر إحصائيات رسمية ومعاينة ميدانية , وتعود لتصديق الكذب الصهيوأمريكي , وفي السلطة سمعون لهم ، عبر أكذوبة حل الدولتين التي داسته جرافات نتانياهو والطرق الاتفاقية والبؤر الاستيطانية , فعلى ماذا التفاوض ؟!.
 جاهل من يتوهم بأن السلطة في عهد أبو مازن ستحارب أو تقاتل على الأرض عسكرياً أو شعبياً من أجل إفشال مخططات التوسيع والإستيطان والتهويد والضم في الضفة المحتلة , بين السلطة (ما بعد أبو عمار) والمقاومة " كفكر ونهج وثقافة" عداوة شديدة وكراهية مطلقة , فأقرب الطرق إليها طاولة مستديرة في فندق ذو إطلالة ساحلية عن خيار الصمود في خنادق المقاومة والمواجهة على إمتداد الوطن .
 العودة للمفاوضات , يعني التسليم بكل إجراءات فرض الأمر الواقع , سواء التي أقدمت عليها حكومة الاحتلال أو إدارة ترامب واستهدفت ثوابت القضية الفلسطينية , فهل تشترط السلطة العودة للمفاوضات أن تتراجع أمريكا عن كافة الاجراءات العدوانية , التي أقرتها إدارة ترامب وفي مقدمتها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني .بكل تأكيد هذا لن يحدث فلقد قبلت السلطة إعادة التنسيق الأمني , بناء على ورقة جوابية مقدمة من ضابط الإدارة المدنية بالضفة , تقول إن الاحتلال ملتزم بالاتفاقيات الموقعة مع السلطة , ولم تطلب السلطة أن تكون الورقة صادرة عن رأس الهرم السياسي في كيان الاحتلال المجرم نتانياهو !!.
لقد باعت السلطة وفريقها وحدة شعبنا الفلسطيني وإمكانية إستعادة الزخم الوطني للقضية وحشد الطاقات وتكامل الإمكانيات في معركة التحرير , فرطت في عقد المصالحة وتركته ينزف في المجهول , من أجل وعود زائفة وأضغاث أحلام بإمكانية حدوث تحول جوهر في الموقف الأمريكي الرسمي لصالح القضية الفلسطينية , وقد أضحت كمن يبيع بارودته المدخرة بطلقات فارغة في أوج المواجهة , لن ينفعكم جون بايدن , ولن يعترف لكم بحق , ولن يحرر لكم أرض ولن يمنحكم دولة , وعودتكم للمفاوضات المذلة مراهنة خاسرة جديدة , يدفع ثمنها الوطن وأجياله , إلى حين الصحوة العارمة وإنتفاضة التصحيح لمسار القضية الوطنية وإعادة تصويب البوصلة الوطني , نحو قيادة وطنية جامعة تقود معركة التحرير , وتكون قادرة على تلبية تطلعات شعبنا بالحرية والعودة والإنعتاق من الإحتلال الغاشم .
كاتب وباحث فلسطيني
 17-11-2020

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت