دوافع سياسية واقتصادية وراء قرار السلطة الفلسطينية عودة العلاقات مع إسرائيل

يجمع مراقبون فلسطينيون على وجود دوافع سياسية واقتصادية وراء قرار السلطة الفلسطينية عودة العلاقات مع إسرائيل بعد نحو ستة أشهر من القطيعة بين الجانبين.

ونشر مسئولون فلسطينيون رسالة مكتوبة من إسرائيل تفيد بالالتزام بالاتفاقات الثنائية الموقعة مع السلطة الفلسطينية التي ردت بالإعلان عن عودة العلاقات مع الطرف الإسرائيلي.

وصرح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية استئناف الاتصالات مع إسرائيل بناء على الرسالة الموجهة إلى السلطة الفلسطينية بما يشمل مختلف مجالات التنسيق.

وأعلنت القيادة الفلسطينية في 19 مايو الماضي التحلل من كافة الاتفاقيات والتفاهمات مع إسرائيل احتجاجا على الخطة الإسرائيلية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.

"مصلحة متبادلة"

يقول الكاتب والمحلل السياسي من رام الله جهاد حرب لوكالة أنباء (شينخوا)، إن قرار عودة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل شكل مصلحة للطرفين معا.

ويوضح حرب أن قرار السلطة الفلسطينية بعودة العلاقات مع إسرائيل جاء لانتهاء الأسباب التي أدت إلى القرار الفلسطيني بشأن وقف العمل بالاتفاقيات بعد وقف مخطط الضم والدعم الأمريكي له في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويشير إلى أن وقف العلاقات مع إسرائيل "تسبب بآثار سلبية عميقة على الاقتصاد الفلسطيني نتيجة عدم دفع رواتب الموظفين الحكوميين كاملة بسبب عدم تسلم أموال عائدات الضرائب".

ويضيف أن السلطة الفلسطينية ترى أن مصلحتها الملحة في الظرف الراهن استمرار قدرتها على الوفاء بخدماتها للمواطنين الفلسطينيين وحمايتهم من الفقر والعوز وما قد يسببه ذلك من تدهور أمني.

بموازاة ذلك يرى حرب أن في عودة العلاقات الثنائية "حاجة لإسرائيل في ظل تخوفها من انفجار ميداني في الأراضي الفلسطينية بفعل التدهور الاقتصادي الحاد فيها".

وأفاد مصدر فلسطيني لـ (شينخوا)، بأن عودة العلاقة مع إسرائيل يشمل عودة التنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي استئناف استلام أموال المقاصة (الضرائب) الفلسطينية.

وذكر المصدر، أن استلام أموال الضرائب يعني زيادة قيمة الرواتب للموظفين الحكوميين في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أن كان يصرف لهم نصف راتب على مدار 5 شهور.

"ضغوط الأزمة المالية الفلسطينية"

في الأشهر الأخيرة توقفت السلطة الفلسطينية عن استلام أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل، والبالغة 3 مليارات شيقل (الدولار =3.40 شيقل)، ونتيجة لذلك وجدت السلطة صعوبة في دفع الرواتب والتعامل مع تداعيات أزمة مرض فيروس كورونا.

ولجأت الحكومة الفلسطينية إلى صرف جزئي لرواتب موظفيها الحكوميين بفعل أزمتها المالية التي دفعتها للاقتراض عدة مرات من البنوك المحلية لتأمين الأموال اللازمة للرواتب.

وبحسب المسئولين فإن السلطة الفلسطينية تقدمت مؤخرا إلى الاتحاد الأوروبي للحصول على قروض لتغطية العجز، إلا أن طلبهم قوبل برفض أوروبي ودعوهم إلى أخذ أموال الضرائب من إسرائيل.

ويعتبر الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو لـ (شينخوا)، أن قرار عودة العلاقات مع إسرائيل انطلق من دوافع أن السلطة الفلسطينية لم تستطع خارج الحاضنة الرئيسية التي تأسست فيها.

ويقول عمرو إن مكونات هذه الحاضنة تقوم على علاقات مع إسرائيل والتنسيق معها بكافة الأشكال وانتظار علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل عهد انتخاب رئيس أمريكي جديد.

ويضيف أن السلطة الفلسطينية لم تجد في الفترة الماضية أي بديل عن أموال الضرائب الفلسطينية في ظل تراجع المساعدات الخارجية لها ما شكل ضغطا كبيرا على المجتمع الفلسطيني.

لكن عمرو يرى أن عودة العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل "لا يحمل بالضرورة مؤشرات جدية باستئناف أفق مفاوضات السلام بينهما في المرحلة المقبلة ورسالة إسرائيل الموجهة للسلطة الفلسطينية لم تكن على قدر سياسي عالي المستوى".

"تأثيرات سلبية على ملف المصالحة"

قوبل قرار السلطة الفلسطينية بشأن عودة العلاقات مع إسرائيل بانتقادات شديدة من الفصائل الفلسطينية المعارضة لاسيما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة.

وعقب إعلان القرار المذكور بوقت قصير أعلنت حركتا التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحماس انتهاء لقاءات ثنائية في القاهرة دون إحراز أي تقدم بشأن تحديد موعد الانتخابات العامة وتحقيق المصالحة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري لـ (شينخوا)، أن قرار عودة العلاقات مع إسرائيل "يثير القلق والخوف العميقين في أوساط الشعب الفلسطيني بشأن إنهاء الفرص الجدية لتحقيق المصالحة".

ويقول المصري إن السلطة الفلسطينية لا تزال تراهن على العودة إلى طاولة المفاوضات، وإعادة إحيائها ضمن صيغ مختلفة، إمّا عبر الشرعية الدولية، أو إحياء الاتفاقات السابقة، أو البناء على ما وصلت إليه المفاوضات.

ويشدد على أن الشعب الفلسطيني " يريد التركيز على بناء مشروع وطني موحد وفق رؤية وطنية توافقية، وبوصلة مُحددة، تنهي الانقسام بشكل فوري، وتوحد الشعب على الكفاح الوطني من أجل ممارسة حقه الجماعي في تقرير المصير".

ويخلص المصري إلى أن توقف جهود المصالحة "يفاقم من الإحباط في صفوف الفلسطينيين ويعزز الرأي القائل بأن التوجه نحو تلك المصالحة كان تكتيكيًا الهدف منه التلويح لأطراف خارجية".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله (شينخوا)