- رامز مصطفى
التغريدة التي كتبها ما يسمى برئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ ، والتي أعلن فيها " إنه على ضوء الاتصالات الدولية التي قام بها الرئيس محمود عباس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معها ، واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك ، فإنه سوف يتم إعادة مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان عليه الحال قبل 19 / 5 / 2020 " ، لم تشكل أية مفاجئة ، على اعتبار أنّ تلك العلاقات لم تنقطع بشكل أو آخر ، على الرغم من التسويق الإعلامي لإيهام الجمهور الفلسطيني ، ومن قبله الفصائل ، بأنّ قرار قطع العلاقات على غير صعيد ، وخصوصاً الأمني قد توقف نهائياً ، التزاماً بقرارات المركزي والوطني واللجنة التنفيذية ، التي لا وزنّ ولا قيمة لقراراتها ، وليست هناك قيادة ، إنما هناك فريق سياسي من المؤكد أنه فوق كل المؤسسات والهيئات والقرارات . وبالتالي لا احترام لفصائل الاجتماع التاريخي في 3 أيلول الماضي ، الذي ضمّ الأمناء العامون لتلك الفصائل .
في العودة لقرار عودة العلاقات ، والذي بُنيّ على رد الكيان الصهيوني ، فإننا نسجل الآتي :-
1. قرار عودة العلاقات ، هو شيك على بياض ، مقدم من السلطة للرئيس الأمريكي جو بايدن وفريق عمله كعربون التزام ، للقول أنّ السلطة على استعداد للتعاون مع إدارة الرئيس بايدن ، في خطوة من تمنية النفس أن تعيد الإدارة الديمقراطية النظر فيما اتخذه ترامب من خطوات ، وهذا وعد إبليس بالجنة . والسلطة برئيسها وفريقه يبعيون الوهم للشعب الفلسطيني .
2. القرار جاء للتأكيد على تمسك السلطة برؤيتها السياسية ، القائمة على خيار المفاوضات وحل الدولتين ، والرباعية الدولية . وهو كشف بما لا يدعو للشك ، أنّ السلطة مارست الاستغلال للفصائل وأمنائها العامون بأبشع صوره . فهي اشترت الوقت لحين انتهاء الانتخابات الأمريكية لتبني على الشيء مقتضاه من خطوات سياسية انقلابية على كل ما تمّ الاتفاق عليه في 3 أيلول الماضي . بما يؤكد مرة جديدة أنّ سياسة المجاملات وعفى الله عما مضى ، وأصبح الماضي بكل صور التفريط والتنازل والرهانات البائسة خلف الظهر ، لم تعد تُجدي نفعاً مع سياق ونهج سياسي يُغرد على وتر لحن السياسات الصهيو أمريكية والرهان عليها .
3. عبّر القرار وبوضوح ، أنّ العلاقة مع الكيان عبر التنسيق الأمني ، يمثل أولوية على ما دونه من إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ، وترتيب البيت الفلسطيني ، بعنوانه العريض منظمة التحرير الفلسطينية .
4. رد الكيان عبر ما أطلق عليه كذباً ، التعهد والالتزام بالاتفاقيات ، ما هو إلاّ رسالة جوابية على رسالة كان قد أرسلها حسين الشيخ قبل أكثر من شهر ، من قبل منسق عمليات الحكومة للشؤون الحياتية في المناطق ، المدعو كميل أبو ركن . وتمحورت الرسالة حول أموال المقاصة ، وتأكيد الالتزام باستمرار الكيان في تحصيلها ، وهي تضمنت تحميل السلطة مسؤولية تمنعها عن استلام تلك الأموال . وهو بهذا المعنى لا علاقة له أن يتعهد الالتزام في القضايا السياسية أو الأمنية .
5. إنّ تصوير رسالة كميل أبو ركن ، على أنها انتصار حققته السلطة ، فيه محاولة بائسة ومكشوفة للتغطية على حالة العجز ، ويعكس حالة الكباش والصراع بين مراكز القوى داخل السلطة وحركة فتح . وهذا كان واضحاً منذ تكليف جبريل الرجوب مسؤولية التواصل والحوار مع حركة حماس .
6. اتخاذ القرار عن طريق التغريدة التي أطلقها حسين الشيخ ، إنما يؤكد أنه ليس وليد اللحظة ، بل هو مبيت ومخطط له ، في الشكل والمضمون والتوقيت .
7. طالما أنّ العلاقة مقطوعة أو متوقفة بين السلطة والكيان بقرار من رئيس السلطة السيد محمود عباس ، فما هو مبرر إرسال حسين الشيخ للرسالة ؟ ، في وقت كانت الحوارات بين حركتي حماس وفتح في ذروتها . مما يؤكد ما ذهب إليه حسين الشيخ في إحدى مقابلاته المتلفزة ، أنّ الشراكة مع حماس مرفوضة ، ولن تكون هناك مصالحة مع حماس .
8. قرار العودة لاستئناف العلاقات مع الكيان ، قد شكل الغطاء لكل الدول المُطبعة مع الكيان ، خصوصاً مع الحديث عن عودة سفراء السلطة إلى الإمارات والبحرين . القرار وإن شكّل فضيحة سياسية ووطنية للسلطة ، تُضاف إلى المسلسل الطويل من التفريط والتنازلات والرهانات البائسة ، غير أنّ الصراخ والشجب والاستنكار من قبل مجموع الفصائل التي غُدِر بها في وضح النهار ، وحولتها السلطة إى حصان طروادة ، تمّ استخدامها في مناورة سياسية رخيصة .
على تلك الفصائل أن تتعلم من ذاك الدرس القاسي ، وتقلع عن الرهان على أية إمكانية من شأنها التوصل إلى مخرجات وطنية أو سياسية تحفظ وتحمي القضية وعناوينها الوطنية ، مع من غدر بها ، وباعها لقاء أوهام سراب .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت