-
اشرف صالح
في ظل إنعدام الثقة وإنقطاع الأمل بنجاح حوارات المصالحة سواء على مستوى الرأي العام أو على مستوى الإعلاميين والمحللين والمراقبين أو حتى على مستوى الساسة والأحزاب والقائمين على هذا الملف أنفسهم , فلا بد أن نقيم ونحلل التطورات السياسية على المستوى النظري فقط , لأنه لا يوجد شيئ على أرض الواقع , فعلى المستوى النظري وفي هذا التوقيت بالذات سارت الأمور عكسية تماماً , وذلك عندما عادت السلطة الى التفاهمات البروتوكولية القديمة مع الجانب الإسرائيلي ومن ظمنها عودة التنسيق الأمني والمدني وعودة أموال المقاصة , وكل هذا حدث في يوم وليلة وبالتزامن مع حوارات المصالحة في القاهرة , وهذا يعني نظرياً أن حوارات المصالحة ستفشل تماماً لأنه أصبح هناك سببين رئيسيين لفشلها , السبب الأول والمعروف منذ 14 عام هو أنه عندما تتحدث الفصائل عن المصالحة وتحديداً فتح حماس , يختلط الحابل بالنابل بسبب فتح كل الملفات المتراكمه على طاولة الحوار في آن واحد , وعند الدخول في أدق التفاصيل وترجمتها على أرض الواقع , حينها يتوقف كل شيئ وكأن شيئ لم يكن .
أما السبب الثاني لفشل حوارات المصالحة يتعلق بالجزئية الأمنية , وهذا على إعتبار أن حوارات المصالحة ناجحة كما يقولون في وسائل الإعلام , فلو إفترضنا أن الحوارات الأخيرة ناجحة وستؤدي الى دمج المؤسسات الأمنية والعسكرية بين الضفة وغزة تحت مسمى حكومة واحدة , فهذا يعني أن الضفة وغزة ستعملان وفق منظومة أمنية واحدة تتناغم مع الأحداث اليومية وقرارات السلم والحرب , وستكون أدات لهذه القرارات المتوافق عليها بين الفصائل في سياق التعامل مع الإحتلال , فكيف سيكون الحال في ظل عودة التنسيق الأمني وقبل أن تتم صياغة منظومة أمنية جديدة متفق عليها بين الفصائل كافة بموجب إتفاق المصالحة , بالطبع سيكون هناك تضارب بين غزة والضفة في الآلية والتوقيت بما يخص قرارات السلم والحرب , فمثلاً في غزة تتعامل حماس مع الفصائل الصغيرة بنظام التوقيت , فعندما تكون الهدنة سارية بين حماس وإسرائيل وتقوم إحدى الفصائل بإطلاق الصواريخ على إسرائيل , حينها تعتقل حماس مطلقين الصواريخ , وعندما تضطر حماس في الدخول في مواجهة وتصعيد مع إسرائيل لأي سبب كان (...) حينها تطلق العنان للفصائل الصغيرة كي تشارك معها في المواجهة , هذه هي فلسفة المقاومة في غزة والمرتبطة بالمزاج الأمني لحماس , أما في الضفة ففلسفة المقاومة مرتبطة بمدى التفاهمات بين إسرائيل والسلطة والتي تخضع لمتطلبات الناس اليومية الملحة بأن يكون هناك تنسيق أمني ومدني يسهل هذه المتطلبات , ومن هنا فالواقع الأمني مختلف تماماً بين غزة والضفة , ويعتبر من أصعب الملفات الموجودة على طاولة المصالحة , وبحاجة الى دراسة دقيقة وتوافق كبير خاصة أنه مرتبط بسلوك الإحتلال , وبناء على صعوبة هذا الملف فإن عودة التنسيق الأمني والمدني بين السلطة وإسرائيل أثناء حوارات المصالحة سيكون سبب إضافي لفشل هذه الحوارات .
ملاحظة : قبل عودة التنسيق الأمني والمدني بدأت تظهر علامات فشل حوارات المصالحة , وعودة التنسيق ليس السبب المباشر لفشل هذه الحوارات , ولكن على المستوى النظري وعلى إعتبار أن المصالحة قائمة سيكون التنسيق الأمني والمدني مع الجانب الإسرائيلي موازي للتنسيق الأمني والعسكري المرتقب بين غزة والضفة , وهنا تكمن المشكلة .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت