- بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
صورتي، عام 1965، وأنا في عمر الـــ 5 سنوات تقريباً. بالقرب من جدار منزلنا بمخيم اليرموك، شارع الشهيد مفلح السالم، إمتداد حارة الفدائية، بعد أن ارتديت ما تيسر من ثيابٍ كانت مُناسبة لي في (بقجة) الوكالة، التي كانت توزعها علينا ــــ واقصد على لاجئي فلسطين في مناطق عملياتها الخمسة ـــ .
(بقجة الوكالة)، ومع دلالات وجود الجهة الدولية التي توزعها، (يمتعض) البعض من ابناء شعبنا، منها ومن معناها، إلاّ أنها كانت مصدر فرح وحبور، لكل أبناء شعبنا اللاجىء في دول الطوق في الشتات (الأردن + لبنان + سوريا)، وفي الضفة الغربية، وقطاع غزة الأسطورة، حين صنع شعبنا من (اللاشيء كل شيء)، وبات في مصاف الشعوب المُتعلمة التي علمّت أمة الضاد سنوات استقلال دولها، علمتها كتابة الجملة، وفكها، كما علمتها مبتغى الرقم، والإكس (X)، والواي(Y)، والزد (Z)، والبعد الرابع، والــ CSIN، والـــ SIN.... فكان شعبنا، من الشعوب المتفوقة بالرغم من كل الويلات التي سقطت عليه، خاصة في لبنان، وفي سوريا في مسارات الأزمة، وماحلَّ بمخيم اليرموك على وجه الخصوص.
كما كانت (بقجة الوكالة)، ووجود (الأونروا) بشكلٍ عام، يحمل معنى قانوني، له علاقة بالشرعية الدولية. فالوكالة تعبير قانوني وشاهد أممي، تاريخي، على نكبة فلسطين. وهذا الشاهد التاريخي، الذي اقيم ومازال مُستمراً بعمله، تم بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفق القرار 302 تاريخ الثامن من كانون الأول/ديسمبر 1949، وباجماع المجتمع الدولي. وقد باتت الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب تسعى لتفكيك الوكالة، واحالتها للتقاعد، وانهاء دورها ووظيفتها، وبالتالي انهاء الشاهد القانوني والأممي على نكبة فلسطين واهالة التراب عليه. وقد فشلت كل المساعي الأمريكية بالرغم من ايقاف واشنطن لمساهمتها المالية في الميزانية العامة للوكالة منذ العام 2018.
الصورة، من (بقجة الوكالة)، والثياب الذي ارتديه كان ضمن موجودات البقجة. والبقجة هنا تُلخصّ دراما النكبة الفلسطينية، النكبة التي تواطأ الكثير من العرب الرسميين في تمريرها على جسد الشعب العربي الفلسطيني، وقد باتوا الآن بعد سنوات التعتير الطويلة التي اصابت شعبنا، باتوا يهرولون علناً الى دولة الاحتلال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت