- بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
لم يكن أمام الحجة أم معاذ سوى التنقل بالسير على الأقدام بعد محنة مخيم اليرموك، ومحاولة شق طريقها صعوداً وهبوطاً والتواءاً أمام الكم الهائل من الدمار من البيتون المسلح، وبقايا موجودات المنازل التي جرى تعفيشها بشكلٍ منظم، وكأنه ممنهج.
ذهبت وولّت الأيام التي كانت تتناول فيها وجبة الفطور جميع افراد العائلة وحتى الأقارب والجيران. فكلٍ اصبح في ديرةٍ جديدة، مع التنقل الدائم تبعاً لبدل الأجور للمنازل .. والتي تضاعفت بكلٍ لم يَعُد ممكناً تحمله ..
الحجة أم معاذ، هذه المرة وبعد دمار اليرموك، الى سوق منطقتي الصناعة وبستان الدور حيث نزوحها التالي بعد نكبات تتالت على الفلسطينيين.
الجميع من عائلة الحجة أم معاذ واقاربها طالبوها بأخذ (بطاقات العائلات الموجودة في اللجوء في المنزل الكبير لنحو 11 عائلة) وتسليها للهيئة العامة للاجئين من اجل الحصول على المساعدات...
في الطريق، حمودة يطالب والدته الحجة أم معاذ بتناول سندويشة فلافل ...
الحجة أم معاذ تضع (دفاتر العائلات) على طرف طاولة بالمحل بانتظار سنوديشتي فلافل ...واحد لحمودة، وواحدة لها ...
وبعد قليل طارت الدفاتر، وكأنها لم تكن ...!
الدفاتر طارت ـــ وطار بالهوى شاشي وانت ماتدراشي ـــ فكان على الحجة أم معاذ أن تستعد كي تواجه مشكلة كبيرة. قد تصل لحدود الطلاق بينها وبين زوجها صاحب "النزق الإنفعالي" ... موجهاً لها اللوم : مين قال لك واجبرك توخدي الدفاتر ... ليش تستلميها ... سندويشتين فلافل طيروا 11 دفتر عائلة ...
المشكلة انتهت بكتابة الضبوط في مخفر الشرطة (البوليس)، وفي المتابعة الحثيثة في مؤسسة اللاجئين لأيامٍ متتالية لحصول كل عائلة على دفتر جديد بدلاً من "دفترٍ ضائع"....
وهكذا أضاعت سندويشتي حموده والحجة أم معاذ (11) دفتر عائلة، كلف استخراج البدائل عنها جهداً استتثنائياً ... ولم يستفد اللص والسرق من تلك الدفاتر سوى أن ورط الناس في مشكلة كادت أن تُضاف للمصائب التي استولدتها محنة فلسطينيي سوريا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت