حذرت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان ، من تنافس مجموعة شركات دولية على الفوز في مناقصة لمشروع كبير في مستوطنة إسرائيلية مقامة بخلاف القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ودعت مؤسسة الفكر ومقرها لندن الشركات المتنافسة على المناقصة لمشروع بناء محرقة نفايات في مستوطنة "معالي أدوميم" إلى الانسحاب فورًا بموجب التزاماتها تجاه المحددات الواجبة لحقوق الإنسان والقرارات الدولية التي تدين الاستيطان وتعتبره غير شرعي. وشددت على أن أي أنشطة في المستوطنات تقوم في الأساس على نظام غير قانوني ومسيئ من حيث التعريف، بحيث ينتهك حقوق الفلسطينيين، ويكرس التمييز ضد العمال الفلسطينيين.
إلى جانب ذلك، فإن تلك الأنشطة تسهم في مصادرة إسرائيل بشكل غير قانوني للأراضي والموارد الفلسطينية، فضلًا عن الاستفادة من امتيازات إسرائيلية مقدمة للمستوطنات على حساب الفلسطينيين، مثل إتاحة الأراضي والمياه والمساعدات الحكومية وتصاريح استصلاح الأراضي.
ويتعلق الأمر بشركات (Standardkessel Baumgarte) الألمانية، و(Hitachi Zosen Inova) السويسرية، و(Termomeccanica Ecologia) الإيطالية، و((Mitsubishi اليابانية، إضافة إلى عدة شركات صينية.
وتعد مستوطنة "معالي أدوميم" من أكبر مستوطنات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بحيث تمتد على مساحة تصل إلى حوالي 48 ألف دونم، وهي تضم المنطقة الصناعية "ميشور أدوميم"، وتنظر إليها إسرائيل كواحدة من التجمعات الاستيطانية التي ستبقى في أي تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، تحت السيطرة الإسرائيلية.
وبحسب المعلومات التي تمكنت إمباكت من الحصول عليها، يستهدف المشروع محل المنافسة بين الشركات الدولية إنشاء معمل لحرق النفايات في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، من دون استشارة الفلسطينيين، في انتهاك لمبدأ القانون الدولي الذي يقضى بعدم جواز استخدام الأراضي المحتلة لمصلحة الاحتلال الخاصة.
وسيكون المشروع الكبير خطوة أخرى لتعميق الاحتلال الإسرائيلي والضم الفعلي لمساحات في الضفة الغربية وما ينتج عن ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان، ويشكل تواطؤًا للأعمال التجارية في انتهاكات القانون الدولي.
في شهر فبراير الماضي، أصدر مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريرًا عن شركات قال إن لها علاقات تجارية مع مستوطنات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث حدد 112 شركة يجد أسسًا معقولة ليخلص إلى أن لها علاقة بالمستوطنات الإسرائيلية.
ويعيش نحو 700,000 مستوطن إسرائيلي في أكثر من 230 مستوطنة مقامة في الضفة الغربية، بما يشمل القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967.
ويعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على قوة الاحتلال نقل مندييها إلى أراضٍ تحتلها. كما أن نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية ينص على أن هذا النقل، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، يعد جريمة حرب.
وتؤكد إمباكت بأن الشركات العاملة في المستوطنات تساهم في تعميق أثر السياسات الإسرائيلية التمييزية التي تفضل المستوطنين على الفلسطينيين، وتكريس السياسات غير القانونية التي تستفيد منها، وهي السياسات التي تخلّف العديد من الفلسطينيين دون بدائل سوى العمل في إسرائيل أو المستوطنات.
وتشير إلى أن النظام القائم في مستوطنات إسرائيلية يوفر للعمال الفلسطينيين تدابير حماية معدومة تقريبًا في ظل غياب أي نظام بسبب الوضع القانوني الملتبس للعمال بموجب القوانين الإسرائيلية، ما يجعل الفلسطينيين عرضةً للإساءات وانتهاك حقوقهم.
ومقابل التسهيلات التي تُمنح للشركات العاملة في المستوطنات، فإن القيود على التنمية الاقتصادية والإنشاءات الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج)، والتي تشكل نحو 60% من الضفة الغربية، تكلف الاقتصاد الفلسطيني نحو 3.4 مليار دولار سنويًا، حسب تقديرات البنك الدولي، وهو المبلغ الموازي لثلث إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني.
ويشار إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية أقرت عام 2007 بأن النظام القانوني المزدوج في الضفة الغربية الذي يطبق القانون المدني الإسرائيلي على المستوطنين والقوانين العسكرية على الفلسطينيين، يميز ضد العمال الفلسطينيين، وهو أمر رفضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الامتثال له.
وتطالب إمباكت الشركات بالانسحاب الفوري من التنافس على المشروع المذكور في مستوطنة "معالي أدوميم" ووقف أي أنشطة لها متصلة بالمستوطنات بموجب التزاماتها تجاه مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
وتعيد المؤسسة الحقوقية الدعوة إلى إجراءات عملية تتبناها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة لضمان وقف كافة أنشطة الشركات الدولية في المستوطنات، بما في ذلك وقف التمويل والدعم للمستوطنات.
كما تدعو إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان الشركات الدولية والإقليمية إلى تضمين بنود في سياساتها المعلنة، تتعلق بوقف التعاون مع الكيانات والشركات التي تمارس أعمالها في المستوطنات الإسرائيلية، كي لا تساهم بشكلٍ غير مباشرٍ في تسهيل الانتهاكات ودعم الاستيطان، وهو أمر يجعلها في موضع ارتكاب مخالفة جسيمة للقانون الدولي ما يتطلب مساءلتها على ذلك.