أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، أن "ما يجري اليوم تحت عباءة الولايات المتحدة الأمريكية، من تمدد المشروع الصهيوني في دول الخليج، مخالف للإسلام ومخالف للتاريخ، وأن من يعتقد من الأمراء أن بسلوكه المتهور يمكنه إلغاء كل شيء باتفاق ذليل، فهو واهم"، مبينا أن "وسائل الإعلام الضخمة التي تروج لذلك، والإمكانيات المالية الهائلة، لن تغير عقائد الناس بسهولة"، وموضحا أن " فلسطين كانت المركز والمنطلق ضد كل الوطن العربي والإسلامي، ومنطلقًا للعلو والإفساد الصهيوني."
جاء ذلك في كلمة للقائد النخالة خلال مؤتمر (انتفاضة الأمة في مواجهة مؤامرات التطبيع ومشاريع التصفية) الذي يعقده الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في العاصمة اللبنانية "بيروت"، لمناسبة مرور 33 عاما على انتفاضة الشعب الفلسطيني التي أُطلق عليها اسم (انتفاضة الحجارة).
وقال النخالة: "ثلاثة وثلاثون عامًا تمر اليوم على الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ومنذ ذلك التاريخ جرت أحداث كثيرة وكبيرة، لم تنتهِ تداعياتها حتى اللحظة التي يعلن فيها العدو القدس عاصمة له، والضفة الباسلة امتلأت بعقد الاستيطان القاتلة، وما زال اتفاق "أوسلو" يفعل فعله، ويترك آثاره على الشعب الفلسطيني في كل المجالات".
وأضاف: "وأكثر من ذلك الانفلات العربي الخليجي تجاه العدو الذي حطم كل المعايير الأخلاقية والدينية والوطنية، ولم يراعِ الحد الأدنى من التاريخ المشترك، والحضارة الممتدة لأكثر من أربعة عشر قرنًا، كان فيها الزمان العربي والإسلامي يتقلب على مسار التاريخ بأشكال مختلفة، ولكن في النهاية كانت الأمة قادرة على استيعاب الهجمات التي تعرضت لها وإذابتها، وردت الهجمات الصليبية وهزمتها".
وأكد الأمين العام للجهاد أنه "بعد هذه المسيرة الطويلة، أصبح واضحًا كم كانت الحسابات صغيرة، والتقديرات متواضعة جدًّا، عندما ذهب بعض الفلسطينيين لاتفاق ذليل، أسموه اتفاق "أوسلو"، ليكون مدخلاً لاتفاق آخر بعد ثلاثة عقود، عقده بعض العرب، سموه اتفاق "أبراهام"، ولنكتشف أكثر من أي وقت مضى، أن فلسطين لم تكن الهدف، وإنما كانت المركز والمنطلق ضد كل الوطن العربي والإسلامي، ومنطلقًا للعلو والإفساد الصهيوني." كما قال
وزاد بالقول: "إن ما يجري اليوم، هو قفزة أخرى للمشروع الصهيوني في العمق العربي، متجاوزًا حدود "سايكس بيكو" التي وضعت لهذا أصلاً، ليجد الكيان الصهيوني نفسه كيانًا آخر، بجانب الكيانات الضعيفة والهزيلة، ولكنه كيان مختلف بكل الملامح والسمات، وبكل المقومات التي امتلكها، باعتباره أداة النظام الدولي القديم والجديد، في قهر الأمة والهيمنة عليها".
واستطرد النخالة بالقول:" اليوم نرى تداعيات ما خططت له القوى العظمى بعد الحرب العالمية الأولى، وأكملت مشروعها بعد الحرب العالمية الثانية، بزرع الكيان الصهيوني في فلسطين، حيث أصبح اليوم حليفًا مقبولاً، بل مفتوحة له كل الحدود، بحرًا وبرًّا وجوًّا، في مواجهة الأمة وشعوبها المقهورة والمستنزفة، والمسيطر عليها بأجهزة الأمن، ولقمة العيش، وبوقاحة لا تخفى على أحد".
وقال:" تحت مبررات واهية يشيع بعض النظام العربي - المتخم بأموال النفط، وامتيازات البورصات الدولية- فاحشة الالتصاق بالمشروع الصهيوني، بلا خجل وبكل وقاحة، فإن كان هناك ضعف في مكان ما، وهذا غير موجود أصلاً، ولا توجد له مبررات، فمن المفترض أن يستتر من أقدموا على رذيلة التعامل مع الكيان الصهيوني عن أعين الناس، ولكن أن تبلغ بهم الوقاحة إلى مستوى لم يبلغه أحد، فهذا يعجز عنه العقل والمنطق".
وزاد النخالة بالقول: "إن رحلة طيران من ضفاف الخليج العربي والإسلامي إلى ساحل المتوسط الذي شهد التحولات الكبرى، ورسم مسارًا عميقًا في التاريخ، وواجه كل الحملات الصليبية التي كانت تستهدف السيطرة على القدس وعلى فلسطين، لن تستطيع طمس الحقيقة وتغيير هوية الأمة".
وأكد "أنهم بسلامهم المدنس يحجبون مفاعيل إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ويعتقدون أنهم بهذه الحملات الإعلامية، وإظهار تفاعل بعض الناس مع الصهاينة، سوف يخففون الضغط، ويشغلون الشعوب العربية والإسلامية عن تهويد القدس، وتهويد ما تبقى من فلسطين."
وقال الأمين العام:" إنهم يشغلون الأمة بأخبار التطبيع مع الصحراء التي تحمل ناطحات سحاب زائفة، ومشاريع اقتصادية مشتركة، واستثمارات كانت وما زالت ملكًا للشركات وأصحاب رؤوس الأموال، وليست للشعوب التي تعمل ليل نهار، وتستنزف كرامتها من أجل تأمين لقمة عيش مغموسة بالذل والامتهان".
وبيّن أن مراجعة نقدية وجدية لاتفاق "أوسلو" الذي فتح الباب على مصراعيه للمترددين والخائفين بعد سنوات طويلة، يستحق من الشعب الفلسطيني وقواه الحية إعادة الحسابات، والبحث الجدي في مآلات التعايش مع العدو، كما يجرى الآن.
وشدد النخالة على "أن الهروب إلى الأمام، كما فعلت السلطة بعد الحوارات الأخيرة ولقاء الأمناء العامين، والتحلل من الالتزامات الوطنية، لن يعيد لنا شيئًا، وإنما سيكرس وقائع جديدة على الأرض، وسيعطي بعض الأنظمة العربية شرعية لما قامت به من عمليات التطبيع، وخاصة أن رئيس السلطة في لحظة مراجعة، اعتبر تطبيع الإمارات والبحرين طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، متسائلا: فماذا جرى لتتحول طعنة الظهر إلى عناق وصمت على ما يجرى؟".
وأضاف:" إن الذين يعتقدون أن تحالفهم مع الكيان الصهيوني في مواجهة شعوبهم، يحميهم إلى الأبد، واهمون" مشيرا إلى أن هذا المشروع الصهيوني قام على أساس السيطرة والهيمنة على المنطقة بكل الوسائل، بما فيها القتل والتدمير، وأن حصار غزة المستمر، وفرض الشروط المهينة والمذلة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية من فلسطين، والاستيلاء على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وتحويل القدس عاصمة لهذا الكيان، لجدير بأن يجعلنا جميعًا نتوقف ونعيد حساباتنا، ونستنهض شعوبنا العربية والإسلامية التي لم ولن تستسلم لهذا العدو."
وزاد النخالة يقول: "إن العدو الصهيوني يحاول تجريدنا من كل ما نملك، وكما شاهدتم أخيرًا قتلهم العالم الإيراني المسلم، بهدف تجريد الأمة من العلم والمعرفة، لهو دليل إضافي على ما يبيت هذا الكيان وحلفاؤه للأمة. وهو محاولة يائسة للانتقام من إيران، لوقوفها إلى جانب قضايا المسلمين المحقة والعادلة في العالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية".
وأكد أن "القتلة والمجرمين سيستمرون في جرائمهم إن لم يجدوا من يتصدى لهم، وسينشرون الموت في كل مكان؛ من فلسطين إلى اليمن، إلى العراق وسوريا، إلى أفغانستان، بأسلحة أمريكية صهيونية"، مشددا على" أن هذه الدماء الطاهرة التي تنزف في كل مكان، من عالمنا الإسلامي والعربي، سوف تبقى ملهمة لنا وللأجيال القادمة، وستبقى إرادة الله تفعل فعلها، حتى يرث الله الأرض ومن عليها."
واستطرد النخالة بالقول: "واجباتنا اليوم على أرض فلسطين، أرض الرباط المقدس، وفي كل مكان، أن نفعل كل ما نستطيع فعله، فليست عواطفنا ومحبتنا للقدس وفلسطين ستفعل فعلها فقط، ولكن تضحياتنا واستعدادنا المستمر للتضحية، هي الطريق الوحيد لوقف هذا العدوان علينا وعلى أمتنا، ونحن على يقين بوعد الله لنا بالنصر، ومستمرون معًا - إن شاء الله- نحو القدس ونحو فلسطين".