- * عبدالحميد الهمشري – كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
تمرّ الذكرى الـ 33 على انطلاق انتفاضة الحجارة الفلسطينية الأولى والشعب الفلسطيني ما زال يقبض على الجمر ، ومستجدات تحصل تحاول النيل من هذا الصمود الفلسطيني ومكتسباته التي حققها خلال مسيرته النضالية وزعزعة إيمانه بقدسية قضيته وطهرها والقفز على تضحياته ومقدساته ، جراء دعوات لتجاوز الحق الفلسطيني وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ثرى ترابه الوطني الطهور وعاصمتها القدس ، أرض الإسراء والمعراج ورسالات السماء ، ورعاية واشنطن لحملات التطبيع التي تفرض من خلالها شرعية الوجود اليهودي على الأرض الفلسطينية تمهيداً للشطب النهائي وتصفية القضية الفلسطينية ولتقوية الكيان الصهيوني اقتصادياً وتمكينه من العبث بالأرض العربية وعن قرب بالأمن العربي عموماً بالانطلاق من فلسطين لاستكمال مشروعه الاستيطاني على الأرض العربية وإقامة دولته المزعومة من ضفة غرب نهر الفرات إلى ضفة شرق نهر النيل فاليمن وخيبر ومدينة رسولنا الأعظم .
هذه الانتفاضة رتب لها أسرى الحرية في زنازين الاحتلال وجاءت لحظتها المناسبة للانطلاق إثر حادثة دهس سائق شاحنة صهيوني لمجموعة من العمّال الفلسطينيين شمالي قطاع عزة العزة ، قطاع الصمود والتصدي والتحدي ، حيث اشتعلت شرارتها الأولى من مخيم جباليا، ما لبث وأن امتدت ككرة ثلجية لتطال كل حواضر وأرياف وهضاب فلسطين ، ودامت تلك الشعلة على مدار سنوات ست ، تفاجأ الاحتلال من القوة والتنظيم والإعداد والسيطرة والحشود المشاركة فيها ، وهذا ظهر جلياً خلال فعالياتها التي تواصلت على مدى ستة أعوام في التظاهرات والمواجهات وحالات الاشتباك في كل المحاور مع جيش الاحتلال وقواه الأمنية والاستخبارية ، حيث استشهد خلالها ما يقارب الـ 1200 فلسطيني وأصيب نحو 90 ألفاً جراء اعتداءات جيش الاحتلال واستخباراته الإرهابية ، وقد أظهرت هذه الانتفاضة حيوية الشعب الفلسطيني بكل فئاته من أطفاله إلى شبابه وشاباته فمسنيه وتمسكهم بالثوابت الفلسطينية التي لا يحيد عنها مهما طال الزمن وغلت التضحيات أفقدت عدونا الصهيوني صوابه وعرت سلوك جيشه الذي مارسه ضد هؤلاء الأطفال بحرب تكسير العظام التي كشفت همجيته أمام العالم أجمع وباتت قوى الاستكبار العالمي ممثلة بأمريكا ومن يسيرون في فلكها للبحث عن مخرج يطفئ جذوة هذه الانتفاضة التي لم يتوقعوا حدوثها في هذا الزخم والعطاء من أطفال رفضوا العيش تحت حراب الاحتلال .. فكانوا أسود الوعى الذي قابل بالحجر والزجاجات الحارقة وبصدورهم العارية دبابات وآليات ورصاص جيش الاحتلال وعصاباته الاستخبارية .
كانت شرارتها الأولى قد اندلعت مساء الـ 8 من ديسمبر 1987، على إثر حادثة دهس سائق شاحنة صهيوني لمجموعة من العمّال الفلسطينيين أزهقت أرواح 4 منهم آنذاك على حاجز بيت حانون (إيرز)، شمالي قطاع غزة.
فكانت هذه الحادثة التي فجرت المرجل الفلسطيني الذي كان يغلي من شدة الغضب جراء سياسات سلطات الاحتلال العدوانية من حيث استمرارها في سرقة الأراضي، وبناء المستوطنات، وجباية الضرائب، ومواصلة اعتقال الفلسطينيين وقياداتهم ومحاصرة المدن والقرى، وما ميز هذه الانتفاضة الشجاعة أن الحجر فيها كان أحد أنواع الإبداع الفلسطيني في المقاومة كما كان حرق إطارات المركبات، أحد وسائل الاحتجاج التي استخدمت لتشويش الرؤية على الجنود من خلال الدخان الأسود الكثيف الذي شكّل حاجزا يعيق الرؤية... إلى جانب تمكنها من توحيد جموع الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة وفلسطينيي الداخل الفلسطيني القومية واليسارية والإسلامية ، حيث شاركوا جميعا فيها ، وشمول فعالياتها مختلف قطاعات الشعب وفئاته العمرية، واتسامها بالجرأة والتضحية والإصرار وكسر حاجز الرعب والخوف في مجابهة جيش الاحتلال وآلياته العسكرية.
بطبيعة الحال لاقت هذه الانتفاضة تأييد ومساندة عربية في شتى انحاء العالم العربي والعالم اجمع ولاقت من الدعم والمساندة من العراق في ظل حكمه الوطني الذي جرى التامر عليه رغم انشغاله في ذلك الحين بحرب دفاعا عن بوابة العرب الشرقية .. وما كان ليحصل ما يحصل من اقدام امريكا عبر صفقة تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب العربي في فلسطين .. لكن بهمة الشباب في فلسطين ستسقط المؤامرة وسيندحر الغزاة عن فلسطين وبمساندة الشباب العربي الثائر في العراق سيتحرر العراق وفلسطين من دنس الاحتلال .
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت