قراءة معمقة في كتاب ««صفقة القرن».. في الميدان»

بقلم: وسام زغبر

وسام زغبر
  • وسام زغبر
  • عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
  •  

صدر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف» في العاصمة السورية دمشق، ومركز الحرية للإعلام بقطاع غزة، كتاب جديد بعنوان ««صفقة القرن» في الميدان..» بطبعته الأولى في تشرين أول (نوفمبر) 2020 من تأليف اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لكل من نائب الأمين العام فهد سليمان، وعضوي المكتب السياسي معتصم حمادة وزياد جرغون، وعضو اللجنة المركزية سهيل الناطور، ويحمل الرقم (39) ضمن سلسلة «الطريق إلى الاستقلال» وهو الكتاب الثالث بعد صدور كتابي «في مواجهة صفقة القرن»، و«صفقة القرن في الميزان»، ويتألف من (251) صفحة ومن أربعة فصول إلى جانب المقدمة التي أسهبت في تسليط الضوء على عنوان الكتاب بأنه استكمال لعملية الاشتباك مع المشروع الأميركي بالسياسة والفكر باعتبارهما مرشدين للممارسة الميدانية، ودليل معرفة لاشتقاق المهام المطلوبة لإجهاض «صفقة القرن» وإفشال خطة الضم وتطبيقاتها على طريق دحر الاحتلال وتفكيك الاستيطان.

ويشير الفصل الأول المعنون بـ«ما قبل 28/1/2020» موعد الإعلان عن الشق السياسي لصفقة القرن، والذي يضم أربعة أبواب، أولاها «الانتخابات التي لم تحصل..»، حيث إعلان الرئيس محمود عباس من على منبر الأمم المتحدة (26/9/2019) عن الدعوة للانتخابات الرئاسية والتشريعية فور عودته لأرض الوطن ودون انتخابات المجلس الوطني، علماً أن هذا الإعلان لم يناقش في اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف ولا في اللجنة المركزية لحركة فتح، والذي تبين لاحقاً أن الإعلان جرى بعد انتقاد الرئيس عباس من دول الاتحاد الأوروبي قبيل زيارته للأمم المتحدة.

وتحت بند «المؤسسة الفلسطينية والحالة القانونية» يشير الكتاب إلى أن كافة مؤسسات النظام السياسي أصبحت أمراً واقعاً، بدءاً من المجلس الوطني كأعلى سلطة تشريعية الذي حل نفسه في دورته الأخيرة (2018) ليصبح المجلس المركزي صاحب الولاية والصلاحيات. فيما المجلس التشريعي الذي تعطل بعد الانقلاب في (14/6/2007) ليتبعه مرسوم رئاسي بحله بعد 11 عاماً استناداً للمحكمة الدستورية، ما أثار حفيظة قوى عديدة كون المجلس التشريعي لا يحل إلا بعد أداء أعضاء المجلس التشريعي الجديد اليمين الدستوري ما يفتح الباب أمام استعادة صيغته طالما لم تحصل انتخابات تشريعية جديدة.

وفيما يتعلق ببند «الدعوة للانتخابات» والذي أثار سجالاً حول شكل الانتخابات وأية انتخابات نريد، وهل انتخابات رئاسية وتشريعية معاً أو بالتوالي، وما هو مصير المجلس الوطني على اعتبار أن أعضاء التشريعي هم أعضاء بالوطني، والتي على أثرها دعت الجبهة الديمقراطية والشعبية وحماس لعقد حوار وطني شامل على أعلى المستويات برئاسة الرئيس عباس للاتفاق على آلية إجراء الانتخابات وتنظيمها وإزالة العراقيل من أمامها، إلا أن عباس كلف رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر (4/11/2019) بالاتصال مع القوى للتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية ويليها الرئاسية، ليتطرق البند الثالث لعنوان «أية انتخابات نريد؟» كون هذه الدعوة لم تكن الأولى بعد الانقسام، موضحاً أنه في عام 2009 صدر مرسوم رئاسي لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في (24/1/2010) والتي سرعان ما صدر مرسوماً آخراً بإلغائها جراء عدم الاتفاق بين طرفي الانقسام في فتح وحماس، أعقبه جولات من الحوار الوطني الشامل والثنائي ومنها اتفاق المصالحة الوطنية (2011) بالقاهرة، إعلان الدوحة (2012)، وبيان الشاطئ بين م.ت.ف وحماس (2014) أعقبه تفاهم فتح وحماس (25/8/2014) وتمخض عنه تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة رامي الحمد الله ومن ثم اجتماع الحوار الشامل بالقاهرة (22/11/2017) والذي أعقبه دعوة لجنة الانتخابات بالتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني بالتزامن في موعد أقصاه نهاية عام 2018 وتخويل الرئيس بتحديد موعد الانتخابات بعد التشاور مع القوى. حيث هناك معضلة للدعوات المتكررة للانتخابات وإلغائها إلى جانب إلغاء الانتخابات المحلية بقطاع غزة.

أما في البنود (4-5-6-7) عن مواقف الفصائل من الانتخابات ومنها الجبهة الديمقراطية التي رحبت بالدعوة للانتخابات في رسالة بـ(21/11/2019). حيث أن المرسوم الرئاسي ربط بين إجراء الانتخابات وضرورة إجراءها بمدينة القدس ورهن مرسومه بتحديد الموعد في حال موافقة إسرائيل، إلا أن الجبهة الديمقراطية ومعها قوى أخرى دعت لتحويل قضية القدس لمعركة سياسية وخوضها في الميدان وفي المحافل الدولية، وعدم ترك مسألة الانتخابات رهناً لنوايا الاحتلال، ليشق طريقه نحو البند (8) بـ«ماذا بعد؟» بعد رفض إسرائيل إجراء الانتخابات بالقدس وترجمت ذلك بالإعلان في (28/1/2020) عن الشق السياسي لـ«صفقة القرن» وفي (17/5/2020) شرعنت حكومة الثنائي نتنياهو- غانتس مخطط الضم، وصاحب ذلك اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة الفلسطينية في رام الله وبيروت وبيانه الختامي (3/9/2020)، واعقبه اجتماع اسطنبول ولقاء القاهرة، والذي لم يستكمل طريقه بعد عودة السلطة الفلسطينية لعلاقاتها مع إسرائيل أي إلى ما قبل (19/5/2020) بالعودة عن قرار التحلل من الالتزامات والاتفاقيات مع حكومة الاحتلال والولايات المتحدة.

المراجعة الشاملة لمجمل الحالة الوطنية

فيما عنون الباب الثاني بـ«في الانتخابات والمسار السياسي» والتي رأت فيه الجبهة الديمقراطية ببلاغها السياسي الصادر عن مكتبها السياسي في بداية (تشرين ثان 2019) أن الدعوة للانتخابات من شأنها فتح الطريق للعودة للحوار الوطني الشامل بمستوى مقرر وتشكل خطوة نحو إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية، ليشق طريقه نحو «المسار السياسي للقضية الفلسطينية» أمام خطر «صفقة ترامب-نتنياهو» التي تهدد المصالح والحقوق الوطنية لشعبنا وشعوب المنطقة، ليضع السلطة الفلسطينية أمام استحقاق الانتقال من رفض الصفقة كلامياً إلى خطوات عملية ملموسة للمواجهة عبر تطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني صاحبة القرارات التي ليست بحاجة لآليات وخطط وخطوات متدرجة لإنجازها بل تقتصر على إعلانات سياسية رسمية مثل وقف التنسيق الأمني، ليتطرق إلى الانفكاك الاقتصادي والمواقف الارتجالية لحكومة السلطة وافتقارها لإستراتيجية وطنية لتعبئة المجتمع وتسليحه بقرارات عملية ملموسة تلحق الضرر بالاحتلال، موضحاً طريق الانفكاك الاقتصادي.

 وفيما يتعلق ببند «اللاجئون ووكالة الغوث وحق العودة» تطرق الكتاب للحرب العدوانية الأميركية- الإسرائيلية على اللاجئين والمس بحق العودة عبر نزع الصفة القانونية عن ملايين اللاجئين، وفرض الحصار المالي على وكالة الأونروا، أمام تلك الحرب يتطلب من دائرة شؤون اللاجئين في م.ت.ف تبني برامج تنموية وخدماتية وإقرار موازنات مالية في كافة مخيمات اللاجئين وخاصة في لبنان وسوريا، كما يتطلب استنهاض حركة اللاجئين ورفدها بالقوى والنقابات والمهنيين والمثقفين.. الخ وتسليحها بالخطط والبرامج دفاعاً عن حق العودة وإدامة خدمات الأونروا، وهذا يدفع الدول الأوروبية والأميركيتين لدعم مادي وسياسي لمخيمات اللاجئين. استكمالاً للبند السابق في عنوان «الجاليات الفلسطينية في بلدان الهجرة واللجوء» جرى التأكيد على وحدة الجاليات الفلسطينية في أطر ديمقراطية وائتلافية بعيداً عن كل أشكال الهيمنة والتسلط على الحركة الشعبية، وعلى قاعدة التمييز بين الوحدة الوطنية التي تصون حقوق شعبنا، وبين الوحدة الشكلية التي تصادر إرادة الحركة الشعبية.

فيما أشار الكتاب إلى عنوان «العلاقات الوطنية والأوضاع في م.ت.ف» للتراجع في دور اللجنة التنفيذية المنتخبة في دورة المجلس الوطني الأخيرة (2018) والتي تحولت لهيئة استشارية لا تؤخذ بقراراتها، إلى جانب اللجوء للمراسيم الفوقية في معالجة الشأن العام، وكذلك محاولات تهميش الاتحادات الشعبية في بعض الفروع والأقاليم وتعطيل مؤتمراتها، وتسليط الضوء على سياسة الحصار المالي على الحقوق المالية المشروعة للجبهتين الديمقراطية والشعبية في الصندوق القومي للمنظمة في انتهاك لقرارات المجلسين المركزي والوطني وقواعد العلاقات الائتلافية ومبادئ الشراكة الوطنية.

فيما عرج الكتاب في البند السابع على الأزمة الإسرائيلية وأداء القائمة المشتركة ليرتبط مع الباب السادس في الفصل الثاني في الإشارة لانتخابات البرلمان (الكنيست) الإسرائيلي الـ23 وتجدد حالة الاستقطاب الحاد في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي مع تبلور قطبين متصارعين وخلق منافسة حادة بين القوائم الانتخابية بعددها الـ29، والذي أعطت نتائجها صعوبة في تشكيل الحكومة الإسرائيلية لمرتين متتاليتين خلال عام 2019، قبل أن تتشكل في المرة الثالثة عام 2020 بعد استغلال نتنياهو وباء «كورونا» لتشكيل حكومة طوارئ بقيادته مع غانتس (عن قائمة كاحول لافان) والتي أعطت الصلاحية لنتنياهو الحق في فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات ومناطق واسعة في الضفة الفلسطينية وعدم تعديل «قانون القومية». هذه المعطيات توحي وجود مشكلة في النظام السياسي الإسرائيلي أمام التحولات الاجتماعية والاقتصادية لدولة الاحتلال، والذي لم تستفد منها الحالة الوطنية الفلسطينية، كما عرج لأداء القائمة المشتركة التي قدمت القضية القومية للشعب الفلسطيني في إسرائيل للرأي العام بما يصون وحدة شعبنا وحقوقه الوطنية وربطها مشاركتها في أي ائتلاف سياسي بين الحقوق السياسية والمجتمعية لأبناء شعبنا في إسرائيل والحقوق الوطنية لشعبنا بالضفة الفلسطينية وقطاع غزة. كما سلط الكتاب على الحراك الديمقراطي للشعوب العربية بما يكفل لها الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة.

أما الباب الثالث المعنون بـ«في العلاقات الوطنية إما مشاركة حقيقية أو معارضة مسؤولة» تطرق للهجمة الأميركية التي أدخلت القضية الوطنية لمرحلة خطيرة، فيما تزال القيادة الرسمية الفلسطينية في سياسة التردد والانتظار والرهانات الخاسرة واكتفت بالدعوة لاحتجاج شعبي دون التحرك نحو وقف التنسيق الأمني وخطوات أخرى، ويسلط الضوء على موقف الجبهة الديمقراطية في مسألة العلاقات الوطنية كما أبلغته لحركة فتح في اجتماع قيادي بينهما في (19-20/11/2019) الذي أكد على الشراكة الوطنية والتمسك باستقلالية القرار الوطني وعلى البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يكفل إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران 1967 وضمان عودة اللاجئين لديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفق القرار الأممي 194.

نحو إستراتيجية المواجهة الشاملة

ويشير الكتاب لإيلاء الجبهة الديمقراطية أهمية الدعوة للانتخابات العامة كطريق نحو تصويب الوضع الداخلي الفلسطيني، ومخرج من دوامة تعثر عملية إنهاء الانقسام، وهذا يدفع للبدء بالحوار الوطني الشامل على مستوى مقرر للتوصل لتوافق وطني حول شروط إجراء الانتخابات وتوفير ضمانات نزاهتها واحترام نتائجها. فيما أجرى العنوان الرابع «في المشهد السياسي الفلسطيني.. الانتخابات، النظام السياسي، إستراتيجية المواجهة» مراجعة شاملة لمجمل الحالة الوطنية، والتي تتطرق للانتخابات الشاملة كونها أحد المخارج الرئيسية للخروج من الأزمة البنيوية التي تواجه المشروع الوطني والحالة الوطنية الفلسطينية تحت وطأة استحقاقات اتفاق أوسلو وتداعيات الانقسام. وتدفع الانتخابات نحو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الذي انتقل من نظام ديمقراطي رئاسي- برلماني لنظام رئاسي محض يدير الشأن العام بسلطة المراسيم. لذلك أية انتخابات تجرى دون انتخابات المجلس الوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل تبقى خطوة منقوصة. وهذا يتطلب من القوى الوطنية إزالة العقبات التي تعترض طريق إجراء الانتخابات، رغم إدراكنا أنه لا عقبات عملية أمام الانتخابات سوى الاحتلال الذي سيعطلها في القدس، وهذا يدفع حماس وفتح للابتعاد عن تسميم الأجواء كون التعطيل الإسرائيلي يدفع نحو خوض أوسع اشتباك ميداني وسياسي وتصعيد المقاومة الشعبية الشاملة. فالحاجة تدفعنا لبناء المؤسسات الوطنية بالتوافق الوطني بمشاركة كافة القوى.

وتطرق الكتاب لبند معنون بـ«صفقة ترامب- نتنياهو» الذي أشار إلى أن الصفقة تسير على مسارين أحدهما إقليمي وآخر فلسطيني، مع تغليب المسار الإقليمي بادعاء وجود مصالح مشتركة بين إسرائيل والأنظمة العربية لمواجهة إيران. لذلك ليس مستغرباً ولادة الصفقة في الرياض (أيار 2017) بحضور 50 دولة عربية ومسلمة، وبذلك تصبح القضية الفلسطينية العقبة في طريق تقدم الحلف الإقليمي. وبالمناسبة الصفقة هي أفكار ومشاريع إسرائيلية بالأساس تضمن إقامة حكم ذاتي محدود على الشعب دون الأرض في ظل سيطرة إسرائيلية كاملة مقابل سلسلة مشاريع تنموية. فهي ليست مشروعاً للتفاوض بل للبحث في آليات تطبيق هذه الإملاءات، لذلك من العبث الدعوة لإطلاق المفاوضات كخيار وحيد يضعف الجسم الفلسطيني ويربك الحالة الداخلية ويعيق نهوض الحركة الجماهيرية ويمنح الطرف الإسرائيلي مزيداً من الوقت لاستكمال المشروع الاستعماري. فالحل المطلوب هو إنهاء الانقسام والخروج من اتفاق أوسلو ومغادرة إستراتيجية المواجهة الإعلامية نحو المواجهة الشاملة في الميدان ضد الاحتلال والاستيطان والضم، وفي المحافل الدولية، بما يفتح الباب أمام تطبيق مخرجات اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة (3/9/2020).

فكل ما سبق يعزز الثقة بين الحركة الجماهيرية والمؤسسة الوطنية بما يفتح الباب لإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني والموقع التمثيلي لـ م.ت.ف، وإعادة تقديم الحالة الوطنية باعتبارها حركة تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال، وبما يضمن إعادة تموضع دولة الاحتلال باعتبارها دولة استعمار استيطاني، وإعادة بناء العلاقات مع الأحزاب والقوى الشعبية العربية والدولية وقطع الطريق على صفقة القرن، ووضع الحالة العربية الرسمية أمام استحقاقات قومية تملي عليها تقييم مواقفها من القضية الفلسطينية والمشاريع التصفوية المطروحة بشأنها.

حيث اتسم أداء القيادة الرسمية بضعف الإرادة السياسية والارتجال بقرارات غير مدروسة مثل عدم تسلمها أموال المقاصة في (شباط 2019) و(أيار 2020) احتجاجاً على اقتطاع إسرائيل ما يعادل رواتب الأسرى والشهداء، والتجربة الأخرى توقف السلطة عن استيراد اللحم الحي (العجول) عام 2016، والتي سرعان ما تراجعت عنه السلطة في التجربتين، لتعطي انطباعاً لصعوبة التحرر من إملاءات بروتوكول باريس الاقتصادي.

««صفقة القرن».. المعركة الفاصلة مع المشروع الصهيوني»

ويشير الفصل الثاني المعنون بـ«ما بعد 28/1/2020» من ستة أبواب، أولاها عبارة عن قراءة في «صفقة القرن» بعنوان «صفقة لتصفية القضية الوطنية» من إعداد دائرة شؤون المفاوضات في م.ت.ف والتي تتضمن التطبيق العملي لـ«رؤية ترامب- نتنياهو» وتضم العناوين التالية، استمرار الاحتلال الاستعماري بموافقة فلسطينية، القدس عاصمة موحدة غير مقسمة لدولة إسرائيل، ضم الأغوار ومناطق المستوطنات ومناطق الحرام في القدس واللطرون، تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، مساحة وجغرافية الدولة الفلسطينية المزعومة، إنهاء كافة المطالبات المتعلقة بوضع اللاجئ أو الهجرة، فيما تستند فلسفة الخطة، أن أرض فلسطين التاريخية هي «أرض إسرائيل» الوطن التاريخي للشعب اليهودي فيما الشعب الفلسطيني وجوده طارئ على هذه الأرض، وأي تسليم بأي حق من حقوق الفلسطينيين هو تنازل إسرائيلي، فيما حرب عام 67 هي حرب دفاعية، وأن الصراع الفلسطيني لا يحل بالقرارات الدولية بل بالتفاوض والاتفاق بين الطرفين، وعرجت على مفهوم الإملاءات والشروط الإسرائيلية.

وحاول الباب الثاني عمل إضاءة على صفقة القرن باعتبارها «المعركة الفاصلة مع المشروع الصهيوني» في بعدين متلازمين، أحدهما فلسطيني والآخر عربي وإقليمي وضرورات المواجهة للبعدين معاً. حيث يتطرق الكتاب للبعد الفلسطيني في إقامة معازل في إسرائيل الكبرى والتي ترمي لتأبيد بقاء الشعب الفلسطيني أسيراً لرباعية المشروع الصهيوني (الاحتلال + الاستيطان + التطهير العرقي والفصل العنصري + إعدام الهوية السياسية)، وخطوات إدارة الرئيس الأميركي ترامب المحدودة في الإفراج عن فصول الصفقة قبل الإعلان عن شقها السياسي مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (6/12/2017) ونقل السفارة الأميركية للقدس، وشطب ملف اللاجئين وحق العودة، واعتبار المستوطنات لا تتعارض مع القانون الدولي (18/11/2019)، وشرعنة بضائع المستوطنات إلى اعتبار اليهودية قومية رسمية (11/12/2019) أي الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، دون الإغفال عن ورشة البحرين (25-26/6/2019) التي جرى فيها الإعلان عن الشق الاقتصادي للصفقة. إذن الصفقة تهدف لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني وابتلاع نصف مساحة الضفة استيطاناً وضماً وإلحاقاً.

بالإشارة للعرض المقدم للفلسطينيين وفق الصفقة هو كيان فلسطيني غير متواصل المساحة، ومتصل الأجزاء بمرافق البنية التحتية على أقل من 15% من مساحة فلسطين التاريخية وبدون حدود خارجية معابره تحت السيادة الإسرائيلية ودون العاصمة القدس ودون عودة اللاجئين، إلى جانب مطالبة الفلسطينيين بالتخلي عن روايتهم التاريخية لصالح أساطير توراتية والاعتراف بيهودية الدولة مشروع «إسرائيل الكبرى». ويعرج الكتاب إلى البعد العربي والمتمثل بالتطبيع والذي يتقدم على المسار الفلسطيني للضغط عليه وبما يلبي المصالح الاستراتيجية العليا لإسرائيل والولايات المتحدة تحت حجة مواجهة مخاطر تمدد نفوذ إيران في الإقليم.

ويوضح الكتاب أن مواجهة الصفقة يتطلب الوحدة الوطنية كون غيابها دفع الولايات المتحدة وإسرائيل لإطلاق الصفقة، ما يتطلب إبراز عناصر القوة المتاحة فلسطينياً وهي، الوحدة الداخلية + المواجهة الميدانية + الثوابت الوطنية + سند إقليمي + علاقات دولية مع الكبار.. الخ، وكل ما سبق يتطلب امتلاك الإرادة السياسية أمام اسناد الشارع العربي للقضية الوطنية وتصدي المجتمع الدولي للصفقة التي تقوم على نسف قرارات الشرعية الدولية. وهذا يدفعنا نحو عنوان المواجهة الشاملة لصفقة القرن وإلحاق الهزيمة بها من خلال الوحدة الداخلية والخروج من اتفاق أوسلو والتعبئة الشاملة لفتح الطريق أمام استعادة الوحدة الوطنية وأولوية المواجهة السياسية للصفقة من خلال تنفيذ اللجنة التنفيذية لقرارات المجلس الوطني (2018) والمتمثلة بإنهاء عمل المرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو بكافة التزاماته، وتعليق الاعتراف بإسرائيل، وإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على كامل أراضيها المحتلة بعدوان 67 بعاصمتها القدس، واستعادة صيغة الحكومة الفلسطينية الواحدة مع تدرج توحيد الوزارات والإدارات بجداول زمنية وصولاً لتوحيدها كاملاً، وتوحيد الأجهزة الأمنية دون المساس بسلاح المقاومة وأذرعها التي تشكل غرفة العمليات المشتركة مرجعيتها، إلى جانب توسيع عضوية المجلسين المركزي والوطني بمشاركة كافة القوى وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة ذات تمثيل شامل، وكذلك وقف التنسيق الأمني فوراً والخروج المتدرج من بروتوكول باريس الاقتصادي.

ويلفت الكتاب إلى هذه الفرصة الأخيرة للمشروع الصهيوني لإقامة «دولة إسرائيل الكبرى» ما يستدعي أمام الفلسطينيين إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني والتحالف الأميركي- الإسرائيلي.

الضم والتطبيع محورا الصفقة

فيما يشير الكتاب في بابه الثالث بعنوان «الضم أعلى مراحل الاحتلال الإسرائيلي» معرجاً على النكبة ومساراتها وصولاً للصفقة لما تمثله القضية الفلسطينية باعتبارها المحور الرئيسي في حدود الصراع العربي- الإسرائيلي لتتحرك الصفقة من المحور الفلسطيني نحو المحور الإقليمي من خلال التطبيع واستتباع المنطقة وخيراتها للتحالف الأميركي- الإسرائيلي بما فيها التحالف الأمني تكون إسرائيل حليفة في مواجهة قوى المقاومة في الميدان والقوى العربية اليسارية والوطنية والقومية، وهذا يفتح أمام تلك القوى والدول والشعوب العربية لخوض نضالها لمواجهة الصفقة. ليلفت الكتاب أن الصفقة ومحورها الفلسطيني وهو «الضم» والذي انتقل الاحتلال في استراتيجيته من احتلال استيطاني (10% من مساحة الضفة) لاستعمار استيطاني (ضم 30% من مساحة الضفة) لقيام «دولة إسرائيل الكبرى»، وهذا يدفعنا للقول إن «القضية الفلسطينية دخلت مرحلة الضم الفعلي كون الشق السياسي للصفقة يتبنى الضم، وحكومة الثنائي نتنياهو-غانتس تتبنى الضم أيضاً في لجنة ثنائية مع الإدارة الأميركية»، رغم أن مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي أكدا رفضهما للضم وحذرا إسرائيل بإجراءات بحقها في حال تنفيذه، فضلاً عن رفض الدول العربية والمسلمة وباقي أطراف المجتمع الدولي. لذلك نقول إن «الضم لا يساوي الاحتلال بل هو في أعلى مراحله وأكثرها خطورة» وهذا يطرح مرتكزات الرد العملي على الضم ضمن برنامج المواجهة الوطنية الشاملة -أمام سياسة التردد والتلكؤ للقيادة الفلسطينية لمواجهة الضم- والمتمثلة بتطبيق قرارات المجلس الوطني (الدورة 23 في عام 2018) والمركزي (الدورة 28 في عام 2018) بالخروج من اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي ومد الولاية القانونية لدولة فلسطين على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، بما يفتح الباب أمام تدويل الصراع بنقله نحو الأمم المتحدة، وهذا يدفعنا نحو وضعنا الداخلي في صون موقع م.ت.ف وإخراجه من دائرة التهميش وتعديل وظائف السلطة ودورها في خدمة المجتمع الفلسطيني وتوفير عناصر صموده ما يتطلب إنهاء الانقسام وإعادة بناء وتطوير واستنهاض كافة المؤسسات الوطنية بما يعزز موقع المنظمة التمثيلي وإعادة الاعتبار للبعد الإقليمي والعربي للقضية الفلسطينية والتي تقوم على برامج وقواسم ومساحات نضال مشتركة على قاعدة الالتزامات المتبادلة، مع التأكيد على أن الشعب الفلسطيني طرف أصيل ومكون أساسي لجبهة المقاومة العربية الشاملة.

ومن الواضح أن أبواب الكتاب مترابطة مع بعضها البعض، حيث الباب الرابع يستكمل خطواته بعنوان «المواجهة الوطنية لإفشال مشروع ترامب وإسقاط مخطط الضم» بالإشارة إلى ردة الفعل الفلسطينية التي تمثلت بخطوة القيادة الرسمية في (19/5/2020)، والتي حملت إجراءً تكتيكياً رغم أهميته دون البناء على استراتيجية وطنية للمواجهة تنفيذاً لقرارات المجلسين المركزي والوطني كثغرة أولى، فيما الثغرة الثانية أن الحديث عن تطبيق قرار (19/5) وفق مفهوم «الرزمة الكاملة» لا يعبر «السقف العالي للقرار» كما توحي السلطة بذلك، فليس صحيحاً أن أموال المقاصة هي ركيزة بروتوكول باريس بل أن جوهره هو «الغلاف الجمركي الموحد» الذي يسمح باستباحة السوق الفلسطينية وإغراقها بالبضائع الإسرائيلية. فالجبهة الديمقراطية دعمت القرار (19/5) ودعت للنضال من أجل تطويره في استراتيجية وطنية شاملة قوامها تنفيذ قرارات المجلس الوطني وتوفير مقومات نجاح هذه الاستراتيجية بإنهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية في إطار م.ت.ف وتعزيز صمود المجتمع الفلسطيني بسياسة اقتصادية- اجتماعية. وهذا دفع الجبهة الديمقراطية للتوقف أمام عنوان عريض «استئناف المفاوضات والرباعية الدولية» أشارت فيه لرسالة السلطة للرباعية الدولية واستعدادها للمفاوضات شرط إلغاء الضم والتي حملت تنازلات تفاوضية بالتنازل عن شرط «وقف الاستيطان، والاعتراف بضم جزء من القدس عاصمة لإسرائيل، وشطب حق العودة، والقبول بدولة فلسطينية منقوصة السيادة، وترتيبات أمنية..» فضلاً عن إعادة إحياء الرباعية الدولية.

البرنامج المرحلي، برنامج الانتفاضة الشعبية الشاملة

هذا يفتح الباب على مصراعيه نحو ضرورة إصلاح النظام السياسي مؤسساتياً وتطويره برنامجياً في ظل ما يتعرض له البرنامج الوطني «البرنامج المرحلي» من تشويه لتبرير الحلول الأخرى، لجهة تفعيل المواجهة بخطوات عملية عبر التحرر من أوهام الانتقال من السلطة إلى الدولة في ظل الاحتلال، وإعادة تعريف المرحلة بأنها «مرحلة تحرر وطني للقضية الفلسطينية»، وإلغاء اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي والتحرر من قيودهما، وإعادة تعريف العلاقة مع دولة الاحتلال باعتبارها دولة معادية يتطلب التخلص من أوهام الشراكة معها في السلام.

فيما يلفت الكتاب إلى أن البرنامج المرحلي وفق ما أقرته المؤسسات الوطنية ما زال هو برنامج الإجماع الوطني الذي أثبت راهنيته في ظل فشل مشروع اتفاق أوسلو وافتقار المشاريع البديلة إلى عناصرها وروافعها. حيث أن راهنية البرنامج المرحلي تقوم على 5 مواضيع تضمن الفوز بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والذي يتطلب مرحلياً تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، وإقرار حق العودة للاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفق القرار 194، وضمان حق المساواة في حقوق المواطنة لجماهير الشعب الفلسطيني داخل أراضي الـ48 والاعتراف بهويتهم القومية كجزء من الشعب الفلسطيني، بما يفتح الطريق نحو الحل الجذري للمسألة الوطنية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على كامل ترابه الوطني بكامل حقوقه القومية في ظل فلسطين ديمقراطية موحدة ومتحررة من الصهيونية والنفوذ الامبريالي يتعايش فيها الشعبان على أساس من المساواة القومية وبعيداً عن أشكال التمييز والاضطهاد العنصري والقومي والديني. حيث أن البرنامج المرحلي ما زال هو برنامج الانتفاضة الشعبية الشاملة باعتبارها الشكل المميز من أشكال حرب الشعب ودون أن تنتقص من أشكال النضال الأخرى. ولا يفترض البرنامج المرحلي ولا يعتمد من أجل تحقيق أهدافه على التسوية السياسية عبر المفاوضات دون استبعادها عند توفر نسبة قوى توفر شروطاً لتحقيق أهداف النضال الوطني التحرري، حيث ما حققه البرنامج المرحلي من نجاحات في بلورة الكيانية الفلسطينية واعتراف المجتمع الدولي بالحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، والبديل الوحيد كما تقدمه الشرعية الدولية في مواجهة صفقة القرن ومشروع الضم وتطبيقاتهما، وهذا يتطلب استعادة م.ت.ف لدورها من خلال تعزيز مكانتها السياسية والقانونية في واقع تشكيلها الجامع من خلال الانتخابات الشاملة كمدخل لإجراء الإصلاح الديمقراطي لكافة المؤسسات الوطنية ومنها استعادة مؤسسة الصندوق القومي والدائرة السياسية لدورهما وبما يفتح الباب أمام استنهاض الاتحادات الشعبية ودائرة التنظيم الشعبي في المنظمة من خلال دمقرطتها بالتمثيل النسبي الكامل.

ويشير الكتاب إلى رؤية الجبهة الديمقراطية لإصلاح أوضاع م.ت.ف ربطاً بالبرنامج المرحلي والذي يتطلب إعادة النظر في دور السلطة ووظائفها في معركة المواجهة الشاملة، وكذلك أوضاع المجلس المركزي من حيث تركيبته وآلية انعقاده وعلاقته باللجنة التنفيذية كمرجعية لها باعتبارها الحكومة الفلسطينية في المنفى. وحول العلاقة مع الـ48 يتطلب قراءة الوضع المستجد سياسياً بالبحث في العمل المشترك لتوحيد الشعب الفلسطيني في نضالاته في جناحي الوطن (48 + 67) وفي الشتات للوصول لصيغ تمثيل جديدة تكون م.ت.ف إحدى ركائزها وبما يشق الطريق نحو المعركة المفتوحة للاجئين في الدفاع عن حق العودة، وبناء جبهة مقاومة رئيسية عنوانها الأسرى في سجون الاحتلال ومخيمات اللاجئين والقدس والبلدات العربية في مناطق الـ48 التي تواجه خطر وباء كورونا.

ويتطرق الباب الخامس لانعكاسات خطة الضم على الاقتصاد الفلسطيني في الأغوار والتي تضم (43) قرية وتجمع فلسطيني في عدة محافظات بالضفة يعيش فيها (106) ألف فلسطيني ويسيطر المستوطنون على (27) ألف دونم من الأراضي الزراعية من أصل (280) ألف دونم (38.9% من مساحة الأغوار البالغة 720 ألف دونم) إلى جانب سيطرة الاحتلال على (400) ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة. حيث أن الأغوار تمثل سلة فلسطين الغذائية وأماكن استثمارات ووجود مقالع الحجر والرخام تدر مليارات الدولارات، ناهيك عن ذلك حرمان الفلسطينيين من استغلال أرضهم ومواردهم.

ويتضمن الفصل الثالث من الكتاب المعنون بـ«اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وسوريا واستهداف حق العودة»، خمسة أبواب إلى جانب المقدمة والخاتمة من صفحة 155-178 في إطلالة على ورقة بحثية لـ«سهيل الناطور» قدمت لندوة نظمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية في مدينة لارنكا القبرصية في (10-11/5/2019) بعنوان «ماهية المشروع الوطني»، والذي شكل حق العودة للاجئين هدفاً لامتشاق السلاح في مرحلة العمل الفدائي الذي بدأ مع إعلان انطلاق الثورة الفلسطينية في (1/1/1965)، والذي نما بقوة بعد هزيمة حزيران 1967، والذي على إثره حملت م.ت.ف المشروع الوطني الفلسطيني لإنهاء احتلال الضفة والقدس وقطاع غزة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين وفق القرار 194. هذا النضال الوطني ترافق مع حراك شعبنا الفلسطيني في أراضي الـ48 للنضال من أجل المساواة القومية وحقوق المواطنة، ورفض التمييز والاضطهاد العنصري، ما جعل م.ت.ف مقبولة فلسطينياً وعربياً ودولياً، ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وعرج الكتاب على المخاضات التراجعية التي أصابت المقاومة الفلسطينية والإشارة لحالة النهوض خلال فترة الانتفاضة الوطنية الكبرى. كما أشار إلى المخاوف المتزايدة في صفوف اللاجئين بعد ارتفاع وتيرة المستوطنات وسياسة إدارة ترامب سواء تجاه القدس أو قضية اللاجئين إلى جانب إصرار القيادة الفلسطينية على اعتماد نهج المفاوضات كخيار وحيد رغم المطالبات بتبديل تلك السياسة كما أقرتها المؤسسات الرسمية في المجلسين الوطني والمركزي والتي تطالب بدمقرطة المؤسسات عبر الانتخابات والتي لم تتحقق أياً منها.

لاجئو فلسطين بلبنان وسوريا في مواجهة المشاريع الأميركية

وأطل الكتاب في بابه الثاني على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وواقعهم الهش في ظل عشرات القوانين والمراسيم المتعلقة بهم التي خلقت فراغاً قانونياً. وكذلك مبالغة السلطات والشعب اللبناني في تخوفاتهم من مشاريع التوطين ما أدى لحرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من حقوقهم الإنسانية والاجتماعية. فأعداد الفلسطينيين في لبنان تعد مسألة ذات حساسية سياسية داخلية، فوكالة الأونروا تسجل (555.470) لاجئ، الجامعة الأميركية قلصت عدد اللاجئين لـ(250) ألفاً، السلطة الفلسطينية وجهازها الإحصائي المركزي قدرت عددهم بـ(174.422) لاجئاً في لبنان. فالأوضاع الحياتية والمعيشية الصعبة في لبنان وغياب برامج الدعم والإسناد من قبل م.ت.ف انعكس سلباً في تعبئة اللاجئين الفلسطينيين وانخراطهم في العمل السياسي، ليتشابك مع الباب الثالث حيث أن السلطات اللبنانية المتعاقبة لم تمنح اللاجئ الفلسطيني في لبنان سوى حق الإقامة تحت ذريعة عدم سيادتها على المخيمات، بل تجاوزت ذلك في منع إدخال مواد البناء للمخيمات، ومنع المواطنة اللبنانية المتزوجة من فلسطيني من منح الجنسية لأبنائها تحت مخاوف المساهمة في التوطين، ولينتقل ذلك إلى عدم الاعتراف بقانونية نحو (6000) لاجئ فلسطيني من فاقدي الأوراق الثبوتية.

أما الباب الرابع ينظر لواقع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا البالغ عددهم (528.111) نسمة بمنحهم كامل الحقوق مع الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية، ولكن هذا الحال تزعزع بفعل الحرب السورية ودمرت بعض المخيمات ونزح عشرات الآلاف منهم لخارج المخيمات أو خارج سوريا بحثاً عن العمل، ما دفع الاونروا لتوفير الدعم لهم إلى جانب الحكومة السورية أمام تقصير القيادة الرسمية الفلسطينية. فالمهمة الرئيسية هي استعادة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى ما قبل الأزمة السورية. فيما يسلط الباب الخامس على استهداف قضية اللاجئين وحق العودة بعدد من المشاريع الأميركية التي طرحت تعريف اللاجئ بمن غادر فلسطين عام 48 دون أولادهم وحصرهم بـ(60) ألفاً، إلى جانب وقف الدعم المالي الأميركي للأونروا المقدر بـ(365) مليون دولار ما سبب عجزاً مالياً لوكالة الغوث أمام التزام الجامعة العربية بتمويل موازنة الأونروا بنسبة (7.8%) لإبقاء مسؤولية المجتمع الدولي عن النكبة.

نضالات الشيوعيين في فلسطين

فيما عرج الفصل الرابع على تاريخ الحركة الشيوعية في فلسطين للمؤرخ الفلسطيني ماهر الشريف والذي يضم 5 أبواب وتشمل الحزب الشيوعي الفلسطيني وكيفية تشكيله والشروط التي فرضها قيادة الأممية الشيوعية «الكومنترن» وإسهاماتها بتشكيل الحزب الشيوعي، وكيفية التغلغل بالجماهير العربية والانخراط في النضال الوطني التحرري وإقامة علاقات وثيقة مع الحركة القومية العربية التحررية مع الإشارة لصحافة الحزب بلغتها السلسة للوصول للفلاحين والعمال ونشر الوعي بينهم. فيما يعرج على نضالات الشيوعيين الوطنية والاجتماعية في العشرينيات وموقفهم من الحركة الصهيونية ومشروعها والاستعمار البريطاني والمطالبة باستقلال فلسطين ورؤيتهم للبرلمانات التمثيلية المعبرة عن إرادة الشعب كونها الخطوة الأولى للاستقلال السياسي.

فيما يشير الكتاب إلى دفاع الحزب الشيوعي الفلسطيني عن المصالح الطبقية للعمال العرب واليهود ودعوتهم للتوحد من أجل حقوقهم الاجتماعية، وسلخ العمال اليهود عن الحركة الصهيونية ومنعهم من إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وأهمية الإضراب لتحقيق مطالب العمال وتشجيع العمال العرب للانضمام لاتحاد نقابات العمال اليهود «الهستدروت» وتحويلها إلى منظمات أممية. وتطرق الكتاب لعلاقة الشيوعيين في فلسطين مع نظرائهم في سورية ومصر ومساهماتهم في توحيد المجموعة الشيوعية العربية ونسج علاقاته مع الحزب الشيوعي المصري وربطه مع «الكومنترن».

وأشار الكتاب لهبة البراق وتكريس سياسة التعريب والتي أوجدت خلافات بين الحزب الشيوعي الفلسطيني و«الكومنترن» وطلبت الأخيرة من الحزب الشيوعي الفلسطيني توضيح موقفه من شعار التعريب «أي أن كافة أعضاء الحزب متساوون يهوداً وعرباً». فيما تطرق الكتاب لدور الحزب الشيوعي في الثورة الفلسطينية الكبرى ومخرجات المؤتمرين السادس والسابع لـ«الكومنترن» وطرح جبهة شعبية موحدة معادية للفاشية والنازية والتي تبنتها قيادة الحزب الشيوعي بعد اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى للنضال ضد الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية، والإشارة إلى حل «الكومنترن» وتأثيره على الشيوعيين العرب وتشكيل عصبة التحرر الوطني في فلسطين وطرح برنامجها السياسي الذي يحمل القواسم المشتركة في مرحلة التحرر الوطني ورفع شعار «الدولة الديمقراطية» بحق الشعب الفلسطيني في «تقرير المصير وقيام دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية لكافة مواطنيها من العرب واليهود مع ضمان الحقوق المدنية والحريات الديمقراطية للسكان اليهود فيها»، وموقفها من الحركة الوطنية العربية في فلسطين، وقرار التقسيم، والإشارة أيضاً لبقاء الحزب الشيوعي الفلسطيني على أعضاءه اليهود إلى نشوء الحزب الشيوعي الإسرائيلي عام 1948 وتمثيله في البرلمان (الكنيست) الإسرائيلي إلى الانقسام في الحزب الشيوعي الإسرائيلي لتتشكل القائمة الشيوعية الجديدة (راكاح)، وعلاقة (راكاح) مع م.ت.ف والاعتراف بها ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني ورفض يهودية إسرائيل والتأكيد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفق القرار 194 وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، وتشكل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة «حداش» من «راكاح» وقوى عربية ويهودية. ومن ثم الانتقال لحزب الشعب الفلسطيني ونضالاته في الضفة وغزة في إفشال إلحاق الضفة لشرقي الأردن، ومقاومة مشاريع التوطين وإقامة دولة فلسطينية وفقاً لقرار التقسيم الدولي رقم 181 وحق العودة وفقاً لقرار 194، والإشارة إلى إعادة تأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 82 إلى إعادة تأسيس حزب الشعب الفلسطيني عام 91 ومشاركتهم في القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، وصولاً إلى الحل الديمقراطي للقضية الفلسطينية وفق تصور إميل توما والربط بين النضالين السياسي والاقتصادي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت