- د. خالد معالي
ما الذي يحصل داخل دولة الكيان الاحلالي"الاسرائيلي" الاحتلالي، من انشقاق عضو الكنيست"جدعون ساعر" من حزب الليكود؟! هل هو يصب في صالح دولة الاحتلال وثباتها في قوتها وسيطرتها؟! ام يصب في سرعة انهيارها، ليكون هذا الانشقاق مسمار آخر في نعش دولة الاحتلال.
ترى هل الانشقاق جاء بعد ضجر حزب الليكود بطول زعامة وتصدر "بنيامين نتنياهو" للمشهد السياسي، واشتداد التفاف حبل الفساد حول عنق "نتنياهو"؟! أم هو مجرد تغيير عادي وطبيعي عادة ما يحصل في دولة الاحتلال، وبالتالي هو اصلا يقوي الرأي العام حول دولة الاحتلال من انها دولة "ديمقراطية " وسط غابة من الوحوش العرب، كما يزعم قادة ومفكري الاحتلال دوما، وهو ما كرره "نتنياهو" ايضا في لقاءات عديدة.
هل وصل قادة حزب الليكود لقناعة انه يجب التضحية ب"نتنياهو" بعد ان طوقته ملفات الفساد وطول فترة قيادته لرئاسة الحكومة "الاسرائيلية مرى تلو اخرى، أم ان الليكود سيخرج من هذه المرحلة سليما معافى؟!
الثعلب "جدعون ساعر" راقب كل هذه التحولات وانتظر الفرصة المناسبة وانقض على فريسته، واعلن انشقاقه وتأسيسه لحزب جديد تشير الاستطلاعات لزيادة رصيدة من مقاعد الكنيست يوما بعد يوم، ليكون ماكرا جدا وقد يتفوق مكره على مكر سيده "نتنياهو"، فالاثنين من نفس المدرسة الماكرة وشديدة الدهاء.
حتى الان يتمسك حزب الليكود ب"نتنياهو" رغم ما فعله ساعر والذي شغل الرأي العام "الاسرائيلي" وحتى الفلسطيني والمحيط العربي، فالكل يترقب ويراقب بشكل حذر، كونه ان نجح اي "ساعر "في ما يقوم به فانه سيغير من المعادلات القائمة.
اولى ارتدادات انشقاق ساعر - منطقيا - هو الرضوخ نوعا ما من قبل الليكود لشروط "غانتس"، ف"غانتس" ثعلب آخر يريد ان يثب على كرسي رئاسة وزراء الاحتلال، وكله شوق لهكذا خطوة.
ثاني ارتدادت انشقاق ساعر هو انتعاش الاتسيطان، فصار كل قائد يمين متطرف يضرب بالخاصرة الضعيفة هنا وهي الضفة الغربية، كي يزيد من جمهور ناخبيه ومؤيديه، وهو ما يفسر سر الهجمة الغير مسبوقة من الاستيطان في هذه الاوقات.
على ما يبدو ان احد العوامل التي ساعدت وستساعد غدا "جدعون ساعر" هو هزيمة" دونالد ترمب" في الانتخابات الامريكية، واستلام الديمقراطيين، كون الجمهوريين حققوا الكثير من رغبات "نتنياهو" والتي مكنته من فرد عضلاته والتمتع بها امام ناخبيه وجمهوره "الاسرائيلي" عدا عن التطبيع المجاني.
مما يفرح "ساعر" و"غانتس" غدا، هو تضييق الخناق من قبل "جو بايدن" على "نتنياهو" وكذلك ملاحقة ملفات الفساد ل "نتنياهو"، وان كان "نتنياهو" استطاع الافلات المؤقت من ملفات الفساد فانه لن يستطيع الافلات على طول الوقت، فالوقت لا يعمل لصالحه.
احد الدروس المستفادة من تجربة "نتنياهو – غانتس وانشقاق "ساعر"، ان "نتنياهو " لا يضمنه احد بالالتزام بالاتفاقيات حتى مع قادة احزاب داخلية في دولة الاحتلال وهو هنا "غانتس"، فكيف يلتزم مع الفلسطينيين؟!
متوقع جدا ان تذهب دولة الاحتلال إلى حل الكنيست، وتذهب "إسرائيل" إلى الانتخابات الرابعة خلال عامين فقط؟ والتغيير تحصيل حاصل شاء "نتنياهو " ام ابى ومهما كان ذكيا وماكرا، فخصمه هذه المرة من داخل نفس المدرسة التي استقوا منها فن السياسة الماكرة.
"نتنياهو" ليس قائدا غبيا لا يتقن فن اللعب على جميع الساحات، فهو قائد استطاع السباحة واجادتها مع اليمين الاستيطاني المتطرف، لكن الايام دول، وهو يدرك ذلك جيدا ولذلك قد يقدم على الانسحاب من المشهد السياسي باقل الخسائر.
ساعر شغل سابقا وزارتين في عهد الليكود، وهو قد يمضي قدما نحو اليمين ويغالي بذلك وهو اعلنها بصراحة ان اولى اهدافه هو الاستيطان وتوجهه نحو " نفتالي بنيت، و" ليبرمان"، ومعورف انهام مغالين في التطرف والتشدد والاستيطان، وكله للاسف على حساب الحقوق الفلسطينية.
ما يؤمن به" ساعر" هو الفكر اليميني، وينتهج السياسة اليمينية التي يتبعها "نتنياهو" بل واكثر، وان كانا معا، هما من نفس المدرسة، ومعروف ان " ساعر" سابقا عارض الانسحاب أحادي الجانب من غزة عام 2005، ويعارض فكرة إقامة دولة فلسطينية.
في كل الاحوال والظروف، تطرف "ساعر" لن يفيد دولة الاحتلال في شيئ، وان كان يرضي المستوطنين ويلهب مشاعرهم وخططهم، وهو يدق مسمار آخر في نعش دولة الاحتلال، فالتحولات بالمنطقة متواصلة ومتسارعة، والتغيير تحصي حاصل، و"ساعر" بمغالاته قد يدفع المنطقة لشفير حرب، لان التشدد وزيادته يزيد من الضغط، وقوة الضغط تولد انفجار، وتجعل المنطقة تنفجر والتي هي اصلا فوق برميل باروود، وفيها ما يكفيها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت