- د. فايز أبو شمالة
لقد استعرت عنوان مقالي هذا من الصحفي الإسرائيلي شلومو إلدار الذي كتب مقالاً في موقع المونيتور الأمريكي، تحت عنوان: السيد عباس، الأٌقوال شيء، والأفعال شيء آخر، وهذا القول ينطبق على الحالة الفلسطينية، فأقوال السيد عباس عن المصالحة الوطنية تغاير أفعالة مع التنسيق أمني والعقوبات المفروضة على غزة.
ولمزيد من التوضيح، فالعلاقة بين التعاون الأمني والمصالحة الوطنية علاقة عكسية، فالتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية يحرم المصالحة ويمنعها ويحاربها، والمصالحة الوطنية تجرم التعاون الأمني وتقاتله، وتحاربه، وعباس بين خيار واحد لا خيارين، إما التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وإما المصالحة الوطنية مع غزة والتنظيمات الفلسطينية.
ولتأكيد الفكرة؛ فكرة استحالة تحقيق المصالحة ضمن المعطيات الراهنة، مع ضرورة البحث عن بدائل، سأنقل فقرات كاملة من مقال الصحفي الإسرائيلي شلومي الدار، والذي يبرهن فيه على تواصل التنسيق الأمني، رغم قرار الوقف، وفي هذا البرهان تأكيد على أكذوبة المصالحة.
فماذا يقول الكاتب الإسرائيلي عن التنسيق الأمني:
التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل استطاع أن يصمد رغم كل الأزمات السياسية التي عصفت بالجانبين، وبذلك فهو يعتبر من العوامل التي تجعل علاقاتهما باقية حتى الآن، ففي الوقت الذي يعلن فيه أبو مازن عن قطع العلاقات مع إسرائيل فإن المعطيات الميدانية على الأرض تشير أن التنسيق الأمني ما زال قائما، وقد شهدت الأيام الماضية حدثين يؤكدان على استمراره، رغم ارتفاع أصوات المسئولين الفلسطينيين ضد إسرائيل.
الحدث الأول: قصة الفتاة الفلسطينية آلاء بشير معلمة القرآن ابنة 23 عاما من قلقيلية، والتي تم اعتقالها على يد قوات الأمن الإسرائيلية بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية انتحارية في إسرائيل، هذه الفتاة اعتقلت قبل شهرين على يد أجهزة الأمن الفلسطينية بناء على معلومات أمنية أرسلتها إسرائيل للسلطة، وفي أعقاب اعتقالها لدى الأمن الفلسطيني، بدأت حملة إعلامية دعائية عبر شبكات التواصل الاجتماعي تتهم السلطة باعتقال النساء بأوامر إسرائيلية، وهذا أحرج السلطة، فاضطرت للإفراج عن آلاء، وقتها قرر الجيش الاسرائيلي القيام بذلك بصورة انفرادية، حيث دخل قرية آلاء واعتقلها،
والمؤشر الثاني: في أكتوبر 2014 سحبت إسرائيل من عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية بطاقة "في آي بي"، هذه البطاقة تمنح صاحبها حرية الحركة في الضفة ودخول إسرائيل، ورغم عدم الإعلان عن إعادة البطاقة للضميري رسمياً، فقد التقطت له صورة يوم 23 يوليو في ضيافة تانغو كافيه بمدينة يافا، وقد وضع أصحاب الكافية صورته على صفحة الفيسبوك الخاصة بهم.
هذه مؤشرات تؤكد أن منظومة العلاقات الحقيقية بين إسرائيل والسلطة ليس ما يتم الكشف عنه أمام العامة؛ وإنما ما يحصل خلف الكواليس، صحيح أن إسرائيل دأبت على مهاجمة رئيس السلطة محمود عباس واتهامه بالرافض لمسيرة السلام، والزعيم المعادي، ويجب عزله لكنها في الوقت ذاته تفعل الكثير معه، لمنع تدهور الوضع الأمني، الذي قد يؤدي لإشعال الانتفاضة.
ويضيف الكاتب الإسرائيلي: رغم قرارات المجالس الرسمية الفلسطينية المركزي والوطني واللجنة التنفيذية بوقف التنسيق الأمني مع "إسرائيل" لكن عباس دأب على الاجتماع مع رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" نداف أرغمان بصورة دورية في مقر المقاطعة برام الله
مسئول أمني إسرائيلي قال إن العلاقات الأمنية مع السلطة لم تكن أفضل من هذه المرحلة، وتركيز الجهد الإسرائيلي ينصب باتجاه استقرار السلطة، ومساعدتها في مواجهة التهديدات الداخلية، خاصة من حماس، لأن السلطة تبذل الجهود الحثيثة لمنع وقوع عمليات مسلحة ضد إسرائيل ،سواء هجمات فردية أو منظمة، قد تعمل على توريط السلطة مع "إسرائيل"
المقال كشف المستور، ووضع النقاط على الحروف أمام كل من ظن يوماً أن هناك مصالحة تحت أجنحة التنسيق الأمني، للمصالحة دروب أخرى، على العقلاء أن يفتشوا عنها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت