- علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
يموت الكتاب... يعيش العفيّش. فبوجود الكتاب لايحيا العفيّش، بل يهوى للقاع ... الكتاب نقيض العفيش، فلاتعفيش بوجود الكتاب وثقافة الكتاب ... "فمن يقرأ لايسرق، ومن يسرق لايقرأ" ...
بناء تهدم، بطبقاته الخمسة، في شباط/فبراير 2014، فقذف انهياره معه آلاف الكتب والموسوعات والمخطوطات. التي كان مصيرها وقوداً للتدفئة، حتى لوكانت مخطوطات من زمن (القلقشندي)، وزمن ابن (خردذابة)، و (ابن رشد)، و (الفارابي)، وابن (المقفع) ... وزمن (أبو العلاء المعري) ... ومقدمة (ابن خلدون) ... وماقبلهم ومابعدهم.
صرخ صاحب البناء ... والكتب، لعله يُنقذ بعضاً من تلك الكتب والموسوعات، وناشد المتجمهرين حول البناء المتهاوي، اخذ الكتب للإستفادة منها، وانقاذها من براثن الإحتراق، واعادتها ولو بعد زمنٍ لصاحبها ...!
لكن صوت العفيشة كان الأقوى، فالكتاب لايساوي عندهم "قشرة بصلة"، والحاجة له الآن للحرق بغرض التدفئة فقط...
موت الكتاب في تلك اللحظات وماتلاها، كان من علائم موت الإنسان السوي، وموت مخيم اليرموك، موت موقع اللجوء، وعنوان العودة، الذي تخشاه دولة الاحتلال، مادام هناك لاجىء واحد على أرض هذا المخيم. ومادام هناك قبر واحد يحتضن شهيداً بشاهدته المدوّن عليها بصمة الإستشهاد من أجل وطنٍ مسلوب...
موت الكتاب، موت الحياة، موت الحضارة، وتشويه للوعي في أحسن الأحوال.. ولكن ما ادراك ما الوعي في هذا المقام، ومن يستطع أن يُسطّر أحرفه وكلماته مع استفحال نزعات الوضاعة ...
الجوع كافر، ولو كان الجوع شخصاً لقتلناه ... كذلك لو كان العفيش انساناً لعملنا على أنسنته، واعادة صياغته وتهذيبه ... "لقد أسمعت لو ناديت حيـًا.. ولكن لا حياة لمـن تنادي، ولو نارٌ نفخت بها أضاءت.. ولكن أنت تنفخ في الرماد ".
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت