حذر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، من تداعيات ما يجري في القدس المحتلة، من أعمال تهويد، ومحاولات لإحداث تغيرات في وجه المدينة الحضاري والتاريخي والجغرافي، لفرض السيطرة الكاملة عليها، من خلال رفع نسبة المستوطنين فيها على حساب الفلسطينيين، وإحاطتها بالمستوطنات، لمنع التمدد جغرافيًا.
وقال المجلس في بيان له، عقب جلسة عقدها المجلس، يوم الخميس، برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى محمد حسين، لمناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، إن سلطات الاحتلال تعتزم بناء 8300 وحدة استيطانية، وتنتهج سياسة تهجير العائلات المقدسية من منازلها، للاستيلاء عليها، وهدم المنازل والمنشآت في سلوان وجبل المكبر والسواحرة المتاخمة للمدينة المقدسة.
وشدد على ضرورة التصدي لمخططات الاحتلال الاستيطانية، التي تهدف للقضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، مستغلا الوضع السياسي العام بالمنطقة، مشيرا إلى أن خطورة هذا المشروع تكمن في استمراريته وتصاعد وتيرته، لتعزيز وجود مستوطنات قائمة ومشاريع استيطانية استعمارية جديدة في القدس والضفة الغربية، بهدف تطويق الأحياء العربية الفلسطينية وخنقها، ومنع التواصل بينها وبين بقية أنحاء الضفة الغربية.
واعتبر المجلس أن "ما يجري انتهاك صارخ لحقوق شعبنا الفلسطيني، مطالبا المجتمع العربي والدولي بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على حكومة الاحتلال لوقف هذا الجنون الاستيطاني، الذي يقضي وبشكل كامل على أي فرصة حقيقية لتحقيق السلام العادل والشامل لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس."
وأدان المجلس قيام جرافات الاحتلال بتجريف أرض مقبرة الشهداء التابعة للمقبرة اليوسفية في مدينة القدس، تمهيداً لتنفيذ "مسار للحديقة التوراتية" في محيط أسوار القدس القديمة، مبيناً أن الاحتلال يصر على المضي في عدوانه ضد القدس ومقدساتها بحجج واهية.
وأوضح أن هذا العدوان يهدف للاستيلاء على مداخل المسجد الأقصى المبارك، وهو جزء لا يتجزأ من مسلسل الاعتداءات الممنهجة على المقدسات الإسلامية، لافتا على أن الاحتلال بهذا العدوان ينتهك ما دعت إليه الشرائع السماوية، وكفلته القوانين والأعراف الدولية من ضمان لكرامة الإنسان حياً وميتاً، وهذه ليست الاعتداءات الأولى من نوعها، بل سبقتها اعتداءات أخرى، وصلت إلى مرحلة خطيرة جدّاً لا يمكن الصمت عنها.
كما استنكر المجلس اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، بحجة الأعياد اليهودية، وتنظيمهم مسيرة ليلية عند أبوابه، رافعين شمعدانا ضخما، عند بعض أبوابه من الجهة الخارجية، وأدوا خلال ذلك صلوات خاصة بالعيد، في مشهد عدواني واضح يمس بقدسية المسجد، ما يؤازر مسار التقسيم المكاني للأقصى، واقتطاع ساحته الشرقية، بعد فشل الاستيلاء على مصلى باب الرحمة، كنقطة انطلاق للتقسيم المكاني.
ونوه إلى خطورة استمرار الاحتلال في استهداف "الأقصى"، ومحاولة وضع اليد عليه، مؤكداً أن تاريخ مدينة القدس وقلبها المسجد الأقصى المبارك يعرفه القاصي والداني، والهيئات الدولية والرسمية، وهو رقم صعب يأبى القسمة والمشاركة، فهو للفلسطينيين والمسلمين وحدهم دون سواهم.
ودعا المجلس المواطنين لأخذ الحيطة والحذر من الهجمات التي يشنها المستوطنون على البلدات والقرى الفلسطينية، مبيناً أن كل هذه الاعتداءات تصب في معين الإرهاب والعربدة، بهدف إفزاع المواطنين وتهجيرهم من بيوتهم، لفرض واقع جديد على الأرض الفلسطينية، وتطبيق "صفقة القرن" الفاشلة.
وحمَّل المجلس سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، خاصة المرضى منهم، الذين يعيشون ظروفا اعتقال سيئة، حيث يماطل الاحتلال في تقديم العلاج اللازم لهم.
وطالب المجلس المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية، ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية، بالتدخل السريع والفوري للإفراج عنهم، وإنقاذ حياتهم، داعيا لمواجهة ظلم الاحتلال الذي ينتهك أبسط حقوق الأسرى المكفولة في القوانين والاتفاقات والقرارات الدولية، بحرمانهم من العلاج.