المسيحيين في ذمة الله..

بقلم: أشرف صالح

أشرف صالح
  • اشرف صالح

دائما في الثورات والنزاعات السياسية وخاصة في الوطن العربي يتم زج الإخوة المسيحيين وسط هذه الصراعات , وذلك لأن  كل فريق يرى المسيحيين من وجهة نظر إنتمائه الحزبي أو إعتقاده الديني , وسرعان ما يتحول هذا التباين في وجهات النظر الى صراع عنيف مثلما حدث في مصر أثناء الثورةأو على الأقل صراع إعلامي , ويتجدد هذا الصراع أو الجدال بشكل موسمي مع إقتراب عيد رأس السنة الميلادية , وبالإضافة الى صراعات  الأحداث السياسية المتجددة , وكل هذا الصراع يعود الى الفهم الخاطئ وعدم الوعي بما يتعلق بالمعاملة مع الأديان المختلفة وخاصة "أهل الذمة" , وحتى قبل أيام في غزة تحول قرار حماس بمنع الإحتفالات برأس السنة الميلادية الى جدل سياسي  وصراع إعلامي , وحاولت الأحزاب المنافسة لحماس وخاصة اليسار , زج قرار منع الإحتفالات في الخلافات السياسية تحت شعار أن حماس تحارب المسيحيين من باب العنصرية الدينية , ولكن لم تكن تعلم هذه الأحزاب اليسارية أنها تضع حماس في قالب ديني وقد يكون لصالح حماس نوعاً ما , فكل مواطن عادي غير مثقف وغير واعي قد يحكم ويعتقد أن حماس بالفعل حركة دينية بالمعنى الصحيح , وأنها تحارب المسيحية من باب الإعتقاد الديني , فمن وجهة نظري ككاتب أرى أن الهجوم على حماس بسبب منعها للاحتفالات هو هجوم غير منطقي وغير سليم من الناحية العقدية , لأن حماس بالأصل هي جزء لا يتجزء من المنظومة العلمانية القائمة في فلسطين , سواء على مستوى سلوك الأحزاب السياسية أو سلوك الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني , حماس حزب سياسى كأي حزب ولا فرق بينه وبين الأحزاب من الناحية العقدية إلا المسمى فقط  , ولذلك رأيت ككاتب أن الإتهامات الموجهة لحماس بأنها تحارب المسيحية من باب العقيدة والدين هي إتهامات باطلة , وغير ذلك فقد بررت حماس منعها للإحتفالات برأس السنة بسبب وباء كورونا .

بعيداً عن ما حدث في غزة قبل أيام , فهناك إشكالية في فهم مسمى وحقوق  الإخوة المسيحيين في الشريعة الإسلامية , فهناك فريقين من المسلمين بشكل عام يدخلون في صدام مباشر بما يخص المسيحيين , الفريق الأول الذي يرى المسيحيين من باب الدولة المدنية وحق المواطنة , ويرى أن للمسيحي الحق في كل شيئ يتعلق بالدولة بعيداً عن الدين حتى لو كان هناك مخالفات شرعية , والفريق الثاني يرى المسيحيين من باب الدين والعقيدة , وهو غالباً متمثل بالتيار السلفي والأحزاب التي تدعو لإقامة الخلافة الإسلامية , فهم يرون أن التعامل مع المسيحيين يجب أن يكون له سقف محدد , خوفاً من المساس بالعقيدة الإسلامية , فهم يقولون على سبيل المثال "لا مانع من مودة جارك المسيحي ومشاركته بأفراحه ومناسباته وأن تناسبه وتأكل معه وتعامله وكأنه مسلم , ولكن بشرط أن لا تعتقد بما يعتقد" والمقصود بذلك أنك كمسلم محذور أن تعتقد أن "الله ثالث ثلاث" كما يعتقدون المسيحيين , أو "المسيح إبن الله" كما يعتقد المسيحيين , فهذا هو الفرق الجوهري بين التيار السلفي وتيار الخلافة الإسلامية , وبين التيار العلماني أو اليساري أو حتى الأحزاب السياسية المعتدلة والتي تطلق على نفسها مسمى حركات دينية مثل حماس وبعض الأحزاب الفلسطينية .

المسيحيين في ذمة الله , صنف الله صبحانه وتعالى المسيحيين كونهم أهل كتاب , بأنهم أهل الذمة , وذلك في حال إقامتهم في بلاد  الإسلام , وأوصانا الله في كتابه العزيز وسنته المطهرة , أن نبرهم ونودهم ونتزوج منهم ونأكل ونشرب معهم , ونشاركهم في مناسباتهم , ولكن بشرط أن لا تعتقد ما يعتقدون , لأنهم يقولون أن الله ثالث ثلاثه , ويقولون أن المسيح إبن مريم إبن الله , ومنهم من يقول أن المسيح هو الله , وقد حسم الله هذا الأمر في سورة الإخلاص " قل هو الله أحد , الله الصمد , لم يلد ولم يولد , ولم يكون له كفواً أحد" صدق الله العظيم , فبعيداً عن إعتقادهم وإكراماً لهم كأصحاب ديانه وأهل كتاب , وإكراماً لعيسى إبن مريم عليه السلام , أمرنا الله كمسلمين أن نعامل المسيحيين أفضل معاملة , وصنفهم بأنهم من أهل الذمة , ومن كان في ذمة عبد الله وبأمر من الله , فهو بالتأكيد  في ذمة الله .

كاتب صحفي

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت