جائحة كورونا تزيد معاناة النازحين العراقيين

كورونا - العراق

زادت جائحة كورونا من معاناة النازحين العراقيين نتيجة تاثيراتها السلبية عليهم.

ورغم ذلك فان فضيلة مصطفى التي تعيش هي وأطفالها الأربعة في خيمة بمخيم حسن شام (يو تو) بمحافظة نينوى شمالي العراق، بهذا الشتاء القارص البرودة، إلا أنها تشعر بوضع جيد لأن الجائحة لم تصب أي من أفراد عائلتها.

وفاقمت الجائحة من معاناة النازحين العراقيين، نتيجة عدم تمكن وكالات الإغاثة من فعل الكثير لهؤلاء النازحين، بالاضافة إلى أن إحتواء هذه الجائحة في المخيمات أصبح أكثر صعوبة.

"عدم القدرة على احتواء الجائحة"

ومع انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر مئوية ، تعتمد عائلة فضيلة، التي نجت عام 2017 من المعارك الشرسة ضد التنظيم المتطرف في تلعفر غرب الموصل، على سخان الكيروسين للتدفئة، أما الغذاء والوقود وكل احتياجتها الأساسية فتحصل عليها من المساعدات الإنسانية ، لكن هذه العائلة تتسائل عن كيفية الخلاص من التحديات الجديدة.

وفرضت السلطات قيودا صارمة على النازحين في المخيمات منذ شهر مارس الماضي ولغاية شهر سبتمبر الماضي لمنع تفشي الوباء في المخيمات، حيث لا يسمح لفضيلة والنازحين الأخرين البالغ عددهم 5800 نازح بمغادرة المخيم.

وقالت فضيلة لوكالة أنباء (شينخوا) " خلال فترة تفشي الوباء لا نخرج ولا أحد يدخل علينا"، مبينة أنهم واجهوا العديد من الصعوبات، مؤكدة أن الظروف المعيشية في الشتاء أصعب منها في فصل الصيف.

ويواجه النازحون قلقا جديدا حيث تتزامن جائحة كورونا مع الانفلونزا الموسمية ، الأمر الذي يخلق وضعا خطرا يهدد العائلات النازحة التي تعيش في المخيم.

ويستقبل مركز الصحة الأولية في المخيم ما بين 70 إلى 130 شخصا يعانون من مشاكل صحية ، وتتصدر القائمة الأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي بما في ذلك مرض الانفلوانزا.

وقال الدكتور علي إبراهيم حسن ، ممارس عام لـ (شينخوا) "هناك الكثير من الازدحام هنا، لذا فان كوفيد -19 سينتشر بسهولة في المخيم"، مضيفا "أن الحالات المشتبه بإصابتها بـ كوفيد-19 بحاجة إلى مزيد من الرعاية، ولكن ليست لدينا الإمكانيات لذلك ".

ويستقبل الدكتور علي، المرضى من ذوي الاحتياجات الطبية الأساسية، والذين يعانون من أمراض مزمنة وحتى أولئك الذين يعانون من مشاكل نفسية مرتبطة بالمعارك التي شهدوها، ومع تزايد الضغوط ، فان المركز الذي يرأسه علي، والمملوء بالمرضى، لا يملك القدرة على التعامل مع تفشي كوفيد-19.

وتابع " منذ تفشي المرض ، تم الإبلاغ عن 25 حالة يشتبه بإصابتها بكوفيد - 19، منها خمس حالات خطيرة في المخيم،.ولكن المقيمين هنا لايمكنهم إجراء اختبارات كوفيد-19 للتأكد من الحالات المشتبه بها".

وأضاف علي الذي يعمل في المخيم منذ عام 2016 "لحسن الحظ ليس لدينا حالات مشتبه بها حاليا، ولو كانت هناك أكثر من خمس حالات ، فلا يمكننا تدبير الامر ولذلك يجب أن نرسلهم إلى أربيل أو الموصل".

"مشاركة قليلة"

وبعد ثلاث سنوات من هزيمة القوات العراقية لتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) لا تزال حالة الخراب تعم المدن والقرى، و لا يزال 1.2 مليون شخص نازحين في جميع أنحاء العراق.

وخلال استمرار تفشي الجائحة، يواجه مئات الآلاف من النازحين في العراق أوضاعا صعبة لعدم المشاركة الفعالة من وكالات الإغاثة.

وقال الدكتور علي "عادة ما يكون لدينا نقص في الأدوية والإمدادات، لأن وكالات الإغاثة تركز أكثر على اللاجئين بدلا من النازحين في العراق".

من جانبه قال شورش محمد عباس نائب مدير المخيم"الحياة في المخيم خلال فترة تفشي كوفيد-19 أصعب"، محذرا من أن سكان المخيمات يحصلون على دعم أقل لأن المنظمات غير الحكومية تنسحب أو تقلص خدماتها.

وأوضح شورش أن مخيم حسن شام بدأ مؤخرا باستقبال المزيد من النازحين، بسبب قيام الحكومة العراقية بإغلاق بعض المخيمات بالقرب من مدينة الموصل.

"الحاجة لمساعدة أكثر من أي وقت مضى"

وتتلقى العائلات النازحة في مخيم حسن شام حاليا بانتظام حصصا غذائية وبعض الأموال النقدية من وزارة الهجرة والمهجرين العراقية وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

من جانبها قامت مؤسسة بارزاني الخيرية، التي تدير المخيم ، بتوزيع كمامات ومستلزمات النظافة على الفئات الضعيفة من أجل مجابهة كوفيد-19.

ولكن إدارة المخيم تقول إن هذا لا يكفي، محذرة من أن النازحين يحتاجون إلى المزيد من المساعدة أكثر من أي وقت مضى لتلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية والتعليمية، حيث أدى الوباء إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في العراق.

وقال شورش "على الرغم من أننا نوزع الكمامات على النازحين، إلا أنهم بحاجة إلى المزيد، كما أن التوعية بخصوص التباعد الاجتماعي مهمة "، مبينا أن منطقة الحجر الصحي قيد الإنشاء.

وأضاف شورش "إن معظم المدارس اعتمدت طرق التدريس عبر الإنترنت في الموسم الجديد، لكن حوالي 1500 طالب مسجل في المخيم ليس لديهم جهاز أو كمبيوتر محمول للانضمام إلى المدرسة عبر الإنترنت"، لافتا إلى أن هذا الموضوع يستحق اهتماما خاصا من السلطات ووكالات الإغاثة.

من جانبه قال آصف بوتو، نائب ممثل برنامج الأغذية العالمي في العراق "يعمل موظفونا بلا كلل لتقديم المساعدة الغذائية في المخيمات"، لكنه أقر بالتأثير الكبير لـ (كوفيد-19) على ملايين الأشخاص في العراق الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأضاف بوتو "في العراق ، كان نحو 2.3 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي لكن بعد (كوفيد-19) وبسبب عدم وجود وظائف أصبحت العائلات تعتمد على المساعدات الغذائية أكثر من ذي قبل، ويجب علينا زيادة المساعدات للمخيمات خلال فترة تفشي الوباء".

إلى ذلك وافقت فضيلة مصطفى وأطفالها، المجتمعون معا للتدفئة في خيمتهم، تقديم المساعدات العاجلة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الموصل، العراق (شينخوا)