قال نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" محمود العالول إن" نضالنا سيستمر لنيل الحرية والاستقلال، ويبقى الأمل بحتمية النصر قادم لا محالة، فهو مرتبط بقدرة شعبنا الفلسطيني وصموده".
وأضاف العالول في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، إن "ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية الـ56 هامة جدا في حياة شعبنا، فرغم ما مر عليها من تحديدات ومصاعب خلال السنوات الماضية الا انها مستمرة، حتى تحقيق آمال شعبنا في الحرية والاستقلال، واقامة دولته المستقلة".
وجدّد التأكيد على أن الثورة الفلسطينية لا يمكن ان تتوقف كما حدث مع حركات التحرر الأخرى، لسبيين، الأول: له علاقة بمرونة القيادة الفلسطينية، التي لا تقصفها العاصفة، والثاني عمق جذور هذه الثورة وحركة "فتح"، لأن شعبنا لا يوجد لديه حل سوى الاستمرار والبقاء من أجل نيل حريته، وقدرته على التكيف مع التغييرات عالية.
وتابع: أطلق عليها أصدقاؤنا في البدايات "ثورة المستحيل"، بمعني انه لا يمكن على الاطلاق ان تستمر او ان تدوم، كونها كانت في اعتباراتهم في منطقة النفوذ الغربي ومنطقة البترول، وهو ما أشار إليه قائد الثورة الفيتنامية الجنرال جياب في ذلك الوقت، حينما قال: على ماذا تستندون ؟ فنحن نستند إلى الجدار الصيني والجدار السوفيتي، ولكن رغم ذلك استمرت الحركة وتستمر، كون الجدار الذي ترتكز إليه أكثر صلابة وهو ارادة شعبنا ورغبته في الحرية والاستقلال".
وفيما يتعلق برؤية حركة "فتح" وتطورها عبر السنوات الماضية، قال: الجميع يدرك رؤيتها فيما يتعلق بالموضوع الاجتماعي، ولكنه أخذ وقتا في عملية تطوره، كون الشباب الفلسطيني الذي فجر هذه الثورة كانوا متأثرين بمناخات معينة في ذلك الوقت، سواء بالثورة الصينية، أو الفيتنامية، أو الجزائرية، أو بالثورة الكوبية، في مسألة لها علاقة بالكفاح المسلح من أجل تحرير الأرض، وانبثقت رؤيتهم الأساسية من هذه النظريات في مسألة حرب الشعب طويل الأمد، وكان توجههم الاساسي له علاقة بالكفاح المسلح.
وأردف: فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية وغيرها في ذلك الوقت فلم تكن تحتل مكانة كبيرة في أذهان الشباب الثوار، لان رؤيتهم كانت منبثقة من بعض تجارب ثورية، ولكن لم تكن نظرية متكاملة بالرؤية، ومع تطور الأمور، بدأت هذه المسألة ببرنامج النقاط العشر عام 1974 التي تحدث عن اقامة دولة فلسطينية على اي جزء ينحسر عنه العدو، فهذه بداية تطور الرؤية للموضوع الاجتماعي، فلم تعد مجرد ثورة ومجموعة فدائيين فحسب، بل أصبحت بعد ذلك مسؤولة عن مجتمع، وتحديدا بعد الفصل او ما اسميناها "فك الارتباط" ما بين الاردن وفلسطين، واصبح المجتمع الفلسطيني مسؤولية الثورة، وليست مسؤولية أحد آخر، وبدأت تأخذ حيزا في هذا الموضوع، وتحديدا عندما كنا في بيروت، حيث بدأت الحياة الثقافية في الثورة الفلسطينية تزداد بشكل كبير للغاية، كونها كانت مركز اشعاع الشرق، وكم هائل من الكتّاب والمثقفين كانوا موجودين هناك، ما فتح آفاقا جديدة بهذه الاتجاهات في هذا الموضوع.
وأضاف: أوج تطور الرؤية الفلسطينية بشأن المجتمع تكلل فيما ورد في وثيقة الاستقلال التي صدرت عن المجلس الوطني في الجزائر عام 1988، التي تحدثت عن رؤية هؤلاء الثوار الفلسطينيين للمجتمع الذي يرغبون به، والتي امتدت بدءا من التأكيد على التطلع لدولة ديمقراطية يكون بها تعايش مع كل الاديان، وثيقة تتحدث عن الحريات، والتعددية في مجتمعنا الفلسطيني، وحق العبادة لاصحاب الديانات كافة، كما انها تتحدث عن دور الشباب ودور المرأة، ولا اعتقد ان هنالك وثيقة في العالم انصفت المرأة أكثر من وثيقة الاستقلال التي تحدثت على أنها حارستها المستقلة الضامنة للاستمرار.
وتابع: حينما انطلقت حركة "فتح" كان الشرط الأساسي هو أن تأتي وأنت تؤمن بالكفاح المسلح، ومن أتى إلى ذلك أتوا من خلفيات سياسية مختلفة بهذا الموضوع، وكان العامل الأهم والايجابي هو أن تتوحد رؤيتهم جميعا باتجاه هذه الوثيقة.
وعن ملائمة خطاب الحركة لجيل الشباب، أكد العالول أن من اهم اولويات الحركة جيل الشباب، لأن القادة الذين أطلقوا هذه الحركة كانوا من جيل طلبة الجامعات، من الشهيد الراحل أبو عمار، وأبو جهاد، وأبو اياد، فقد انخرطوا منذ ان كانوا طلبة، ومنذ البداية اختارت فتح حرب الشعب طويلة الامد، ما يعني انها بحاجة إلى تعاقب الاجيال، فقد أسست في اولى مشاريعها مؤسسة الاشبال والزهرات، التي لها علاقة بإعداد الاجيال، هكذا هي مسيرة شعبنا ونضاله، مسيرة كان يقول عنها ياسر عرفات، هي جيل يسلم الراية إلى الجيل الذي يليه.
وعن دور المرأة الفلسطينية في برامج الحركة، أكد العالول على الدور الأساسي الذي تتمتع به منذ بداية حركة التحرر، مشيرا إلى أنها قد شكلت عوامل اسناد، ومارست دورها في التاريخ النضالي، وسطرت بنضالها المستمر والدؤوب ضد الاحتلال أبرز معاني الكفاح والتضحية.
وتابع: مارست المرأة دورا بارزا في انتفاضة الحجارة، ولم تأت وثيقة الاستقلال هباء، بل كانت نتاجا لما كرسته بنضالها طوال السنوات الماضية، فهي مركز العائلة الفلسطينية، وأكثر من يعاني من هذا الصراع، فهي قد تكون أم شهيد أو اسير أو زوجته، فهن بحاجة لكثير من الاهتمام، والحركة توليهن قدرا كبيرا منه.
وبشأن التحديدات التي تواجه الحركة في ظل التغييرات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة، قال نائب رئيس حركة فتح "إن الظروف صعبة جدا، ولكن لا يوجد لدينا مخاوف في الاستمرار في النضال، وقدرة شعبنا على تحمل الآلام والحصار عالية ومرتفعة".
وأضاف: لا شك على الاطلاق أن هناك تحديات كبيرة للغاية تواجه الحركة والشعب الفلسطيني، ومردها الوضع العربي وبشكل عام في العالم، الذي هو غير مواتٍ لحركة ثورية كحركة التحرر الوطني "فتح"، وهناك كم هائل من التحديدات، فقد ذكرت آنفا أنهم اعتبرونا "ثورة المستحيل"، ولكن الآن لا ظهير لك هذا الاقليم، فقد تخلى عن ثوابته وغير من اولوياته، ما يتطلب بذل جهود مضاعفة.
وعن علاقة الحركة مع فصائل المنظمة وتلك الخارج اطارها، قال: هذه الحركة قامت من أجل تحقيق آمال الشعب الفلسطيني بكل فئاته، وأديانه، وتعدد فصائله، ورغم كل شيء نبذل كل الجهد الممكن لاستعادة الوحدة الوطنية، وكما اشار الرئيس محمود عباس مؤخرا، فأيدينا ستبقى ممدودة من اجل أي مبادرة لاستعادة الوحدة الوطنية، ولن نيأس من الاستمرار في المحاولة.
وأعرب العالول عن أمله في انفراج الوضع السياسي الراهن في عهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بادين، مستدركا أن الادارات الاميركية المتعاقبة جميعها كانت منحازة للاحتلال، ولكن ادارة المنتهية ولايته دونالد ترمب كانت مختلفة تماما، فقد كانت شريكة في هذا الاحتلال، فقد اعترفت بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقلت السفارة الأميركية إلى القدس، وشرعنت الاستيطان، وضم الجولان، وتأتي بـ"خطة القرن"، ومسألة الضم، وتقود عملية التطبيع، كل ذلك يؤكد انها شريكة، مؤكدا ضرورة بذل الجهود لاستثمار الوضع في عهد الادارة الأميركية المقبلة.
وختم نائب رئيس حركة فتح بالحديث عن الاستعدادات للاحتفال بذكرى الانطلاقة خاصة في ظل الظروف الحالية بسبب جائحة كورونا، قائلا: نتيجة للوضع الصحي والجائحة فقد تم منع التجمعات، باستثناء المقاومة الشعبية.
وأشار إلى أن احياء ذكرى الانطلاقة هذا العام سيكون عبر ايقاد شعلة الانطلاقة في كل موقع، وهنا في مدينة رام الله سيكون ايقادها مساء غدٍ الخميس عند ضريح الشهيد القائد ياسر عرفات، وبمشاركة محدودة بسبب كورونا.
وأضاف: أن الفعاليات في اليوم التالي الجمعة، الذي يصادف الأول من كانون الثاني، ستتركز نحو تكثيف المقاومة الشعبية في نقاط التماس، والاحتكاك مع الاحتلال والاماكن المهددة بالاستيطان