-
اشرف صالح
لا بد أن ندخل قليلاً في علم الفلسفة والمنطق كي نجيب على كل ما يدور في عقولنا , وخاصة حالة الخوف والإنتظار مما سيحمله لنا عام 2021 , وبدلاً من أن نتابع تنبؤات المنجمين والعرافين في نهاية كل عام , فيجب أن نعلم أن وراء كل قانون مشرع , والمقصود هنا بالقانون لغوياً , هو النظرية الموضوعة للثبوت وبالتالي يترتب عليها كل جديد , ومن هنا فيجب أن نعلم ماهية النظرية التي وضعناها في الأعوام الماضية وصولاً الى العام المنصرم 2020 , كي نقرأ ماذا سيحدث لنا في عام 2021 , فمثلاً لو تركنا تنبؤات المنجمين والعرافين جانباً , وسألنا أنفسنا كعقلاء سؤالاً منطقياً , وهو , ماذا سيكون العام القادم ؟ أو ما هو قانون العام القادم ؟ لوجدنا وبكل بساطة أن إجابة السؤال موجودة في نصوص قانون العام المنصرم , والآن علينا كفلسطينيين أن نفتح كتاب القانون الخاص بنا كي نعلم ماذا سيكون قانون العام الجديد , فقانون 2020 ينص على إستمرار "الإنقسام" وبالتالي سيترتب على ذلك كل الأحداث الكارثية المنتظرة في فلسطين عام 2021 , وهكذا وبكل بساطة نستطيع أن نقرأ أحداث العام الجديد من خلال أحداث العام المنصرم , وهي ما أسميتها في مقال قانون بالمعنى اللغوي الدقيق .
لقد قرأت تنبؤات المنجم اللبناني الشهير "ميشيل حايك" للعام 2021 , وذلك من باب المقارنه بين ما يقوله وما سيترتب على أحداث العام المنصرم , فوجدت أن ما قالة عن أحداث العام الجديد يخضع تماماً للقانون الذي ذكرته في مقالي هذا , فهو لم يأتي بشيئ جديد أو خارج عن قانون 2020 , فمثلاً عندما قال ميشيل حايك أن المسجد الأقصى مركز الأحداث والتغيرات فهو لم يصنع صاروخ فضاء , لأن المسجد الأقصى بالفعل هو مركز الأحداث منذ قدم الزمن وحتى يومنا هذا , وقال أيضاً أن هناك فصيل فلسطيني سيتصرف بمفرده ويسبب مشاكل لكل الفصائل , فهذا شيئ متوقع في كل لحظة ولا يحتاج الى منجم , وخاصة أن هناك عدة فصائل فلسطينية تحاول في كل يوم أن تكسر الصمت وتخرج عن القرار لتحدث تغيير جوهري ربما يؤدي الى حرب رابعة مع الإحتلال , أو الى صراع فلسطيني داخلي , وعندما قال أن إسماعيل هنية يركب موجات خطرة ويتشقلب في أدوار غير مضمونة , فهذا أمر طبيعي جداً منبثق عن سياسة حماس المتبعة , وهي فتح علاقات عربية و إقليمية ودولية جديدة , وتقمص أدوار جديدة تدخلها في باب المغامرة والمقامرة , أما ما قاله حايك عن مفاجآت محمد دحلان فهو أمر طبيعي جداً ومتوقع , لأن دحلان شخصية لا تكل ولا تمل ومثيرة للجدل , وتلعب أدوار كثيرة وعلى جميع المستويات , فالمفاجآت التي ذكرها حايك هي أمر طبيعي ومتوقعة في كل دقيقة , ومن هنا فنجد أن ما قاله ميشيل حايك ليس جديداً ولا بعيداً عن سياق الأحداث وخضوعها للقانون الثابت والموضوع مسبقاً لسيرها في العام الجديد .
لقد وصفو عامة الناس عبر مواقع التواصل الإجتماعي وفي حديث الشارع , العام المنصرم بعام الأحداث السيئة , وتركو هذا العام متأملين بأن يكون العام الجديد أكثر تفاؤلاً , وكأن الأعوام ذاتها هي من تصنع الأحداث , وإنهالت الأمنيات بتحقيق الأحلام والسعادة عبر مواقع التواصل الإجتماعي , معتقدين بذلك أن السعادة تأتي بعد الصمت والإنتظار والدعاء , متناسيين أن حتى السعادة نفسها تخضع للقانون الذي ذكرته في هذا المقال , فمثلاً إذا كنت تعتقد أن السعادة في المال , فهذا يعني أن تعمل مسبقاً كي تحصل على المال , فكيف ستعمل في ظل قانون ثابت ينص على إستمرار الإنقسام والذي تسبب في كارثة البطالة وقلة العمل , فإذاً يجب أن يتغير القانون القائم منذ العام المنصرم كي يحصل العمل ومن ثم يحصل المال ومن ثم تحصل السعادة , وهكذا يكون القانون القائم والذي شرعه الإنسان بنفسه هو القانون الذي سيحدد سير الأحداث القادمة .
وفي نهاية هذا المقال وبما أنه تم ذكر السعادة , وإهتمام الناس في السعادة ودعواتهم بتحقيقها من خلال إستقبال العام الجديد عبر مواقع التواصل الإجتماعي , أود أن أختم بالقول أن السعادة تأتي من الإيمان بالله , لأن الإنسان المؤمن يعلم جيداً أن الفقر والمال إختبار , وأن الصحة والمرض إختبار , وأن القوة والضعف إختبار , وأن المكانة الإجتماعية والبساطة إختبار , فكل شيئ ونقيضه هو إختبار من الله , فمن يجتاز الإختبار بنجاح ويحصل على رضا الله حتماً سيكون سعيداً لأنه نال رضا الله , ورضي بما كتبه الله له في الدنيا , فإذا أصابه شر صبر , وإذا أصابه خير شكر , وكل عام وأنتم بخير .
كاتب صحفي