- بقلم : د. حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي
تتسم النفس البشرية بقيم تنعكس على سلوك الفرد ، وهذه القيم تختلف من شخص لآخر وحسب البيئة التي تربى بها ، وأحيانا تتأثر بظروف خارجة عن إرادته فنراها تتغير عن مسارها ، وبالتالي تؤثر سلبا على ذات الفرد وعلى المجتمع ، فان الصدق والأمانة والصراحة والإنسانية والشهامة والإخلاص .... الخ سمات من أرقى ما يتصف به الإنسان ، فاحترام المجتمع له مرهون بهذه القيم الإنسانية التي يحملها ، لكن للأسف الشديد في الآونة الأخيرة تجرد البعض منها وأصبحوا بلا ذمة ولا ضمير ، وباتت الذات الشريرة مسيطرة على أنفسهم فنراهم يعبثون مع الآخرين دون أي رحمة تذكر ، وتجردوا من مخافة الله سبحانه وهذا الأمر جعلهم يظلمون بالناس ويفعلون الخطأ دون الشعور بالذنب.
الإنســانـيـــة:
هي مجموعة من وجهات النظر الفلسفية والأخلاقية التي تركز على قيمة وكفاءة الإنسان ، سواء كان فرداً أو جماعة ، وتفضل عموماً التفكير والاستدلال ، وكان هناك التباس مستمر باستخدام هذا المصطلح لأن حركات فكرية مختلفة كانت قد عرفت نفسها باستخدامه عبر الزمن. وتشير الإنسانية في الفلسفة والعلوم الاجتماعية إلى اتجاه يؤكد بشكل خاص على فكرة (الطبيعة البشرية " خلافاً للـ لا إنسانية).
والصفة الإنسانية هي امتلاك الاتجاه العام لخدمة الإنسان وتطوير إمكاناته الذاتية والعرضية ، ولا يمكن أن يتسم أي مذهب أو تخطيط أو حتى مجرد سلوك بالسمة الحضارية إلا إذا اتسم بالصفة الإنسانية. والصفة الإنسانية ، عبر إدراكات الوجدان ، وبلا حاجة إلى استدلال ، تلازم الإيمان بمجموعة من القيم المطلقة والمشتركة ، مفاده : الاعتراف - من جهة - بأن الإنسان له هويته المتفردة جزئياً - إن لم يكن التفرد كلياً - ورفض أي تمايز إنساني أو قيمة ثابتة فيه من جهة أخرى.
والأمن حاجة إنسانية دائمة لا تغيّرها الظروف ، وليس ظاهرة عرضية حتى ، ولا يمكن تصور حدوداً لمسألة حماية السلام والأمن إلا في إطار مسألة التكامل الإنساني ذاتها ، بعد أن ندرك أن الفطرة هي معيار الحقوق الإنسانية كلها بشكل اجمالي ، وأنها هي التي فرضت حماية الأمن الإنساني لتحقيق الهدف الكبير. وحينئذ لن يقبل الأمن تحديداً إلا إذا خرج عن وظيفته الحياتية ، وعاد عنصراً ضد الأمن نفسه ، فلا معنى إذن لضمانه.
وإلاّ فكيف نتصور الفطرة التي أعلنت الحاجة إلى الأمن وهي تسمح للفرد بالقضاء على أمن نفسه هو ، أو أمن الآخرين ، وبالتالي على أمن المسيرة الإنسانية كلها دون أن تحدده بما يردعه عن فعلته ، حتى ولو كان ذلك بتهديد أمنه؟
استخدم المؤرخ الألماني والعالم اللغوي جورج فويت عام 1856 مصطلح الانسانية لوصف الحركة التي ازدهرت لإحياء التعلم الكلاسيكي خلال النهضة الإيطالية ، وقد لاقى هذا التعريف قبولاً واسعاً ، حاولت الحركات الإنسانية أثناء فترة عصر النهضة في أوروبا الغربية إظهار فائدة اكتساب التعلم من مصادر كلاسيكية تعود لما قبل المسيحية لغايات العلمانية مثل العلوم السياسية والخطابة.
وخلال الثورة الفرنسية ، وبعدها بقليل في ألمانيا (بفضل الهيجليين اليساريين)، بدأ مصطلح الإنسانية يشير إلى الفلسفات والأخلاق التي ترتبط بالإنسان ، دون الاهتمام بأية مفاهيم إلهية. وقد تطورت الإنسانية الدينية كمنظمات دينية أكثر ليبرالية تهتم بشكل أكبر بالاتجاهات الإنسانية. تدمج الإنسانية الدينية الفلسفة الأخلاقية مع طقوس ومعتقدات بعض الديانات ، رغم أنها تبقى متمركزة حول الاحتياجات والاهتمامات والقدرات الإنسانية.
وعلى ضؤ ما ذكر اعلاه ، فان العملية الحضارية تحتاج الى مجموعة من القيم الثابتة ، أهمها:
1-إيمان الإنسان بذاته.
2- العبور إلى خارج الذات.
3-صياغة الفكر وتكوين الصورة عن الحاضر والمستقبل انطلاقاً نحو التغيير إلى الأفضل.
4-نقل الفكرة إلى الآخرين واستلام أفكارهم .
5-التقسيم والتمحيص والتداول.
6-الاستنتاج والاقتناع .
7-التخطيط للتغيير.
8-تنفيذ التغيير وتحقيقه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت