لقي عرض قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة المعروف بـ"قانون الملكية الفكرية" ترحيباً كبيراً في أوساط الكتاب والعاملين في قطاع النشر والتأليف الفني والموسيقي. وكان القانون قد تم عرضه على طاولة الحكومة الفلسطينية في القراءة الثانية وسيعرض للقراءة الثالثة قبل توقيعه من الرئيس محمود عباس.
وتمثل حقوق المؤلف والحقوق المجاورة أسمى صور حقوق الملكية على وجه الإطلاق بالنظر لاتصالها بأسمى ما يملكه الإنسان، ألا وهو العقل فى إبداعاته وتجلياته الفكرية، وأن طرح وزارة الثقافة للقانون للمصادقة عليه لدى مجلس الوزراء يأتي في ظل جهود الوزارة لحماية الثقافة والمنتج الثقافي، ومأسستها ووضع البنية التحتية التشريعية التي تحمي الحقل الثقافي والعاملين فيه من كتّاب وفنانين وناشرين.
وقانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة طال انتظاره في فلسطين حيث كان غيابه يشكل خللاً في منظومة حماية الحقوق الفكرية في البلاد.حسب بيان صدر عن وزارة الثقافة الفلسطينية
وفي هذا قال سامي البطراوي مدير عام وحدة الملكية الفكرية في وزارة الثقافة إن "الهدف من سن قانون يحمي حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في فلسطين يأتي لحماية حقوق المبدعين الفلسطينيين والفولكلور الفلسطيني من التزوير والتقليد والتشويه والسرقة، ومن جهة أخرى مكافأة لجهود المبدعين وتحفيزهم لزيادة إنتاجاتهم الأدبية والفنية مما يشجع صناعة النشر والإستثمار في الصناعات الإبداعية ويعود بفائدة مالية ومعنوية على الأطراف كافة."
وأضاف بطراوي:"أن هذا القانون هو الأساس في عمل وزارة الثقافة الفلسطينية والذي يترتب على إقراره المزيد من التشريعات الخاصة بالعمل الثقافي والمنظم للتنمية الثقافية والصناعات الإبداعية والثقافية في المجتمع الفلسطيني وأشار إلى أن غياب قانون حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة شجع على عملية النهب والسرقة للإبداع الفلسطيني وتزويره وخفض إنتاجات المبدعين الفلسطينيين في المجالات الأدبية والفنية ولقد آن الأوان أن يتم حمايته".
من جهته قال فتحي البس صاحب دار الشروق للنشر والتوزيع إن صناعة النشر هي قلب الصناعات الثقافية، والكتاب هو منتج ثقافي مشترك بين الناشر والمؤلف وصناعات مجاورة كثيرة، فالمادة الخام لصناعة النشر هي العمليات الذهنية الروحية، وتحويلها إلى منتج ملموس هو خلق وإبداع، مؤكداً أنه يجب إقرار قانون حق المؤلف بصورة فورية باعتباره ضرورة وطنية عاجلة لأن القرصنة تستفحل دون رادع، وفي ذلك قتل للإبداع وخسارة مادية لكل أطراف صناعة النشر وإثراء غير مشروع للقراصنة.
بدوره قال الكاتب طارق عسراوي مسؤول دار طباق للنشر إنه من الضروري وجود تشريع يحمي حق المؤلف وينظم علاقته، لما لهذا الأمر من أهمية في حفظ حق الكتّاب والفنانين والمبدعين عموماً، إذ أن الجهد الفكري والذهني الذي يبذله الكاتب من خلال كتابته ليس ملكاً مباحاً وليس بالضرورة أن يكون جهداً مجانياً، كما هو حاصل بسبب غياب القواعد الحامية لهذه الملكية الفكرية، فالقصيدة والنص المسرحي والقصة لا تقل أهمية عن الممتلكات المادية وسواها من الأشياء التي قرر القانون حمايتها ومنع الاعتداء عليها، وأشار إلى ضرورة وجود فعل إيجابي يقع على عاتق النظام الرسمي، والذي تمثله وزارة الثقافة في هذا المقام، لتبني وجود تشريع يحاكي ويعزز ويحمي الابداع، ويكون بذات الوقت سببا داعياً لخلق وعي عام في المجتمع ينبذ التعدي على هذه الحقوق.
وأكد الفنان عمار حسن أهمية الملكية الفكرية بالسماح للمبدع أو مالك العمل الفني من الاستفادة من عمله واستثماره ما يشجع المبدع على الاستمرار بعطاءه، وأرشفة أعماله الفنية والحفاظ عليها بموجب القانون الذي يحمي هذه الأعمال من السرقة، حيث لا يحق لأي شخص استخدام هذه الأعمال إلا بموافقة من صاحبها، لذلك من الضروري أن تكون هناك نقابة أو مؤسسة تحمي وتحافظ على الملكية الفكرية للمبدع وهذا ينعكس أيضاً على الحفاظ على الثقافة والتراث الفلسطيني من أية سرقة واستخدام غير قانوني لهذه الأعمال التي تعبر عن ثقافة الوطن وتاريخه وتراثه.
من جانبه قال الفنان علي أبو ياسين إن العالم أدرك أهمية الحفاظ على الحق المعنوي والمادي للكتّاب والمبدعين، وكما قيل إن " الحق الادبي بمثابة الزيت للنار فهو الوقود الذي يبقي على المبدع متقداً ويحافظ على حقوقة من السلب والضياع" . وأضاف: نحن نتابع عمل وزارة الثقافة وهي اليوم ترسخ أرضية صلبة لصمود الثقافة والمثقفين وحفظ حقوقهم من خلال الحقوق الفكرية فإن كل دول العالم بلا استثناء لديها قانون حقوق الملكية الفكرية ولكن كما يقول المثل أن تأتي متاخراً أفضل من أن لا تأتي. مهم أن يتم العمل على إرساء كل القوانين والنظم التي تحفظ للكتّاب والمبدعين حقوقهم وكرامتهم وصمودهم في وجه المصاعب والتحديات على اختلاف أشكالها وأساليبها .