وقعت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها، أمرا تنفيذيا جديدا، يوم الأربعاء، يحظر التعاملات مع 8 تطبيقات لها علاقة بالصين، منها شركة الدفع عبر الهاتف المحمول الرائدة في الصين ((آلي بَي -Alipay)).
هذه الخطوة هي محاولة جائرة أنانية أخرى لجعل الشركات الأجنبية ضحية، من أجل تحقيق مكاسب سياسية محضة، وحفر ثغرات للإدارة القادمة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. إن مثل هذا الاستغلال لسلطة الدولة لن يسفر عنه سوى التدمير الذاتي للولايات المتحدة، ومَن يدفع الثمن سيكون السوق والشركات والمجتمع المالي الأمريكي.
هذه الخطوة الأخيرة المفتقرة لأي أساس، إلى جانب سلسلة من الإجراءات العقابية التي تستهدف الشركات الصينية في السنوات الأخيرة، لن تؤدي إلا لمزيد من التدهور في بيئة الأعمال الأمريكية، ومزيد من مخاطر إغراق الاقتصاد الأمريكي الضعيف في ركود أعمق، ويمكن أن تضعف ثقة المستثمرين العالميين في سوق الولايات المتحدة.
وبينما تتم معاقبة الشركات الأجنبية تحت نفس الذريعة القديمة المتعلقة بمخاوف الأمن القومي، فشل صانعو القرار في واشنطن، كما هم دوما، في طرح أي دليل ملموس يدعم اتهاماتهم. ويبدو أنه ما داموا يرون ذلك مناسبا، فالحقائق يمكن تنحيتها جانبا.
من الواضح أن هذه الاتهامات، التي تستند إلى عقلية المحصلة الصفر سيئة السمعة، قد كشفت انغماس الإدارة الأمريكية الحالية المعتاد في الحمائية والتنمر الاقتصادي أيضا. أي شركة أجنبية يمكن وضعها في مرمى نيران العقوبات التعسفية إذا اعتبرها أولئك الساسة في واشنطن، تهديدا مزعوما للولايات المتحدة.
والعداء المتصاعد تجاه الشركات الصينية يبرز أيضا آخر جهود للإدارة الأمريكية الحالية للحفاظ على قاعدتها التصويتية المتشددة، على حساب الصالح العام للبلاد، وتقليل مساحة التحرك للإدارة الجديدة للتعامل مع أهم علاقة ثنائية في العالم.
الخبر الجيد هو أن التصرفات التعسفية للإدارة المنتهية ولايتها واستغلالها لسلطة الدولة في القطاعات الاقتصادية، قد قوبلت بالرفض من قبل بعض اللاعبين الهامين في السوق الأمريكية.
فقد أعلنت بورصة نيويورك يوم الإثنين بالتوقيت المحلي، أنها لن تقوم بعد الآن بشطب ثلاث شركات اتصالات صينية عملاقة، متخلية عن خطتها السابقة التي تم وضعها في أعقاب أمر الحكومة الأمريكية الصادر في نوفمبر من العام الماضي.
وهذا يكشف عدم رغبة أسواق المال والاقتصاد في وول ستريت، في اتباع القرارات السياسية للإدارة الحالية، ورفض أن يتم اختطافها من خلال مناورات سياسية لن يثمر عنها سوى التدمير الذاتي.
على صانعي القرار في البيت الأبيض، الحاليين والمستقبليين، أن يدركوا أن القمع التعسفي ضد الشركات الأجنبية لن يؤدي لشيء سوى الإضرار بالمكانة العالمية للبلاد باعتبارها اقتصاد سوق حر قائما على القواعد، ومن المؤكد أن الكيد سيرتد على صاحبه. وفقط من خلال العودة إلى احترام سيادة القانون ومبادئ السوق يمكن للولايات المتحدة أن تعيد البناء تدريجيا وبشكل أفضل.