- جهاد حرب
غزت مواقع التواصل الاجتماعي، مساء يوم الأربعاء الفارط، اشاعات لحركة تنقلات وإحالات للتقاعد "إقالات" واستقالات لعدد من رؤساء المؤسسات العامة أغلبها ذات الطابع القضائي. هذا الهرج والمرج أساسه غموض أسباب الاستقالة لرئيس هيئة مكافحة الفساد وسبقها استقالة محافظ سلطة النقد قبل أيام. خاصة أن هاتين المؤسستين لهما خصوصية في التعيين من ناحية فترة البقاء في المنصب قانونا، ولناحية تأثير هاتين المؤسستين في جودة الحكم وضمان حقوق المواطنين والدولة وحمايتهما، وفي نظرة المؤسسات النظيرة لها أو المؤسسات الإقليمية والدولية المشاركة في عضويتها ممثلا لدولة فلسطين.
الاستغراب هنا أن رئيس هيئة مكافحة الفساد عُيّن في هذا المنصب قبل عام وسبعة أشهر، ومحافظ سلطة النقد تم التجديد له لولاية جديدة قبل ثلاثة عشر شهرا فقط؛ أي أنهما لم يكملا نصف الولاية القانونية لهما؛ وهنا تمنح المدد القانونية هذه بالأساس لتوفير الحماية لأصحاب هذه المناصب من التعسف في الإقالة، والخوف من الضغوط الخارجية عليها أو التدخل في أعمالها، أو الحوف من تزلف أصحاب هذه المناصب للمسؤولين لغير غايات القانون واحكامه أو تعظيم مصالحهم على حقوق ومصالح المواطنين.
فيما تكمن المسألة الثانية في طريقة الاستقالة وغموض أسبابها أي غياب المعلومات الأمر الذي أتاح الفرصة للتكهنات في وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن الأسباب، وزاد اللغط والاشاعات حولها، ومنح المزيد من الفرص للحديث عن استقالات/ إقالات في مواقع مختلفة في بنية النظام السياسي ما أحدث إرباكا في الشارع الفلسطيني. ناهيك عن تساؤلات مستقبلية من قبل المؤسسات النظيرة أو المؤسسات الإقليمية والدولية المشاركين فيها بخصوص هذه التغييرات.
إن عدم وضوح آليات التعيين والاقالة والاستقالة في مثل هكذا مناصب هامة، وعدم تفسير أسباب اتخاذ القرارات العامة، بغض النظر عن الأشخاص سواء الذين قدموا استقالاتهم أو تم تعيينهم حديثا الذين تربطني علاقات طيبة بهم، يفقد إدارة الحكم صدقيتها أمام المواطنين الذين يحتاجون لتوضيحات وتفسيرات من قبل المسؤولين لمثل هكذا قرارات الأمر الذي يضعف ثقة المواطنين بمتخذي القرارات العامة.
وفي ظني أن هذه الاستقالات دون وجود توضيحات ودون تفسير لأسباب الاستقالة وقبولها تبقى بطعم الإقالة، وهو "أي تفسير القرارات" حق للشعب الفلسطيني لا مندوحة عنه، وواجب على المسؤولين لا مفر منه؛ لحماية النظام وتحسين ادارته وتصويب أعماله، ولتعزيز شفافية أفعاله، ولتوفير المساءلة فيه، ولضمان نزاهة العاملين فيه، ودونها تبقى البلاد تحت وطأة الإشعاعات وسراديب الأسرار المُعتمة.
مما لا شك فيه أن نظام الحكم بات اليوم أحوج أكثر من أي فترة سابقة، بل واجب عليه، اتخاذ إجراءات وتدابير لتعزيز نزاهة إدارة الحكم وبخاصة وضوح طريقة التعيينات للمناصب العامة والحساسة في الدولة بإنشاء لجنة جودة الحكم في القطاع العام تنظر في تعيينات المرشحين للوظائف العليا في القطاع العام، وتحديد الإجراءات المتعلقة بالمنافسة والإعلان عن الشواغر الوظيفية في الفئتين الخاصة والعليا، والنظر في الشكاوى المتعلقة بالتعيينات في القطاع العام.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت