أنياب الديمقراطية..

بقلم: أشرف صالح

أشرف صالح
  • اشرف صالح

جرت العادة وبحسب إعتقاد عامة الناس أن الفاشية والدكتاتورية والكهنوتية والثيوقراطية , هي فقط التي لها أنياب لتنهش حرية وإرادة الشعوب , ولكن الديمقراطية أيضاً لها أنياب وتستخدمها عند الحاجة , وخاصة عند بعض الساسة اللذين يستنفذون كل قدراتهم الناعمة وطاقاتهم الديماغوجية , ومع أن الأنياب وتحت مسمياتها الغلافية تشترك في هدف واحد , وهو تمزيق جسد الإرادة والحرية لكل فرد في المجتمع , إلا أن أنياب الديمقراطية هي الأكثر فتكاً بأفراد المجتمع , وذلك لأنها تخلع عباءة الوحش الكاسر "الفاشي والدكتاتور والكهنوت" وتلبس عباءة السياسي التي سيتحول الى "حاوي وبهلوان" ليتقمص أدوار متعددة كي يبقى في السلطة دون حسيب ولا رقيب .

ظهرت أنياب الديمقراطية في ثلاث نماذج حية تصدرت وسائل الإعلام , وهي الثلاث دول التي إشتهرت وعلى مستوى العالم بتسويق مصطلح الديمقراطية , والتغنى بها ليلاً نهاراً , وهما , دولة الإحتلال "إسرائيل" ودولة تحت الإحتلال "فلسطين" والدولة الراعية للإحتلال "أمريكيا" وهذه الدول صنعت من الديمقراطية أنياباً تناسب طبيعة جسد المجتمع , فالأنياب التي إستخدمها ترامب قبل أيام تعبر عن شخصيته الهمجية والتي تعتمد على الهجوم المباشر , والتشكيك في كل شيئ , فهو شكك في أصوات كل شعوب أمريكيا وطعن فيها مقابل عدم إعترافه بالخسارة , وحتى هجوم مناصريه على البرلمان بإيعاز منه كان بهدف قلب الطاولة على الجميع , حتى لو أدى ذلك الى إنهيار أمريكيا بدءاً من سقوط راية الديمقراطية وإنتهاءاً بحرب أهلية .

أما في إسرائيل فأنياب الديمقراطية تتمثل في قوانين الإنتخابات , والتي تهمش صوت المواطن الناخب , وتدعم مزاج الأحزاب السياسية والتي هي تقرر من سيشكل الحكومة , فالحزب الذي أعطاه الشعب أصواتاً كي يحكم , لا يستطيع أن يحكم إلا في حال رضا باقي الأحزاب عنه , كي يستطيع أن يشكل إئتلاف حكومي بالشراكة مع باقي الأحزاب المتنافسة معه بالأصل , ناهيك عن إستغلال الساسة في إسرائيل لهذا القانون , كي يحققوا  أطماعهم الشخصية ويضعوا شروطهم , مثلما يحدث الآن وأدى الى إجراء إنتخابات رابعة في أقل من عامين , فالشعب في إسرائيل سيذهب لينتخب للمرة الرابعة في ظل جائجة كورونا , دون أن يكون صاحب القرار المباشر والفعلي بما يتعلق بإختيار الحاكم .

أما فلسطين والتي كان لها مخالب مشهورة في وجه الإحتلال سعياً للتحرر وممارسة الحكم الذاتي في قالب ديمقراطي ونزيه , أصبح لها أنياب عندما أصبحت دولة تقترب من الإستقلالوتؤمن بالديمقراطية وحرية الإختيار والرأي , فمأساة الديمقراطية في فلسطين لا تقتصر على عدم وجودها منذ أكثر من عشر سنوات , بل تتمثل بأنها أصبحت رهينة مزاج قطبي الصراع منذ الإنقسام وحتى يومنا هذا , فاليوم وللأسف الشديد تعتبر الإنتخابات من وجهة نظر الفصائل هي مدخل لإنهاء الإنقسام قبل أن تكون حق مشروع للشعب الفلسطيني , ورغم أن الإنتخابات الفلسطينية عملياً ليس مدخل لإنهاء الإنقسام , وربما تزيد الإنقسام , إلا أنه تم إستخدامها فقط بعد إستنفاذ كل الوسائل لإنهاء الإنقسام , والفشل الذريع والغير مبرر والغير مغفور في إتمام المصالحة , ومع كل هذا فليس هناك إحتمال ولو واحد بالمئة بإجراء إنتخابات , لأن النوايا غير سليمة والإدارة غير صحيحة .

 

أتمنى أن تخرج فلسطين من التصنيف الثلاثي بما يخص الديمقراطية  وبحسب هذا المقالوأتمنى أن يصدر المرسوم الرئاسي بالإنتخابات خلال أيام كما يقولون , وأتمنى أن توافق إسرائيل على إجراء الإنتخابات في القدس الشرقية , وأتمنى أن لا تكمن المشكلة في التفاصيل , ويتحول الخلاف من "متتالية أم متزامنة" الى خلاف على لون وحجم صندوق الإقتراع .

كاتب صحفي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت