انتخابات...ولكن

بقلم: خالد معالي

الكاتب خالد معالي
  • د. خالد معالي

ما أن أعلن الرئيس الفلسطيني عن موعد إجراء الانتخابات ، حتى باتت حديث الساعة، وراح الجمهور الفلسطيني وخاصة جمهور ال"فيسبوك" يموج موجا بالتعليقات والتحليلات، وكل يدلي بدلوه حول المشاركة وظروفها وعن الوضع العام.

اجراء الانتخابات لن يحرر فلسطين، ولكن كونها تقرب القوى من بعضها وتوحد الشعب فهي اذن بالضرورة خطوة ملحة ومطلوبة، هذا ما يقوله منطق الاشياء، فكل ما يقرب قوى الشعب من بعضها، يجب ان يعمل به، فتوحد القوى يقرب من كنس الاحتلال لمزابل التاريخ، وتشتتها وخصامها يبعد وقت التحرير.

سأركز في مقالي هذا عن موقف حركتي حماس وفتح كونهما الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية والمؤثرين، وبشكل اقل تيار  دحلان الذي سارع لاعلانه المشاركة في الانتخابات، بينما اليسار الفلسطيني بقي يراوح مكانه، وكل ما في جعبته النقد اللاذع للفصيلين الاكبر، تماما كما كان في انتخابات 2006، حيث يستخدم نفس الطرق و الأساليب دون أن يعيد تقييم أدائه ويطوره  والتعلم من إخفاقاته السابقة واستقاء العبر منها.

حركة فتح ومعها الإقليم ستبقى هي المتصدرة للمشهد الفلسطيني وتقود السلطة الفلسطينية، مهما كانت نتائج الانتخابات، واصلا المرحلة ومعطياتها تشير الى ان فتح في المنظور القريب ستبقى تقود الشعب الفلسطيني، ومزاحمة تيار دحلان لن تكون له الكلمة العليا في المنظور القريب، في ظل سيطرة وتحكم حركة فتح بمفاصل كثيرة.

حركة حماس بدورها ترى أن قراءتها للمرحلة والواقع استوجب عليها ان تتنازل بالتتالي لإجراء الانتخابات، ففتح تتخوف من صدمة انتخابات 2006، والوضع الداخلي والدولي لا يحتمل تكرارها، وحماس تحقق من خلال الانتخابات تنفيس حالة الاحتقان بالوضع الداخلي الفلسطيني، وتخفيف العبىء من حمل وثقل غزة المحاصرة من كل حدب وصوب، ولا يصح لمن يطرح برنامج مقاوم وقدم الغالي والنفيس لاجله ان لا يعمل على تقويته بتجميع الطاقات وتوحيدها حتى ولو كان على حساب التنازل لاخيه .

بالاصل يجب اجراء الانتخابات بشكل دوري مهما كانت الظروف، وان كان ظرف وجود احتلال صعبا جدا من ناحية اجراء انتخابات وهو موجود وما زال جاثما على صدور الفلسطينيين، لكن هذا هو الواقع،  ولا بد من تحدي معطياته، ومن اوجد هذا الواقع هو بفعل ظروف قاهرة من احتلال، واخطاء حصلت على مستوى اتخاذ القرارات المصيرية والكل يتحمل وزر المرحلة، ولكن بنسب متفاوتة حسب موقعه ومركزه وقدرته على التأثير واتخاذ القرارات.

الكون والوضع لا يقبل السكون، ولا بد من الحركة، والتغلب على الواقع المعاش، لا بد له من قرارت حكيمة وفهم جيد للواقع وتحدياته، ومن يتنازل لاخيه لا يعتبر تنازل، وفرق بين من يتنازل لأخيه وبين من يتنازل لعدوه.

تلقائيا، سيتسبب إجراء الانتخابات رفع مستوى الحريات، لانه لا يعقل اجراء انتخابات في ظل ما هو موجود،  وحل الملفات الداخلية دفعة واحدة صعب جدا، والمطلوب حلحلة الملفات ملف تلو ملف، وسريعا، لان الوقت ما عاد يعمل لصالح من يتلكأ عن اتخاذ قرارت لصالح شعبه، ولا بد من رفع سقف الحريات ورفع مظالم حصلت، وكل خطوة تتخذ في هذا الطريق ستلقى ترحبا وتأييدا كبيرا من قبل الشعب وتعيد ثقته بقياداته وقواه الحية.

في الحالة العادية اجراء انتخابات بشكل دوري هو امر عادي جدا في الدول المتحضرة، وعدم اجرائها هو ديدن الدكتاتوريات سيئة السمعة بالوطن العربي، ومن هنا فان خطوة اجراء الانتخابات تحسن من سمعة قضيتنا، وتنطلق بقضيتنا وشعبنا لبر الامان ولو على المستوى الداخلي على الاقل، رغم مرارة الواقع وتعقيداته.

من يقول ان بقاء الحال عليه هو افضل من اجراء انتخابات هو غير دقيق في تشخيص المرحلة، فالطاقات تهدر مجانا في ظل الانقسام وعدم الوحدة والاتفاق، فالاخوة منقسمون وهو لا يصح حتى بدون وجود احتلال فكيف مع وجود احتلال؟! ولا بد من خطوة تقرب القلوب وتصفي النفوس وتزيل الاحقاد، فالتنافس على انتخابات بطرق ديمقراطية هو امر حضاري، وأمر جيد، وان كانت الانتخابات منقوصة ببعض تفرعاتها، وان تأتي ولو كانت متأخرة،  أفضل من ان لا تأتي ابدا.

 نزول فتح وحماس في قائمة مشتركة امر فرضته المرحلة، فنحن لا يجب ان ننسى اننا ما زلنا تحت احتلال، ويبقى فكرة الوحدة وتوحيد الطاقات والجهود هو الملح ، واجراء الانتخابات بالضرورة تقرب وتوحد ولا تفرق، ومن هنا نقول اصاب من اختار وقرر الوحدة وتسامى على الجراح، فالوطن اكبر  من الجميع.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت