- عماد عفانة
من المبكر الإفراط في التفاؤل بأن إجراء الانتخابات سيشكل أولى خطوات إنهاء الانقسام الفلسطيني.
فمع التوقيع قبل يومين على مرسوم إقامة الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بالتتابع، دشن الرئيس عباس لإنهاء إحدى نقاط الخلاف الفلسطيني الفلسطيني القائمة منذ نحو 14 عاماً.
نحو 120 يوما تبقت على بدء الانتخابات التشريعية حسب المواعيد المعلنة لهذه الانتخابات، لكن هل يمكن اعتبار هذه الانتخابات نهاية للانقسام أم بداية لانقسام جديد، علما أن الرئيس عباس كان وما زال يرفض تشكيل حكومة وحدة فلسطينية لمواجهة المخاطر التي تعترض القضية.
فاذا كانت أسباب الانقسام الذي دام 14 عاما، ما زالت قائمة، هذه الأسباب التي تتمثل بعدم اعتراف "إسرائيل" والدول الغربية، مع عدد من الدول العربية، بتحريض كبير من حركة فتح وسلطة الرئيس عباس، بتبوؤ حماس لسدة الحكم، لأسباب حزبية أنانية ضيقة، نظرا لكون ذلك يحرم حركة فتح من كونها الحزب الحاكم، والمتفرد الوحيد بالسيطرة على منظمة التحرير.
اذا كانت هذه الأسباب ما زالت قائمة، فما الذي تغير.!!
وما الذي يضمن اعتراف هذه الأطراف بنتائج الانتخابات الجديدة!!
أم أن مراسيم الرئيس عباس التي أصرت على اجراء الانتخابات بنظام التمثيل النسبي الكامل، خلافا لجميع الاتفاقات الوطنية السابقة، سيحرم حماس وأي حزب آخر من تشكيل الأغلبية، ما يمكن أن يشكل مخرجا، حيث سيضطر أي حزب فائز لعقد تحالفات وشراكة مع آخرين لتشكيل الأغلبية.
ومما يزيد من تشكك المراقبين في نوايا الرئيس عباس، اصراره على اجراء الانتخابات بالتتابع وليس بالتزامن كما كانت تصر حركة حماس، الأمر الذي قد يدفع الرئيس عباس لعدم استكمال العملية الانتخابية للرئاسة وللمجلس الوطني اذا لم تعجبه نتائج الانتخابات التشريعية .
فيما يذهب البعض إلى أن اصرار الرئيس عباس على اجراء الانتخابات بالتتابع هدفه اختبار نوايا حماس من جانب، ومن جانب آخر قياس وزن حماس وشعبيتها في الشارع بعد 14 عاما من الحصار والتشويه لمسارها وسلوكها، والاستنزاف والافقار لحاضنتها الشعبية في غزة.
الأمر الذي قد يدفع حماس لاستخلاص العبر من تجرتها المريرة في الحكم، واستقراء المزاج الدولي والاقليمي المعادي، لجهة حرصها على عدم الفوز بالأغلية مجدّداً في هذه الانتخابات، كي تتجنب أي ردة فعل مشابهة لعام 2006.
لذا يتوقع المراقبون ألا تحرص حماس على الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، والاكتفاء بكونها كتلة برلمانية قوية مانعة، لتشجيع حركة فتخ والرئيس عباس للمضي نحو الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني، كونها الأكثر تأثير والأبلغ أثرا على مسار ترميم منظمة التحرير، المظلة الوطنية الجامعة لشعبنا في الداخل والخارج، على عكس المجلس التشريعي الذي يمثل أحد افرازات اوسلو، والذي لا يمثل الا شعبنا في الضفة وغزة فقط.
كما من المتوقع أن تضع حماس كامل ثقلها في انتخابات المجلس الوطني، لضمان تشكيل اغلبية تمكنها من عقد شراكة وطنية من موقع القوة، شراكة تضمن مشاركة الكل الوطني في اعادة صياغة الحالة الفلسطينية بكاملها، وتوجيه دفة النضال نحو المنطلقات الأساسية التي انطلقت من أجلها منظمة التحرير، المظلة الوطنية التي تحظى بإجماع فلسطيني وباعتراف دولي، بعيدا عن اتفاقات اوسلو وافرازاته التي حرفت بوصلة النضال، وتنكبت طريق الثورة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت