- وكالة الأونروا وقضية اللاجئين في خطر غير مسبوق .. تتطلب تبني استراتيجية وطنية موحدة قابلة للمراكمة..
وجهت "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" رسالة إعلامية إلى الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج، أشارت فيها إلى حجم الضغوطات والمخاطر غير المسبوقة المحدقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة من خلال استهداف وكالة "الأونروا"..
وتضمنت رسالة "الهيئة 302" مقترح مبادرة عملية تتعلق بمواجهة الهجمة على وكالة "الأونروا" ووضع حقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين، تخلص إلى الدعوة إلى تبني إستراتيجية عمل وطنية موحدة قابلة للمراكمة بتكامل الفعل السياسي الدبلوماسي مع الفعل الشعبي، على أن تأخذ المبادرة بعين الإعتبار حماية حقوق اللاجئين من خلال حماية "الأونروا"، والتخلص من أزمتها المالية المزمنة وتوسيع خدماتها الإغاثية للاجئين.. وأشارت "الهيئة 302" في رسالتها استعدادها الكامل للتعاون وتقديم ما يلزم من إمكانات لإنجاح المبادرة .
وهذا نص الرسالة والمبادرة:
حضرات الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية كلٌّ باسمه وصفته ومن يمثل،،
بعد التحية والإحترام،،
تتعرض وكالة "الأونروا" ومن خلالها قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى هجمة شرسة غير مسبوقة لا سيما خلال الأربع سنوات التي خلت هي عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، واتخذ شكل الهجوم وضوح كامل في أسباب الإستهداف غير الموضوعية، حيث تم الإعلان عنه صراحة وفي أكثر من مناسبة بأن الوكالة تديم قضية اللاجئين وتضخم أعدادهم وبأن الوكالة تقف عقبة أمام عملية التسوية وبأنها تؤبد الصراع مع الإحتلال... ناهيك عن أن ما تسمى بصفقة العصر قد أفردت 16 صفحة للحديث عن حل لقضية اللاجئين من خلال طرح ثلاث خيارات إما بالتوطين في الدول المضيفة، أو العودة إلى أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد موافقة أمنية من الإحتلال، أو توطين 5 آلاف لاجئ سنوياً ولمدة 10 سنوات في واحدة من دول مجلس التعاون الخليجي.
ولا يخفى عليكم أن قضية حوالي 8 ملايين لاجئ فلسطيني هي قضية سياسية بالدرجة الأولى ترتبط بحق العودة وتقرير المصير، وبأن حق العودة ووفقاً للقرارات والمعاهدات والقوانين الدولية من الحقوق غير القابلة للتصرف ولا يحق لأي كان التنازل أو التفاوض على هذا الحق وبأنه حق فردي وجماعي ولا يسقط بتقادم الزمن، وبأن صمود اللاجئين لأكثر من 72 سنة من عمر النكبة يشكل علامة فارقة لشعب يريد حقوقه المشروعة بالعودة وتقرير مصيره على أرضه شأنه في ذلك شأن جميع شعوب العالم، وهو الأمر الذي يتنكر له الإحتلال أولاً والمجتمع الدولي ثانياً الذي يكيل بمكيالين، ويمارس سياسة المعايير المزدوجة وفقاً لموازين القوى في الأمم المتحدة.
أمام الهجمة الشرسة والمستمرة على قضية اللاجئين واتخاذ وكالة "الأونروا" عنواناً لهذا الإستهداف من خلال التدرج المنهجي المتسارع لتجفيف منابع الدعم المالي للوكالة وبشكل غير مسبوق، وانعكاس هذا التجفيف على الخدمات التي تقدمها الوكالة وبالتالي على اللاجئين والموظفين..
ووفقاً للمعطيات فقد أوجد أعداء "الأونروا" وقضية اللاجئين وحق العودة حلولاً للمخاوف التي تطرحها الدول المانحة والأمين العام للأمم المتحدة واللجنة الإستشارية للأونروا والتي تعتبرها أسباباً إستراتيجية لاستمرار توفير الدعم المالي للوكالة والذي تلخصه تلك الدول بمسألتين رئيسيتين الأولى بأن "الأونروا" حاجة إنسانية ماسة وضرورية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمسة، وبأن عدم توفير خدمات الصحة والتعليم والإغاثة والبنى التحتية للاجئين في المخيمات سيساهم في عدم الإستقرار الأمني في المنطقة، وبأن حل هاتين المسألتين سيكون من خلال الدفع باتجاه نقل تلك الخدمات الى الدول المضيفة بعد إغراقها بما تريد من الأموال المطلوبة، وبالتالي استيعاب حاجات اللاجئين الإنسانية وتهدئة أي ثورة يمكن أن تطالب بالحاجات الإنسانية، وعملياً الإنتهاء التدريجي من عمل الوكالة، وتحقيق الهدف السياسي المنشود بالتخلص وإزاحة أحد الشواهد الرئيسية على جريمة اقتلاع الشعب الفلسطيني، إذ على هذا الشاهد أن يبقى حياً.
بقيت المسألة الأساس وهي مربط الفرس والتي تتعلق بالبعد السياسي لقضية اللاجئين المتمثل بحق العودة والذي تعتبره حكومات الإحتلال من المحرمات، ومراكز الدراسات والأبحاث الأمريكية والصهيونية المتخصصة مُنكبة على إصدار الدراسة تلو الدراسة وتزويد الدول المانحة، ويصل نسخ منها تباعاً للدول المضيفة للاجئين والأمم المتحدة بضرورة التخلص من وكالة "الأونروا" كمقدمة لإنهاء قضية اللاجئين وحقهم في العودة، لأن هذا الحق جوهر تأبيد الصراع مع الإحتلال ويتعارض مع قانون القومية اليهودي الذي سنّه الإحتلال عام 2017.
تعبر وكالة "الأونروا" عن المسؤولية السياسية الدولية تجاه قضية اللاجئين، وبناء عليه يجب على الوكالة الإستمرار في تقديم خدماتها إلى حين إنتفاء السبب الذي لأجله تأسست، أي بتحقيق العودة.
مما لا شك فيه أن تخلي المجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة عن الوكالة والملاحظات المتكررة على عملية الإصلاح وعلى المنهجية التي تدار فيها الوكالة..، قد أسهم في استفحال أزمة "الأونروا" وتسهيل استهدافها.. وعليه يكون من البداهة الإستنتاج بأن حماية "الأونروا" كمقدمة لحماية حقوق اللاجئين بالعودة، يقتضي معالجة الجذور وليس إدارة الأمور.
لا بد من الإشارة بأنه حين أنشأت وكالة "الأونروا" اتخذت صفة المؤقت على اعتبار بأنه سيصار إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الأممي رقم 194 لتاريخ ديسمبر 1948، الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، وانبثقت عن القرار لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين (UNCCP) المكونة من أمريكا وتركيا وفرنسا وكانت مهمتها بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية والجسدية والإنسانية للاجئين، وضع برنامج وآليات لعودة اللاجئين إلى بيوتهم بما يشمل كل اللاجئين الفلسطينيين في العالم، ولكن جرى تعطيل عمل اللجنة منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، على الرغم من وجودها حتى اللحظة وتقدم تقريرها للجمعية العامة مطلع شهر أيلول/سبتمبر من كل عام.
وبناء على تعنت دولة الإحتلال الإسرائيلي واعتبار حق عودة اللاجئين من المحرمات.. استمر عمل الوكالة حتى يومنا هذا، أضف إلى ذلك بأن عملية تمويل "الأونروا" مع بداية نشأتها بان تكون طوعية كانت مقبولة إذ كانت مترافقة مع مفهوم أن وكالة "الأونروا" هي وكالة مؤقتة وسينتهي دورها قريبا مع عودة اللاجئين، ولكن بقي التمويل وحتى يومنا هذا طوعياً ويخضع أحيانا لشروط الممول.
جاءت وكالة "الأونروا" ووفقا لولايتها بأن تكون خدماتها محصورة فقط باللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلاتها وفي مناطق جغرافية خمسة فقط ، ليصبح عدد اللاجئين المسجلين في سجلاتها حسب إحصاء الوكالة لسنوات 2018 – 2019 قد وصل إلى 6.125.236 لاجئ، لكن العدد الفعلي تجاوز الـ 8 ملايين لاجئ حسب تقديرات معظم مراكز الدراسات والأبحاث.
وبالتالي نظام "الأونروا" الحالي بما يشمل ولايتها المحدودة ومهماتها وطريقة تمويلها لم يعد يصلح للتعامل مع مأساة اللاجئين المتفاقمة، مع امتداد حالة اللجوء لأكثر من 72 سنة، وتضاعف أعداد اللاجئين، وزيادة احتياجاتهم.
لذلك في الوقت الذي نتمنى فيه لم الشمل الفلسطيني وإعاد بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دور المؤسسات، وتحقيق المصالحة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني..، فإننا في "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" نضع بين أيديكم مقترح مبادرة موجهة كذلك لممثلي المجتمع المدني والفعاليات الوطنية نعتقد بانها تشكل منطلقاً لتبني إستراتيجية عمل وطنية موحدة قابلة للمراكمة بتكامل الفعل السياسي الدبلوماسي مع الفعل الشعبي، تكون قادرة على حماية "الأونروا" وتطوير ولايتها وصلاحياتها، فالمسؤولية الوطنية الفلسطينية تقتضي تحركاً سياسياً نشطاً يسند الفعل الشعبي المنظم، سواء من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بالدرجة الأولى وفصائل قوى التحالف الفلسطيني.
المبادرة:
- التأكيد على أن وكالة "الأونروا" يجب أن تستمر بتقديم خدماتها كاملة إلى حين عودة جميع اللاجئين لسنة 1948 والمهجرين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لسنة 1948 وعودة النازحين بعد نكسة العام 1967.
- الدفع باتجاه نقل ولاية وملفات لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين (UNCCP) لسنة 1948 إلى وكالة "الأونروا".
- توسيع تعريف من هو اللاجئ والمهجر الفلسطيني ليس بالإستناد إلى الخدمات التي تقدمها وكالة "الأونروا"، بل بموجب التعرض للطرد والإقتلاع بحسب القانون الدولي للاجئين.
- الدفع باتجاه ألا تبقى ولاية وخدمات "الأونروا" محصورة فقط باللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلاتها في المناطق الخمسة.
- الدفع باتجاه جعل موازنة "الأونروا" الأساسية لتغطية البرامج والخدمات، جزءً من مساهمة الدول الإلزامية في صندوق الامم المتحدة، على أن تراعي الموازنة العامة نسبة زيادة سنوية تتوافق مع نسب ازدياد أعداد اللاجئين واحتياجاتهم مع الأخذ بعين الإعتبار، أن تكون الميزانية الإدارية من الأمم المتحدة وألا تكون جزءً من ميزانية البرامج أو الميزانية العامة.
- اعتبار نقل خدمات "الأونروا" إلى الدول المضيفة أو أي من المنظمات الأممية أو منظمات المجتمع المدني غير الحكومية المحلية أو الدولية.. إجراء غير قانوني أولاً، ويصب في خانة التآمر على قضية اللاجئين وشطبها عن الخارطة السياسية ثانياً.
- التأكيد على أن العمل الدبلوماسي والشعبي الفلسطيني لا يستهدف "الأونروا" ولا يستهدف تعطيل أعمالها، إنما المستهدف هي الدول التي تعرقل تمويل "الأونروا" وتضغط على الدول المانحة لنزع الثقة بينها وبين "الأونروا"، كما أن التعاون والتنسيق مع "الأونروا" لا يعني القبول بما تتخذه من إجراءات تتعلق بالخدمات أو بتقديم البدائل والحلول الوسط بل على الوكالة أن تتحمل مسؤولياتها.
- استخدام جميع الوسائل الإعلامية والقانونية والسياسية والدبلوماسية والمناصرة اللازمة التي من شأنها أن تساهم في الضغط على صانع القرار في الأمم المتحدة لحماية "الأونروا" واستمرار تقديم خدماتها.
إن مواجهة الهجمة على الوكالة وقضية اللاجئين تتطلب عملاً استراتيجياً قابلاً للمراكمة، عبر تحشيد الدول المناصرة، والرأي العام العالمي، وتحريك الشارع الفلسطيني، ونحن بدورنا في "الهيئة 302" نبدي استعدادنا الكامل للتعاون وتقديم ما يلزم من إمكانيات للدعم والمساندة.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام والتقدير،،
الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين
بيروت في 17/1/2021