فتاة سورية تجد في كرة القدم ملاذا لتخفيف ضغوط الحياة

لاعبات سوريات في مباراة لكرة القدم بالحسكة، 3 ديسمبر 2020. (شينخوا)

لا تفارق الابتسامة البشوشة وجه اللاعبة السورية فريال أحمد وهي تتحدث مع صديقاتها في طريقهن إلى ملعب كرة القدم في محافظة الحسكة (شمال غرب سوريا) لإجراء التدريبات المعتادة برفقة مدربهمن لكسب مهارات اللعب.

وتحلم اللاعبة فريال أحمد التي ترتدي القميص والسروال الأحمر، وقبعة سوداء على رأسها منذ طفولتها بأن تصبح لاعبة كرة قدم مشهورة، والرياضة ـ حسب رأيها ـ تساعدها في التغلب على صعوبات الحياة والظروف التي تمر بها البلاد حاليا .

وتحرص الفتاة البالغة من العمر 18 عامًا على حضور جميع التدريبات مع زميلاتها في الفريق ، حيث يقفزن ويركلن ويمررن الكرات لبعضهن البعض بنشاط شديد ومهارة ولياقة ، وخلال التدريب تتعرض ساق اللاعبة فريال أحمد للإصابة، لكن هذا لا يزعجها على الإطلاق لأنها تنهض مرة أخرى وتستمر في الركض خلف الكرة لحبها الشديد لكرة القدم .

وتعود قصة اللاعبة فريال مع كرة القدم إلى طفولتها، عندما كانت طفلة صغيرة، لم يكن لها صديقات في مثل عمرها، فكل ما وجدته حولها هو إخوتها وابناء عمومتها من الذكور، مما اضطرها للعب معهم .

وكرة القدم يُنظر إليها عمومًا على أنها لعبة مقتصرة على الرجال في سوريا، وبالتالي قلما تجد فتيات يلعبن كرة القدم، والغالبية منهن يتوجهن إلى رياضات تناسبهن ككرة السلة واليد والتنس وغيرها من الرياضات الأخرى .

وبدأت اللاعبة فريال تلعب كرة القدم بقصد إشباع رغبتها وطموحها ، مع إخوتها وابناء عمومتها من الذكور، ومع ذلك فإن هذه اللعبة الممتعة بالنسبة لها تحولت من مجرد رغبة إلى هواية فيما بعد ، وبدأ حلمها يكبر رويدا رويدا في أن تصبح لاعبة كرة وراح يتبلور في خيالها إلا أن اندلاع الحرب في منطقتها تسبب في حرمانها من هذا الحلم ، حتى ولو كان بشكل مؤقتً.

فريال أحمد تجري عملية إحماء قبل المباراة، 3 ديسمبر 2020. (شينخوا)

وعانت فريال من الخوف كثيرا وخاصة عندما اندلعت الحرب في سوريا ، مما اضطرها للفرار مع عائلتها من منزلهم في مدينة عين العرب ، المعروفة أيضًا باسم "كوباني" ، في شمال سوريا، بعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى منطقتهم ، وهذا التنظيم كان يشكل كابوسا مرعبا للأطفال الذين كانوا في سنها.

وقالت وهي تقف في ملعب كرة القدم "فجأة سمعنا أن" داعش " قد وصل إلى المدينة وكان يتقدم بسرعة، لذلك شعرنا بالخوف، لأنه يؤذي النساء، فهربنا إلى تركيا وهناك حيث شعرنا بالحنين إلى الوطن وعدم الاستقرار ".

وتابعت تقول وهي تضع يداها في سترة سوداء، "كانت لدينا مخاوف من أننا قد لا نعود إلى الوطن أبدًا، وهناك لم ألعب كرة القدم ولكن بعد فترة ، علمنا أن هناك ملعبً خاص لكرة القدم وذهبت مع إخوتي للعب فيه " .

وعندما فروا إلى تركيا كانت اللاعبة تبلغ من العمر 15 عامًا فقط، ومكثت هي وعائلتها لمدة عامين قبل هزيمة تنظيم "داعش" في عين العرب وتراجعها.

وقالت "عندما خرج تنظيم "داعش" من مدينتنا عدنا إلى المنزل لكن كل شيء متضرر، وحينها عدت إلى المدرسة لكنني لم ألعب كرة القدم لمدة خمسة أشهر"، مشيرة إلى أن الحرب الحقت أضرارا كبيرة في الأبنية، مضيفة "بعد فترة بدأت ألعب كرة القدم في المدرسة مع صديقاتي شجعتهن على اللعب لأن كرة القدم ليست مجرد لعبة للأولاد لأن الفتيات يمكنهن اللعب أيضًا " .

وأضافت فريال أحمد " واصلنا اللعب وأصبحنا جزءًا من أول فريق كرة قدم نسائي في (عين العرب) كوباني، وأحضرت العديد من صديقاتي للفريق الذي اشتهر في المدينة ".

احتفال اللاعبات بعد المباراة، 3 ديسمبر 2020. (شينخوا)

وبالنسبة للاعبة قريال وزميلاتها كانت كرة القدم هي الوسيلة الوحيدة للترفيه عن النفس، ونسيان الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد من أزمات متتالية .

وقالت فريال لوكالة أنباء (شينخوا) "عندما أكون في مزاج سيئ أو عندما يزعجني أي شيء ، ألعب كرة القدم، مما يجعلني أنسى الأشياء التي تزعجني مثل الوضع في المدينة".

واللاعبة فريال لعبت مع عدة أندية محلية في منطقة القامشلي، ولكنها حاليا تلعب مع نادي الخابور الرياضي وترتدي قميصه الأزرق والأبيض، وتسعى جاهدة لتحقيق حلمها بالوصول لتصبح لاعبة مشهورة، وتشارك في بطولات عربية ودولية في المستقبل القريب .

وقال دليل أحمد غفار مدرب المنتخب الذي تلعب به فريال أحمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه اختار اللاعبة فريال للعب في فريق نسائي كان يقوم بتشكيله لأنه رأى فيها موهبة واعدة " .

ورأى المدرب أن تشكيل فرق للشباب في المناطق المضطربة ساعد جيل الشباب على التغلب على الكثير من الضغوط التي مروا بها في طفولتهم.

وقال غفار "عندما توصلنا إلى فكرة تشكيل فريق كرة قدم نسائي، كان الوضع صعبًا، حيث تم إغلاق المدارس وكانت الحياة صعبة للغاية على الجميع في المدينة، ولهذا السبب قمنا ببناء هذا الفريق وآخرين أيضًا قاموا بتشكيل فرق أخرى والحمد لله تمكنا من النجاح ودفع هؤلاء الفتيات بعيدًا عن الأجواء السلبية والمشاكل في المدينة لأن هؤلاء الفتيات ما زلن صغيرات ويستحقن الاستمتاع بحياة سعيدة وطبيعية ، خاصة الآن بعد أن أصبح الوضع في المدينة أفضل".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الحسكة، سوريا (شينخوا)