- بقلم : المستشار جبريل عوده*
لقد كانت تفاهمات إسطنبول بين حركتي " حماس وفتح" نابعة من إستشعار الخطر الوجودي الذي تتعرض له القضية الفلسطينية في ظل صفقة القرن وإجراءات تطبيقها التي نفذها ترامب ضارباً بكل الأعراف والقوانين الدولية ولم يراعي أي إعتبار لحقوق شعبنا ومشاعر الأمة العربية والإسلامية عبر إعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ,وما أعقب ذلك من قرار الضم الصهيوني, لأجزاء من الضفة المحتلة بموافقة أمريكية, التي إعترفت بشرعية الإستيطان الصهيوني بالضفة المحتلة ,في إنتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي بهذا الخصوص , إلى جانب الهرولة التطبيعية لبعض الأنظمة العربية تلبية لنداء الأرعن المهزوم دونالد ترامب.
لذلك فالحوارات التي قادها "العاروري والرجوب" كانت مختلفة عن كل الحوارات السابقة بين حركتي فتح وحماس , للشعور المشترك بخطورة الإستهداف المكثف التي تتعرض له القضية الوطنية , فمهدت سبيل التلاقي بين الفصيلين الكبيرين في الساحة الفلسطينية على طريق الدفاع عن فلسطين أمام الهجمة العدوانية الشرسة .
بعد صدور قرار الرئيس عباس بتحديد مواعيد الإنتخابات الفلسطينية العامة , وحتى لا تكون الإنتخابات محطة تفجير لا قدر الله, تعيدنا للمربع الأول من الشرذمة والخلاف والإنقسام , فإننا نعول على نتائج إجتماع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية المزمع عقده قريبا في العاصمة المصرية, بأن يستشعر المجتمعين الخطر المحدق بقضيتنا ويعملون على أساس دفع الأخطار بالوحدة والإعتصام ,ولذلك نضع بين يدي إجتماع الأمناء العامون بعض الخطوات الهامة التي يجب العمل على تحقيقها وإرسائها قبل الدخول في مرحلة الإنتخابات وإلا فإن المشهد الفلسطيني سيكون أكثر تعقيداً وقسوة ومفتوح على الإحتمالات الصعبة والتي لا يرغب فيها أحد وسيكون الخاسر الكل بلا استثناء.
أولاً: إنجاز رؤية وطنية ضمن القواسم المشتركة التي تؤسس لوحدة فلسطينية راسخة يعبر عنها عبر برنامج سياسي يؤكد على الحقوق والثوابت ويحوز الإجماع الوطني و يرسم الخطوات المطلوبة خلال المرحلة الحالية وأبرزها معالجة التحديات الداخلية ومواجهة الأخطار الخارجية.
ثانياً: تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على قيادة الساحة الفلسطينية في هذه الفترة الحرجة , تشرف على الإنتخابات العامة وتهيئة الأجواء الملائمة لإجرائها مع إعادة الحقوق المسلوبة من الفئات المتضررة جراء الإنقسام البغيض.
ثالثا: تشكيل هيئة قانونية وطنية من الخبراء لمراجعة كافة القرارات القانونية والقضائية ومدى سلامتها وملائمتها لتحقيق سيادة القانون والحيادية والمهنية وتوحيد الأنظمة واللوائح والقوانين والهيئات القضائية في الضفة وغزة مع التأكيد الفصل بين السلطات .
رابعا : تشكيل لجنة أمنية عليا تشرف على عمل الأجهزة الأمنية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة تعزيزا لسيادة القانون ومحاربة أي فلتان محتمل , مع تغليب المصلحة العليا في أداء الأجهزة الأمنية , ومعالجة أي خلل أو إنحراف عن الرسالة الأمنية المحصورة في حفظ الأمن للفلسطينيين وممتلكاتهم وحماية العملية الإنتخابية بعيداً عن التدخل في الشأن السياسي .
خامسا : العمل بجدية على تشكيل القائمة الوطنية المشتركة التي تضم فتح وحماس إلى جانب فصائل منظمة التحرير أو من يرغب من القوى والتجمعات السياسية والنقابية في المشاركة, ضمن برنامج خاص يهدف إلى ترميم الحالة الفلسطينية الداخلية على كافة المستويات التي أنهكتها حالة الإنقسام وآثاره الكارثية .
هذه خمسة نقاط تشكل خارطة طريق نحو إنتخابات آمنة تكون محطة وطنية نحو إنهاء الإنقسام وتعزيز الوحدة والشراكة الوطنية على قاعدة مشروع الصمود والمقاومة لإنجاز الحرية والإستقلال.
كاتب وباحث فلسطيني 20-1-2021
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت