كشف جهاز الأمن الداخلي بوزارة الداخلية في قطاع غزة، يوم الجمعة، تفاصيل اعتقال خلية مُوجّهة من الاحتلال الإسرائيلي للقيام بأعمال "تخريبية" ضد المقاومة الفلسطينية ونشطائها.
جاء ذلك، خلال فيلم وثائقي ميداني بثّته قناة "الميادين" الفضائية، بعنوان "الاغتيال المعنوي"، والذي يعرض تفاصيل انتهاج مخابرات الاحتلال الإسرائيلي أسلوباً جديداً ضد عناصر المقاومة الفلسطينية ونشطائها.
و"الاغتيال المعنوي" هو أسلوب تتبعه مخابرات الاحتلال الإسرائيلي ضمن الحرب النفسية ضد عناصر المقاومة ونشطائها؛ بهدف التأثير على معنوياتهم وإشغالهم في أنفسهم.حسب موقع الداخلية
ومن أدوات الاغتيال المعنوي الذي تمارسه مخابرات الاحتلال: إرسال رسائل تهديد إلكترونية أو عبر الهاتف المحمول لأفراد المقاومة، وإرسال طرود بريدية مشبوهة تحمل رسائل تهديد مُبطّنة، إلى جانب توجيه عملاء لتخريب منازل وممتلكات عناصر المقاومة.
كما تعمد أجهزة مخابرات الاحتلال إلى نشر معلومات مغلوطة وشائعات حول أفراد المقاومة وعائلاتهم، من خلال صفحات مشبوهة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت وزارة الداخلية بقطاع غزة، أعلنت في 3 يوليو من العام الماضي، عن تمكن الأجهزة الأمنية من اكتشاف واعتقال خلية مُوجّهة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، خلال قيامها بعمل "تخريبي" ضد عناصر المقاومة.
كشف التفاصيل
وتضمن وثائقي "ميداني" مشاهد من اعترافات أفراد الخلية المقبوض عليهم، وصور للمضبوطات والأدوات المستخدمة في عملهم "التخريبي"، إلى جانب مشاهد حقيقية لعمليات "التخريب "التي قام بها عناصر الخلية ضد ممتلكات عناصر المقاومة، ومشاهد تمثيلية تُحاكي عملية اعتقال أحد أفرادها من قبل جهاز الأمن الداخلي.حسب موقع الداخلية
وكشف الوثائقي كيفية تضليل أجهزة مخابرات الاحتلال لأفراد الخلية المكتشفة عبر انتحال أسماء وصفات مواطنين من الداخل المحتل، وإيهامهم بأنهم يعملون لصالح "مافيا" خارجية، وإرسال حوالات مالية إليهم كمكافآت نظير ما يقومون به.
واعترف أفراد الخلية بتوجيههم من قبل مخابرات الاحتلال، للقيام بمهام تصوير لأماكن سكن عناصر بالمقاومة، وممتلكاتهم، والقيام بأعمال"تخريبية"، وإرسال رسائل تهديد وترهيب من عناوين مُضللة كتجار ولصوص ومافيا.
عمليات نفسية
بدوره، لفت الخبير الأمني محمد أبو هربيد خلال الفيلم؛ إلى أن "الاغتيال المعنوي" جزء من العمليات النفسية التي تشنها مخابرات الاحتلال، من خلال ضخ الكثير من المعلومات المفبركة والمزيفة الهادفة إلى تشويه صورة الأشخاص التابعين للمقاومة، وعزلهم مجتمعيًا.
ونوه أبو هربيد إلى أن الاحتلال يوظف هذا الأسلوب، ضمن العمليات الاستخبارية التي يقوم بها، دون اللجوء إلى استخدام السلاح والدخول في مواجهة عسكرية لا يرتضيها.
وأشار أبو هربيد إلى أن الاحتلال ركز بعد العدوان الأخير عام 2014 على العمل الاستخباري تحت واجهات مختلفة؛ لتهديد عدد من المقاومين عبر ستار تنظيمات متشددة من الخارج، أو لصوص، أو تجار مخدرات، وعصابات "مافيا".
متابعة ميدانية
وفي تفاصيل عملية القبض على الخلية؛ قال أحد ضباط الأمن الداخلي إنه تم رصد تحركات مريبة لمحيط سكن بعض المواطنين، وشبهات حول طبيعة تلك الأنشطة والتحركات، وقد أفضت الجهود الاستخباراتية إلى التيقن بوجود جهات تقف خلف تلك الأنشطة.
وأوضح أنه خلال عملية أمنية تم استدراج تلك الخلية أثناء قيامها بعمليات تخريبي، واعتقالها أفرادها، وإخضاعهم للتحقيق وفق الإجراءات القانونية.
من جهته، يروي أحد عناصر الخلية التي تم القبض عليها؛ تفاصيل التغرير به للقيام بأعمال "تخريبية" وإيهامه أنها تتم لصالح عصابة بينها وبين الشخصية المستهدفة خلافات، إلا أنها في حقيقة الأمر تنفذ لصالح المخابرات الإسرائيلية.
رسائل واتسآب وطرود مشبوهة
وحول طبيعة عمل خلية "الاغتيال المعنوي"، أوضح المذكور أن مخابرات الاحتلال طلبت منهم القيام بمهام تصوير فيديو لبعض البيوت، والشقق، والمحلات، فضلاً عن القيام بأعمال "تخريب" للممتلكات الخاصة، وكتابة بعض الجمل الترهيبية ضد أصحابها.
ويتضمن الفيلم، شهادة أحد عناصر المقاومة المستهدفين بتلك الأعمال، الذي يلفت إلى تعرضه لسلسة اعتداءات نفسية ومعنوية، بدأت برسائل تهديد وترهيب عبر تطبيق "واتسآب"، نحو: "سنصل لك"، مع إرفاق مشاهد مصورة لمكان سكنه.
ولفت إلى أن مخابرات الاحتلال عملت أيضًا على جمع المعلومات الشخصية عنه وعن محيطه وعائلته، وإرسالها عبر الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني؛ بهدف التأثير عليه نفسياً، وعرض ترك العمل المقاوم مقابل امتيازات
ومن الأساليب التي تم كشفها خلال الوثائقي، إرسال مخابرات الاحتلال طروداً مشبوهة عبر البريد لأشخاص يتبعون للمقاومة، تحتوي على تهديدات ورسائل مبطنة متعلقة بالعمل المقاوم.
وبخصوص عملية تمويل الخلية؛ كشف أحد عناصرها عن تلقيهم المبالغ المالية من الاحتلال عبر عدة طرق وأساليب؛ منها الحوالات المالية من أشخاص يسكنون في الداخل المحتل، وكذلك النقاط الميتة، كمكافئات لأعمالهم التخريبية.
رسائل توعية
بدوره؛ نوه المتحدث باسم الداخلية إياد البزم إلى أن الاحتلال يوظف العديد من الأدوات لتنفيذ "الاغتيال المعنوي" من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والحسابات الوهمية، أو تشغيل بعض العناصر الميدانية على الأرض، وإرسال رسائل للمقاومين لتخويفهم.
ودعا البزم خلال الفيلم، المواطنين إلى زيادة الوعي واليقظة، حيث بات الاحتلال ينتحل أسماء وصفات مؤسسات وشركات، في التواصل مع المواطنين وطلب بعض المهام التي تبدو في البداية أنها بسيطة، وتزويدهم مقابلها بالأموال بطرق ملتوية.
وحذّر البزم من أساليب مخابرات الاحتلال في إغراء المواطنين بالأموال عبر انتحال شخصيات من الداخل المحتل، وإرسال حوالات لأشخاص من غزة على أنها مساعدات في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشونها.
صراع مستمر
ويؤكد جهاز الأمن الداخلي أن "الصراع الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقف، وأنه لن يدخر جهدًا في حماية أبناء شعبنا، وظهر المقاومة"، مؤكداً على" أهمية تكامل الأدوار بين المقاومة والأجهزة الأمنية ووعي المواطنين بهذا الصدد."
وطمأن المتحدث باسم الداخلية إياد البزم،" أبناء شعبنا بأن الأجهزة الأمنية متيقظة تمامًا لوسائل الاحتلال وأساليبه، وأنها تعمل بشكل مستمر في إطار المحافظة على الحالة الأمنية وحماية ظهر المقاومة."
وفي الختام، كشف الوثائقي أن مخابرات الاحتلال الإسرائيلي سعت إلى التشويش على التحقيقات المتعلقة بهذه القضية، من خلال الترويج عبر وسائل إعلامية بأن من تم اعتقالهم هم قادة في المقاومة، وذلك بعد أيام معدودة من إعلان القبض على العناصر المتورطين في الأعمال التخريبية.