حماس والسلطة والمجلس التشريعي واتفاقية أوسلو .

بقلم: نائل ابو مروان

نائل ابو مروان
  • نائل ابو مروان كاتب ومحلل سياسي

للمعرفة فقط أذا لم تعرف عن أتفاق أوسلو. بتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993،حل حق العودة الى مفاوضات الحل النهائي، كما اسقطت المرجعية الدولية قرار 194 من اسس الحل، واصبحت مرجعية الحل تستند على قراري مجلس الأمن 242 و 338، وما يتفق عليه الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي خلال المفاوضات الثنائية، ليدخل حق العودة في نفق المجهول.
اتفق الطرفان على "أن هدف مفاوضات السلام، تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية ومجلس مُنتخب (المجلس التشريعي) للفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة، لمرحلة انتقالية لا تتعدى 5 سنوات، بحيث تؤدي إلى تسوية مبنيّة على أساس قراري مجلس الأمن رقم 242 (الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة لعام 1967)، وقرار 338 (إقرار مبادئ سلام عادل بالشرق الأوسط)".نص الاتفاق على ضرورة تفاوض الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني على اتفاق حول الفترة الانتقالية (الاتفاق الانتقالي)، الذي من شأنه أن يحدد: هيكلية المجلس التشريعي، وعدد أعضائه، ونقل المسؤوليات عن الحكومة العسكرية الإسرائيلية وإدارتها المدنية للمجلس، وتحديد سلطته التنفيذية والتشريعية، والأجهزة القضائية المستقلّة، وإنشاء مؤسسات خاصة بالقطاعات الحيوية والتنموية.
• النظام العام والأمن
نص الاتفاق على تشكيل المجلس التشريعي للقوة الشرطية الفلسطينية لضمان النظام العام والأمن الداخلي في الضفة وغزة، بينما تتحمل إسرائيل "مسؤولية أمن الإسرائيليين والدفاع عنهم".
• القوانين والأوامر العسكرية
يخوّل الاتفاق المجلس التشريعي بالتشريع ضمن صلاحياته، فيما نص على أن ينظر الفلسطينيين والإسرائيليين في القوانين والأوامر العسكرية المتداولة خلال فترة الاتفاق، في المجالات المتبقية.
النقد مهم وكشف الحقيقة والواقع أهم ولا أحد يغضب من طرح قضايا الوطن، لكن الغضب نستخدمه أحياناً في غير محله ، نستخدمه لتعسير المشرط الذي يتخلل جراحنا ويضعنا أمام أخطائنا وعيوبنا وجهاً لوجه . ما حدث في فلسطين أمر غريب عجيب ، لقد حاولوا انزال حماس عن الشجرة والمحاولة في ادماجها في العملية السلمية ضمن اتفاق اوسلو واشراكها به من خلال اشراكهم في المجلس التشريعي ، الذي هو في الاصل من نتائج اوسلو الذي ترفضه حماس ، كان ما كان وما لم يكن في الحسبان نجاح حماس في المجلس التشريعي مما خولها في تشكيل الحكومة، شعرت حماس أنها في المصيدة وأن تشكيلها للحكومة لا بد من التعامل مع الحكومة الاسرائيلية ، أصبحت حماس بحكم الواقع هي من تحمل لواء اتفاق اوسلو من خلال تشكيل الحكومة ، حماس من البداية وقعت في الفخ ولم تقدر على الخروج منه وكان ما كان ،المسئولية تقع على حماس وقبولها في الدخول في معترك اوسلو وهي من تتحمل تبعيات هذا القرار، الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته ليس له علاقة. خالد مشعل حاول أن يرمي في اللوم على الاسلاميين أنهم لم يكن لهم دراية في الحكم . كان الاولى لهم أن يشاركوا الجميع في الحكم ، علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا ونوضح الامور بمسمياتها.

حماس وقعت في الفخ والشعب والوطن يتحمل هذا الفعل وما ألت اليه الاوضاع ، كما حدث مع فتح عندما دخلت في اتفاق اوسلو ، أصبحت حماس شريك في اتفاق اوسلو ضمن الواقع الجديد ودخولهم المجلس التشريعي وتشكيلهم الحكومة ، حين نوضح ما حدث وعدم إلقاء اللوم على الآخرين أو هناك خطأ تكتيكي وليس استراتيجي بحجم وطن، من الخذلان أن نحاول تمرير رسالة هادئة مفادها أننا (ربما) نتحمل بعض المسؤولية والخطأ التكتيكي ! ، السيد اسماعيل هنية يتحدث عن دوله فلسطينية على حدود 67 ، هذا فِكر جديد وتغيير في طرح واقع فكري في فكر حماس للتمييز بين كرسي السلطة وبين فكر حماس الديني وحكمها لغزه والتزاماتها الاقتصادية والسياسية ، وبين المقاومة وجنودها وأجندتها، في السياسة نحن نتفهم باسم الواقعية السياسة وما فرضته الاوضاع على غزه من حصار جعل حماس في موقف صعب  وتفكير مستمر في كيف تخرج من هذه الازمة ، لكن حماس بالذات ستواجه مشكلة ، فكرها ممتد من الاخوان الفكر الاسلامي ، اذا هل حماس الان تواجه صراع بين الفكر والممارسة ؟؟ ، في غياب الافق والضغط المستمر على حماس قد يستمر الخطاب المقاوم او لغة المقاومة ، لكن الوقائع ستكون مختلفة السياسة لا ترحم، لهذا ربما نجد تصريح السيد اسماعيل هنيه للقبول في دوله فلسطينية على حدود 67 ، في تحدي واضح لفكر حماس الديني ، في الأول من أيار 2017، أصدرت "حماس" ما أسمتها "وثيقة المبادئ والسياسات العامة : تطرح الوثيقة تعريفاً لافتاً يبتعد عن التعريفات الدينية السابقة لفلسطين والتي درجت الحركة على اعتمادها. التعريف الجديد ينص على التالي: "فلسطين أرض الشعب الفلسطيني العربي، منها نبت، وعليها ثبت، ولها انتمى، وبها امتدّ واتّصل".

تختلف هذه الصياغة اللفظية وإلى حد بعيد عن نظيرتها في ميثاق عام 1988 والتي تصف فلسطين بـأنها "وقف إسلامي" وملك للأمة الإسلامية جمعاء. تطرح الوثيقة الجديدة إطاراً ومنظوراً للصراع ضد الصهيونية وإسرائيل من منطلق وطني ولا يوضع الصراع من منظور ديني. تعبّر الوثيقة عن موقف يعكس إجماع الحركة داخلياً على حل الدولتين، بمعنى، تأسيس دولة فلسطينية ضمن حدود 1967. قبول "حماس" بإنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967، يختلف ومناقض لأهداف الحركة الأولى تحرير كامل فلسطين التاريخية،، لهذا نسأل ؟؟ هل هو بحث عن أوسلو جديد يكرر التجربة الفاشلة للمفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، أم هو اعتراف ضمني بتعقيدات الصراع بين الجانبين، حسب ما نشاهد حماس اليوم تختلف عن حماس الامس . حسب المشاهدة للواقع الاتهام من قبل حماس الى السلطة وفتح لا يختلف كثيراً عما يتم الطرح من قبل حماس ..أخطأت حماس في دخول اوسلو وشرعة هذا الاتفاق الذي منح اسرائيل 77% من ارض فلسطين التاريخية. وأصبحت اسرائيل دولة وليست احتلال.. فهم أصبحوا أصحاب حق في الارض..  لقد أخطأت حماس بدخولها التشريعي في الماضي والذي هو الابن الشرعي لاتفاق اوسلو .  والان تخطيء حماس وتساهم في شرعنة صفقة القرن من خلال احياء اتفاق اوسلو المنتهي من طرف اسرائيل بسبب ما تقوم به من ضم للقدس وبناء المستوطنات ..  وهي ستدخل التشريعي مرة اخرى.. فالأصل هو تمزيق هذا الاتفاق وليس الاستمرار فيه واحيائه..وهو الذي أصبح يستخدم من قبل اسرائيل لذبح الشعب الفلسطيني باسم السلام . وتستفيد اسرائيل منه على أكمل وجه لتحقيق أهدافها .  ما نعرفه هو أن حماس ستختلف الان عما كانت عليه سابقا .. فالخطأ هنا عقدي.. حيث ستتحول فلسطين من أرض وقف الى أرض متنازل عنها بشكل لا يقبله عقل. ومن ثم سيؤدي هذا التنازل الى تشريع صفقة القرن من خلال احياء اوسلو . فالأعمال بخواتيمها والماضي مهما كان لك فيه شأن لا يشفع للحاضر .  قال الامام الشعراوي ... لو وجدتم الامام العالم بالدين يشرب الخمر ويزني ويرتكب الفواحش لا تجزعوا...فهل هذا سيكون خطأ في الدين أم خطأ في الشخص ؟؟ . لهذا اثبتوا على عقيدتكم ولا تثبتوا على شخوصكم . فهناك خلاف بين اتجاهين.. اتجاه موافق على اوسلو وما نتج عنه وموقع عليه.. واتجاه ضد اتفاق اوسلو وأن فلسطين كاملة حق للشعب الفلسطيني. والمصالحة تكون بتوجه أحد الطرفين لقبول   رأي الطرف الاخر والموافقة عليه.  فالخلاف ليس بين شخوص ولكن الخلاف على اتفاق اوسلو..على توجه خاص بوطن وشعب.
مقرر الأراضي الفلسطينية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ريتشارد فولك يتساءل ؟؟: "كيف يمكننا أن نفسر أن اتفاق أوسلو، الذي احتفل به على نطاق واسع في عام 1993م وعدّ إنجازًا تاريخيًّا عظيمًا؛!! يبدو الآن مثل حاجز غادر قد حول النضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير عن وجهته، ومنح الوقت لـ(إسرائيل) لتوسيع مطالبها الإقليمية وعمليا أجهض أي احتمال واقعي لتحقيق الحقوق الفلسطينية في المستقبل القريب .
نائل ابو مروان كاتب ومحلل سياسي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت