د.شكري الهزَّيل
في بلاد العرب كل شيء مخطوف من الكلمات وحتى الحروف وعن أسئلة نقاط "نظام" فحدث بلا حرج فهي تزدحم في عقولنا الى حد الانفجار والانكسار امام هذا التيار الجارف من الأسئلة المفتوحة على مصراعيها والملقاة علينا وعلى اجيالنا الغابرة والحاضرة والقادمة في ظل زحف التيار تلوى التيار نحو عقولنا ووجداننا المثقل بحمولة ازمان الازمان التي اثقلت كاهلنا وعلقت بروحنا وجعلتنا لا نتقن فن العَّوم والتعويم ولا حرفة التجذيف مع التيار اوعكسة ولا نتقن فن مكانك عد وخلفا دُر الى ان دارت علينا الأيام ودرَّت بضرعها كل هذه المأساة حتى ضاق ضرعها وجَفَ الامل في عروقنا وحَّل الخريف الابدي في فترة ما بين حياتنا وموتنا...متى ستتوقف صناعة جريشة الكلام ونتقدم خطوات الى الامام لنبلغ المحطة القادمة!!
الحقيقة هي انني لا ادري ان كانت حياتنا موتا او موتنا حياة ولا حياة لمن تنادي منذ ازل الازلين ونحن نهتف عاشت الامة العربية و عاشت فلسطين وعاش شعبها الابي على الانكسار ولابد من كسر القيد وتحطيم حجارة الحَّجار واختراق الاسوار..حلم يراود الثوار وبندقية عتيقة مهندبة معلقة وسط الدار..فانوس الزيت العتيق يبحث عن دور له في العتمة.. ألا تذكروني؟.. انا الفانوس وذاك اخي المهباش والبابور والطابون الذي اطعم الأجيال مذاق خبز فلسطين..لا تسال اين تقع فلسطين لابل اسأل اين تقع انت من فلسطين؟..لا تحدثنا خرافات بالمد والجزر لابل حدثنا مباشر وعلى طول: اين تقع ي انت من فلسطين؟..مكانك..دَّوركَّ.. قُل وانطق!.. من قال لك اللي " حاكمك عاكمك"؟..الذي قال هذا حسم مكانة في زمانه وبقي خارج حسابات وطن يحسب ذاته اول واخر الكلمات..اما ان تكون معنا وفي صفوفنا قلبا وقالبا ووطنا اولا تكون..فل نكون قلة قليلة فاعلة وحَّيه بدلا من ان نكون ملايين ميته!!
لا نريد لا انصاف الكلمات ولا مطُها بمطاط اسراطين واحوال الصراط الغير مستقيم..اما ان تكون معنا اولا تكون..نعم..لقد زمقنا المتذبذبون والملونون بالوان وتقلبات الحرباة.. زمقنا روتين التفاصيل وتعاريجها..زمقنا كل شيء ماعدا فلسطين...القافلة ستسير عبر كل المحطات وستصل محطتها المنشودة والشعب سيكون دوما مُّحركها ووقودها.. كما تحدثنا ونتحدث عن الاخرون كتاريخ سيتحدث عنا يوما ما اخرون كتاريخ...يوم ما ستتحدث جماعة ما في يافا وحيفا عن تاريخ احتلال غابر ووطن فلسطيني عامر باهله...يوم تعمَّر الديار باهلها ستحط اقلامنا رحالها وترسي قواربنا على شواطئنا قادمة وليست هاربة..قوارب الاوهام والاحلام التي صارت حقيقة على شواطئ الامل!!
يا سيدة الغائبين والحاضرين سجليني في سجل الحاضر الغائب واغلقي بوابتة بالشمع الأحمر وانحَّتي على حجر اسود كلمات وحروف: للتو اغلقنا ملفه دون ان نحدد حالتة وحالة مزاجة الأخير.. كم كنت سعيدا يا سعيد الوطن لو انك لم تتعلم حروف الكتابة واتقنت بدلا منها فن العوم والابحار بقوارب الامل الى كل شواطئ العالم البعيد والقريب دون ان تنظر الى الخلف الى تلك المسافات الطويلة من عمر الأوهام والاحلام والركض وراء سراب رمال متحركة في صحراء تيه لها بداية ولم تكن لها يوما نهاية...نعم لقد ضَّيعنا الاتجاهات فنحن لا على الشمال شَّمَّلنا ولا على القٍبلة قَبلنا الى ان ضيعنا اتجاه القبلَّة الكريمة ونسينا مسافات ما بين الغرب والشرق فصرنا نطحن كل الحروف وكامل الكلمات و تخلصنا من حمولة كل الاحمال التي قصمت ظهرنا وتخَّلصنا من كل شيء من اجل ان ننجو بأوزاننا فوق رمال متحركة وكأنها أمواج بحر تلاحق أمواج وكم من ناس ركبوا الأمواج ولم ينجو واخرون قذفتهم جثث او أحياء الى الشاطئ,فأي احياء نحن واي اموات هؤلاء الذين لم يسجلون في سجل الأموات ولم يصلوا الى الشاطئ بعد رحلة شقاء طويله في عرض بحار الافكار..في ذاكرتنا بواقي فتات مطحنة ذاكرة..طَّحنا كل شيء حتى أفكار قراصنة الوطن لكن لم نتمكن من طحن ذاكرتة...ذاكرة تأبى الغرق بين الارقام48 و67 ...ذاكرة من فولاذ
تابى ان تنكسر..كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين...على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ:.عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيّدَةُ الأرْضِ..أُمُّ البِدَايَاتِ أُم النِّهَايَاتِ..كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين..صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين..سَيِّدَتى: أستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِى، أستحِقُّ الحَيَاةْ *محمود درويش!!
ذاكرة وطن في مرمى نيران قراصنة نحن ذخيرتهم وزوادتهُم.. كيف يستقيم او لا يستقيم كل هذا التناقض التناحري بين الحق والباطل..في بيتنا عدو يأكل من لحمنا واخر ينهش عقولنا..هل تنتهي صلاحية المقابر والقبور مع تقادم الزمن حتى نمسح وجودها ونُشيٍد وجود اخر؟..هل تنتهي صلاحية ملكية المساجد لنتقاسم معهم الأقصى والابراهيمي..هل تنتهي صلاحية ملكية الأرض لنتقاسم معهم الأرض والديار والدار..هل كنا مجرد ارقام 48 و67 ومجرد قرارات " دولية" لم يأبه بها احد؟..هل كان برتقال يافا مجرد حكاية؟.. وهل كانت ميناء حيفا واسوار عكا وشاطئ عسقلان مجرد اساطير قيل عنها " يُحكى ان"؟..هل سمعتم عن الرملة واللد وبئر السبع واسدود وقوائم الأسماء الطويلة... الرملة ليست رام الله ورام الله ليس الرملة...نخشى ما نخشاة انكم نسيتم ان القدس عروس عروبتكم وزهرة مدائنكم..ماذا يفعل الغزاة على سفوح جبال نابلس؟.. كيف نزع الغزاة قلب الخليل؟..ماذا يفعلون بباحات الأقصى واذا فعلوا بالجليل والمثلث والساحل والنقب والشمال والجنوب.. ماذا فعلوا بفلسطين الأرض والشعب؟..اسئلة لا تهم القراصنة لا من بعيد ولا من قريب..قراصنة الداخل اخطر من غزاة الخارج لانهم ببساطة يفرشون الفراش الأحمر للغزاة والاستعمار الاستيطاني الذي يمارس مهنة نهب فلسطين منذ عقود طويله لكنه يمارسها اليوم بمباركة من قراصنة قاموا بقرصنة التاريخ الوطني الفلسطيني ليحولُوه الى دكان اسمه " أوسلو"!!
من قال لكم ان شواطئ الامل ارض خصبة للزهور والورود ومن قال لكم ان ال قيام والسجود والقعود والنهوض يحرر وطنا ويبعث شعوب حية ترزق وهي اللتي اخذتها الحياة بعيدا ونسيت ان التراب التي تمشي علية وتركع عليه هو تراب وطنها المُحتَّل والطريق بكل محطاتها يحرسها قطاع الطرق وقراصنة التاريخ الذين اختطفوا السفينة الفلسطينية وتركوها في عرض البحر تتلاطمها أمواج الشرق والغرب..تارة ننتظر انتخابات أمريكا وأخرى ننتظر انتخابات الكيان وبعد حين سننتظر انتخابات مجلس ورئاسة القراصنة الذين يختطفون كامل فلسطين وياخذون شعبها رهينة بايادي عصابة خائنة اسمت ذاتها " سلطة فلسطينية" وهي في الحقيقة سلطة قراصنة تعتمد على دعم الغزاة مقابل دعمهم لها في صفقة " توطيد" احتلال فلسطين وسلب شعبها حقوقة واستقلاله الوطني على ترابه المُحتَّل والسليب...بين مطرقة الغزاة وسندان القراصنة.. الى متى؟!!
***نحن في حلِّ من التذكار
فالكرمل فينا
وعلى أهدابنا عشب الجليلِ
لا تقولي : ليتنا نركض كالنهر إليها،
لا تقولي!
نحن في لحم بلادي..وَهْيَ فينا!
2
لم نكن قبلَ حزيرانَ كأفراخ الحمام
ولذا، لم يتفتَّتْ حبنا بين السلاسلْ
نحن يا أُختاه، من عشرين عام
نحن لا نكتب أشعاراً،
ولكنا نقاتل
3
ذلك الظل الذي يسقط في عينيك
شيطان إله
جاء من شهر حزيران
لكي يعصب بالشمس الجباهْ
إنه لون شهيد
إنه طعم صلاهْ
إنه يقتل أويحيي,
وفي الحالين ! آه !
4
أوَّلُ الليل على عينيك, كان
في فؤادي , قطرةً من آخر الليل الطويل
والذي يجمعنا, الساعة في هذا المكان
شارعُ العودة
من عصر الذبول
*درويش...مقتطفات من قصيدة الى فدوى طوقان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت