الانتخابات كمخرج من الأزمة

بقلم: ماهر عامر

الدكتور ماهر عامر
  • الدكتور ماهر عامر

الانتخابات هي حق دستوري اصيل لكافة المواطنين وهي إحدى اهم الادوات للتعبير عن الارادة الشعبية، فالانتخابات مدخل لتصحيح الاختلالات وتوزيع لمقاليد السلطة، وهذا الحق الاصيل مارسه الشعب الفلسطيني في احلك المحطات وشكل إحدى المحطات النضالية ضد الاحتلال الصهيوني، وتشكل الانتخابات فرصة مهمة للمواطن عليه ان يتعامل معها بكل جدية، لما لها من انعكاسات على مختلف مسارات حياته،

الانتخابات حق مقدس يكرس اسس المواطنة والتي تقوم على اسس من العلاقة القانونية بين المواطن والدولة، وتحمل في طياتها قاعدة التبادل بين المواطن والدولة تقوم على مجموعة من الواجبات والحقوق. أضافة الى حق المشاركة في صنع القرار السياسي.

لقد مارس الشعب الفلسطيني حقه الدستوري في انتخاب ممثلية عبر حقبات مختلفة، شكلت محطات نضالية كما في انتخابات 1976 وهي كذلك أحدى طرق النضال ضد الاحتلال من خلال تجسيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في مختلف مناطق الدولة الفسطينية بما فيها العاصمة القدس لإختيار ممثليه بطريقة ديمقراطية، وقد مورس هذا الحق بطرق مختلفة  منذ حكومة عموم فلسطين الى اعلان قانون انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في القدس عام 1964-1965.

وبعد قيام السلطة الفلسطينية على الارض الفلسطينية وفق اتفاقيات مدريد اوسلو، ورغم الاختلاف على سياقات متعددة تتعلق بالاتفاقيات المذكورة إلا أن الشعب الفلسطيني مارس حقه الطبيعي في انتخاب اول مجلس تشريعي عام 1996، وتلاه الانتخابات الثانية عام 2006، والذي استمر الى عام2018 الى حين صدور قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي الامر الذي رافقه جدل واسع حول القرار ومدى صلاحية المحكمة به، ورغم أن الانتخابات في كل دوراتها امتازت بالشفافية والنزاهة، الا ان المجلس التشريعي الثاني لم يمارس دوره الطبيعي في اصدار التشريعات والرقابة على اعمال السلطة التنفيذية لاعتبارات سياسية، تجلت بأبشع ظاهرة على الشعب الفلسطيني تمثلت في الانقسام الذي رسخ مفاهيم عدم الثقة بالانتخابات خاصة في ظل سيطرة مصالح فئوية على حساب مصالح الشعب والقضية.

اثنا عشر عاما من الشلل الذي رافق عمل المجلس التشريعي الثاني، وصراع محموم على السلطة وفرض الاجندات وغياب الرقابة والمحاسبة، عمقت الفجوة  وعدم الثقة  بين مختلف فئات المجتمع وخاصة فئة الشباب الذي حرم قسرا من ممارسة حقه بالانتخاب وبين القيادة السياسية بمختلف اطيافها المسيطرة والمتفرجه والمحايدة.

قرار اجراء الانتخابات المتأخر يشكل فرصة لتصحيح المسار وتصويب الدفة، وهذا يتطلب من الجميع دون استثناء استغلال هذا الحق والتمسك به، من أجل الوصول الى الحد الادنى من مفاهيم المواطنة، وعليه يجب التركيز على بعض النقاط الهامة والتي تسهم في اعادة الثقة بين المواطن والقيادة السياسية على مختلف اطيافها:

اولا: اعتبار الانتخابات فرصة للشعب كي يصحِّح الاختلالات ويعيد توزيع الثقة وترتيب منافذ القوة

ثنايا: التأكيد على دورية الانتخابات وفق القانون والدستور على أن تجرى كل اربع سنوات بغض النظر عن الظروف والتي لن تكون اسوأ من الظروف الحالية التي يمر به الشعب الفلسطينية وقضيته، لأن ضمان الدورية تعني ضمان الممارسة الحقة للديمقراطية والرقابة والمحاسبة، واضافة الى اعطاء فرصة للجميع لتقييم نتيجة قراره، ولكن ابقاء الحال مرهونا بمزاج القيادة السياسية ومصالحها يعني تعميق عدم الثقة والذي سينعكس بعزوف الغالبية عن ممارسة حقه وابقاء الميدان للمتنفذين وهذا ما يسعى اليه اي نظام يتمسك بالديمقراطية الشكلية وفق اجندته الشخصية مصالحه.

ثالثا: تعديل قانون الانتخابات بما يسمح لفئة الشباب من سن 18 لغاية 28 بالترشح، وهناك العديد من الامثلة على مستوى العالم اثبتت مدى جدوى هذه الفئة على مختلف الاصعدة. وتخفيض سن الترشح لمنصب الرئيس لعمر 28 عاما وهناك ايضا العديد من الامثلة على مستوى دول العالم وعبر التاريخ اثبتت الدور المميز لهذه الفئة في القيادة. والحالة الفلسطينية كانت مثالا على ذلك في قيادة الاحزاب من قبل فئة الشباب اضافة الى ترؤس الرئيس الراحل ياسر عرفات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو بعمر 39 عاما.

رابعا: تعزيز ثقافة الحق بالمشاركة السياسية لدى مختلف الفئات وإعادة النظر في مفهوم (الكوتا) الذي يعكس ثقافة المنّة على حساب الحق الطبيعي لكل مواطن بغض النظر عن الفئات المستهدفة بذلك.

خامسا: تشكيل حكومة وحدة وطنية من شخصيات مهنية وذات كفاءة لادارة العملية الانتخابية.

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت