أطلق مركز الإعلام المجتمعي (CMC) بغزة مهرجان أفلام حقوق المرأة والشباب في قطاع غزة، للمرة التاسعة على التوالي، والذي عرض خلاله أفلام فلسطينية وعربية، وسط حضور عدد من المثقفين/ات، والكتاب/ات، والأدباء/ات، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، والمهتمين/ات، في حدث ثقافي، يعقده المركز سنويًا ليساهم في اختراق حالة الركود الثقافي والسينمائي في قطاع غزة.
يشارك في المهرجان أربعة أفلام وثائقية من إعداد وإخراج مخرجين شباب من قطاع غزة، بالإضافة لمجموعة من الأفلام التي تم استقطابها من دول عربية مجاورة، فيلم من مصر، واثنان من العراق، وفيلم آخر من الأردن، حيث أتيح للجمهور الحضور والمشاركة عبر تقنية البث من خلال زووم، وأيضا عبر صفحة المركز على فيس بوك.
وقالت عندليب عدوان مديرة مركز الإعلام المجتمعي:" إن هذا المهرجان يأتي في إطار سعي المركز الدؤوب لإبراز إبداعات الشباب/ات في مجال السينما وصناعة الأفلام والاحتفاء بها.
وقد أطلق المهرجان قبل 9سنوات وبالتحديد عام 2012م، من خلال مشروع ممول من سكرتاريا حقوق الإنسان، وواصلنا عقده طوال السنوات الماضية عبر مشاريع ممولة أحيانا، ودون تمويل أيضًا"، وهذا العام فان المهرجان ينعقد بتمويل من مؤسسة CCFD الفرنسية.
وأضافت:" يهدف المهرجان إلى توفير مساحة للمبدعين والمبدعات التواقين لخوض مجال صناعة الأفلام للتعبير عن أنفسهم وواقعهم من خلال رؤيتهم للحياة وفي واقعهم المعاش، والكشف كذلك عن مواهبهم وتنميتها وتشجيعها، إلى جانب تعزيز صناعة الأفلام في قطاع غزة الذي يفتقر لوجود دور السينما منذ عقود، وتوفير مساحة لنقاش القضايا المثارة في الأفلام مع الجمهور".
ونوهت عدوان إلى أن الأفلام تناولت قضايا من واقع المجتمع في فلسطين وبالتحديد قطاع غزة، والتي شملت الهموم والآلام، والهزائم والإحباطات، وتحديات والمشاكل، وبعض النجاحات والانتصارات، والكثير من الآمال والأحلام.
ويطمح المركز وفق عدوان إلى تطوير المهرجان وترسيخ وجوده واستمراره في المشهد السينمائي المحلي الخجول، من خلال استقطاب أفلام عربية، تطرح قضايا مشابهة لقضايانا في فلسطين، لتشرع نافذة للمواطنين في غزة، وخاصة الشباب والنساء، ليطلوا منها على واقع أقرانهم في دول الإقليم العربي.
وبينت أن هناك عروضًا وجاهية في كافة مناطق قطاع غزة لتمكين أكبر عدد ممكن من المواطنين من كلا الجنسين لمشاهدة الأفلام ومناقشتها معهم، مؤكدة أن مركز الإعلام المجتمعي ملتزم بحمل قضايا الشباب والمرأة ورفع الوعي حولها لدى كافة الجهات والأطراف بما فيهم الشباب والنساء أنفسهم، وكذلك محاولة توفير كل ما يمكنهم من إمكانيات وموارد ومساندة لهم في إيصال أصواتهم والتعبير عن آرائهم وطموحاتهم.
ومن جانبها تحدثت آية المتربيعي نيابة عن مخرجين/ات الأفلام، فقالت:" إن صناعة السينما، قطاع حافل، صناعة اختلفوا في مناظيرها، فبعضهم نقلوا به ثقافتهم وأحيوا أبوابًا لنقاشات ساخنة، والبعض استخدمه أداة دعائية برهانًا لقوته السياسية، والبعض جعلوه أداة خراب للمجتمعات، أما نحن أبناء العالم الثالث رأينا فيه لغة يفهمها الجميع، رسالة وأداة صنع الثقافة والتغيير للعالم".
وتؤمن المتربيعي بأن الأفلام يمكنها تغيير منظور الناس للقضايا، ولمخاطبة المشاعر وإثارة عاطفة الجمهور، وإجبارهم على رؤية الأشياء بطريقة مختلفة واسعة شاملة، وأضافت:" الأفلام قادرة على عبور كل عقل أراد أن يصحو ويثور اتجاه الظلم، فأفلامنا تضع القضايا بقوة على طاولة النقاش، لتكون مرآة واضحة للمجتمع، تفتح عقولهم على العالم وتدفع الأطفال وهم شباب المستقبل للتفكير، ويستكملوا ما نقص من الغرس الصحيح، فنحن جعلنا من أفكارنا فيلمًا، وهم سيجعلون المشهد حقيقة".
بينما تجد خلود السوالمة منسقة المشروع بأن المهرجان أتاح الفرصة لإبراز مواهب عدد من المخرجين/ات الهواة الذين صنعوا أفلامهم من الألف للياء من قبلهم دون مساعدات خارجية.
وأضافت" المهرجان أثبت بأن هناك مخرجين/ات مبدعين ومصورين محترفين في المجال السينمائي، ومن المفترض أن يتم توفير البيئة الخصبة لتشجيعهم على المزيد من الابتكار والإبداع".
وبينت السوالمة أن المركز في العام الماضي أعلن عن استقطاب أفلام تناقش قضايا المرأة والشباب حيث تم استقبال العديد من الأفكار وتم اختيار أربعة أفلام عرضت خلال المهرجان، مشيرة إلى أن هناك الكثير من المعيقات التي واجهت المخرجين وهم ثلاثة شباب وفتاة، أثناء إنتاج الأفلام، ورغم ذلك تم تجاوز هذه العقبات والانتهاء من إنتاجها، بطريقة جميلة أوصلت أفكارهم بوضوح.
وأشارت إلى أن جميع الأفلام تناولت قضايا جديدة ومتنوعة لأول مرة تطرح في السينما الفلسطينية، فناقشت قضايا حياتية راهنة تواجه الشباب من الجنسين، مثل قضية البطالة الكبيرة المتفشية بمعدلات عالية بين الشباب، وقضايا العنف التي تواجهها النساء في قطاع غزة وزيادة معدلاتها خاصة في مرحلة أزمة انتشار فيروس كوفيد 19، بالإضافة للانتهاكات الواسعة التي تطال حقوق الإنسان والمرأة والحريات العامة بشكل عام.
وذكرت السوالمة أن الحضور ناقش القضايا التي تتناولها الأفلام خاصة تلك المنتجة في غزة، بهدف تطوير قدرات الحضور في إدارة النقاش وتقديم العروض وجعل مساهمتهم أكثر فاعلية في بناء مجتمع ديمقراطي يحترم التنوع وحقوق الإنسان، ويشارك في تحديد أولويات التنمية، وكذلك في كيفية تسخير الأفلام لخدمة القضايا الوطنية والمجتمعية الملحة.
وناقش الباحث والحقوقي محمد سرور القضايا الحقوقية التي تناولتها الأفلام مؤكدًا أن الاحتلال هو أهم أسباب انتهاك حقوق الإنسان في قطاع غزة، وهي السبب الرئيس في جميع الانتهاكات التي تحدثت عنها الأفلام من انتهاك الحرية والتعليم وحرية التنقل والسفر وزيادة البطالة ما بين الشباب وغيرها من الانتهاكات.
بينما عبر المخرج عبد السلام شحادة عن اعجابه بالأفلام التي تم عرضها خلال المهرجان، وأضاف:" الأفلام التى تم عرضها اليوم، تم صناعتها بطريقة جميلة ومحترمة وتقنيات عالية، رغم أنها محاولات فردية لمجموعة من الشباب عشاق السينما"، مشيرًا إلى ضرورة أن لا تبقي هذه الأفلام حبيسة الأدراج في غزة، بل يجب أن تنطلق بكل الطرق ليراها اكبر عدد ممكن من الجمهور.
ويواجه صانعي الأفلام لدينا وفق هيا أبو النصر من الحضور تحديات كثيرة ولكنهم مبدعون بما أنتجوه من خلال طرح القضية وإيصال المشكلة لمحاولة لحلها، منوهة أن عليهم التفكير بطريقة مختلفة ومغايرة حاليًا وبشكل خاص مع تغير بعض القضايا بسبب جائحة كورونا، كذلك عليهم استغلال تواجدهم في المنازل لإخراج قضايا جديدة تمس المجتمع بشكل مباشر.
بينما يؤكد محمد الأسود أن مناقشة قضايا الأفلام من قبل الحضور أتاحت التعرف على الثقافات والآراء المختلفة واحترامها، وقبول الآراء الأخرى، كذلك تعزيز ونشر ثقافة السينما عند الشباب واستطاعت الأفلام كذلك أن تعمل على تعديل بعض السلوكيات إلى سلوكيات حضارية ومتقدمة، وتعريف المجتمع بالمشاكل بطريقة صحيحة، وتحقيق الانتماء الوطني والعمل على إثبات الهوية الفلسطينية.
يذكر أن مركز الإعلام المجتمعي (CMC) مؤسسة أهلية تعمل في قطاع غزة ويسعى لتطوير دور الإعلام في تناوله للقضايا المجتمعية، وتعزيز قيم الديمقراطية والمساواة وثقافة حقوق الإنسان، مع التركيز على قضايا المرأة والشباب وتسليط الضوء عليها بشتى الوسائل الإعلامية وضمن النهج القائم على حقوق الإنسان.