ما يجب أن تسمعه قيادة حركة فتح-ماذا نريد؟ (2/3)

بقلم: بكر أبو بكر

بكر أبوبكر

 بكر أبوبكر

القيادات* (بالتعريف العلمي لما هو قائم هم أصحاب مواقع عليا فقط، وليسوا جميعًا قيادات حسب التعريف للقيادة علميًا) استسهلت الإهمال التنظيمي، وترك المتابعة، والتجييش أو التهميش، أوتراخت أو تكاسلت عن عقد الصِلات النظامية، أولربما شاخت عقليًا عند حدود تاريخ انقضى، وافتقدت الانجاز الحقيقي ورعاية المبادرات أو تطويرها، وعليه أنكرت على القواعد طرح الأفكار والمبادرات وتثقيف ذاتها، بل لم تُعر هذا الجانب الاخيرأهمية لأنها انطلقت من بوابة التحشيد من جهة، والمظهر الاعلامي بعبارة أن القيادة تقود بالصورة! أي بالصورة الاعلامية! ولنقل أن هذا المرض كان بارزًا في كثير من هذه القيادات الفلسطينية عامة، وبالحركة.

ظنت هذه "القيادات" كل الظن، والظن هنا إثم كبير، أنها تحكم سيطرتها على الكوادر والأعضاء عبر الفضائيات أوالوظيفة أو المال أو التاريخ الشخصي أو الشعارات أو الوعود الربانية أو الدنيوية، وتتخذ لها بذلك مقعدا في قلوب الناس! (وأرى ما يشبه ذلك للأسف في كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني ومنها "حماس" وغيرها، وليس في فتح فقط).

التنظيم بالاتصالات والبرامج والمتابعة

ما كان التنظيم الثوري والتنظيم السياسي الحقيقي الا اتصالات فعالة مباشرة ووجهًا لوجه، ولقاءات فكرية سياسية نضالية تحفز للكفاح، وابداعات مقاومة عملية ميدانية، وصِلات انسانية متبادلة بين الأعضاء وكافة الأطر بقياداتها.

في حقيقة الأمر إنه في ظل ضعف آليات التواصل الحركي الداخلي التي منها وضع البرامج والمحاسبة عليها واجتراح النشاطات وتطويرها وإطلاق ورعاية المبادرات ودعمها فإن العلاقة يشوبها التوتر، وعدم الثقة وأحيانا تتكاثر النباتات الطفيلية على جسد الحركة حتى لا يرى الناس من حركة فتح إلا هذه النباتات التي تغطي على الوجه الحقيقي المشرق لفكر الحركة وقدرتها المحسودة عليها في التجدد.

وما الوجه الحقيقي للحركة الا نحن جميعًا، يدًا بيد وكتفا الى كتف كما كان يردد الخالد فينا ياسر عرفات.

الملتزمون بفكر وثقافة فلسطين الأرض والقضية والشعب

 والملتزمون بقيم الأصالة الفتحوية المستمدة من عمق الإيمان الراسخ بحقنا وعدالة قضيتنا

 وبوطننا أرضنا فلسطين الذي هو جزء لا يتجزأ من هذه الحضارة العربية الاسلامية الرحبة

 وبالتحرير

 وتكاثف وانسجام منطلقي التضحية مع النصر.

ماتريده الكوادر

1-ما يجب أن تسمعه قيادة حركة فتح التي نحترمها، ونحن منها، عبر تفعيل وتصليب الحوار الداخلي هو دعوات الانقضاض على الإسرائيلي المحتل والمستعمر والعنصري، والاشتباك اليومي ضمن خطة وبرنامج مفصّل ومنهج نضالي وطني عام طويل النفس، مقاوم سلمي يومي متصل يربط غزة بالضفة بكل الخارج.

 2-وما يجب أن تسمعه هو ضرورة تمكين الوحدة الوطنية لكل الفصائل في أطر (م.ت.ف) ضمن البرنامج الوطني العام المتوجب الاتفاق عليه.

3- وما يجب أن تعيه هو ضرورة الحفاظ على الكوادر والعناصر بمنطق الحب والرحابة الحركية المعهودة لاستيعاب الاختلافات والتنوعات على وتر فلسطين في ظل الالتزام بالنظام الداخلي وبوصلة فلسطين، ومن حيث التثقيف الموحد وبناء الحياة التنظيمية المنضبطة.

4-وما يجب أن تسمعه القيادة هو رفض القواعد (أو هكذا أرى من الحكماء في هذه القواعد والكوادر) لأسلوب التحشيد والاستخدام والاستغلال لها، ورفضها للعقلية الاستبدادية أو الاستئثارية للاطر العليا، ورفضها للولاءات الشخصية والتزلّف والسلطوية، ورفض العقلية الوظيفية، وإيثارها للعقلية التشاركية الديمقراطية داخل الحركة وفي اختيار ممثليها للتشريعي على قاعدة لائحة ضابطة حسب النظام الداخلي وليس حسب أمزجة مركزية، ودعمها للعقلية النضالية الرسالية ذات الديمومة.

5-وما نريده من قيادة الحركة انتخابات شفافة ونزيهة، كما كان عهدنا بها بكل الانتخابات بالجامعات في الضفة -دونًا عن غزة تحت سيطرة حماس للأسف التي لم تعرف الانتخابات قط من 12 عامًا- وكما كان بالانتخابات التشريعية الأولى والثانية بشهادة العالم، حيث أثبتت حركة فتح الأصيلة بالدليل العملي نزاهتها، وليفز من يفز، فنحن بفلسطين وتطابق شبهنا مع فلسطين مجاهدون صابرون مصابرون فائزون بإذن الله.

 6-فالفلسطيني ليس أبلهًا، بل هو انسان وطني قح، مسيّس وواعي ويعرف كيف يختار، وما علينا نحن بالفصائل عامة، وفي حركة فتح خاصة إلا حُسن التقديم لأنفسنا للجماهير بصدق ومع وجوه صادقة ومشرقة وموثوقة ومقبولة جماهيريًا، و ضمن قائمة حركية متماسكة متنوعة الوجوه على قاعدة المشاورة والمشاركة القاعدية. أو مع مستقلين أو مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي تشبهنا ونشبهها، وليس مع "حماس" المتذبذبة والمترددة والمتقلّبة والتي بدأت تلعب فيها التيارات وعبث التمويل الخارجي، الى أن تستقيم أمورها ضمن البرنامج الوطني الشامل، وتتخلى عن رقبة غزة وعن تمردها وانقلابها، وتطلّق عقلية المعسكرين (الفسطاطين)، وتكريسا للتنافس الديمقراطي ضمن الثقافة التداولية في الدولة المدنية، وليس لمرة واحدة.

7-وما يجب أن تسمعه "قيادة" حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح هو حجم الشكاوى الكثيرة من انسداد قنوات التواصل الأفقية، والرأسية الصاعدة والنازلة، أو عدم فعاليتها من حيث الالتزام بالنظام الداخلي أوسرعة الاستجابة وفكفكة الأمور، وضمن قانون المساءلة من جهة وقانون المحبة من جهة أخرى، ولعمري إنه توازن لا يقدر عليه الا الرساليون المخلصون.

 8-وما يجب أن تسمعه هو مظالم كوادرنا المتراكمة بحجم جبل أحد أو جبل الجرمق أعلى جبل في فلسطين، أو أكثر في قطاع غزة الصامد، وكأنهم يعيشون في جزيرة منعزلة، أو كأن القيادة كما يظهر للكثيرين ضربت صفحًا عن تحمل مشاكلهم التنظيمية من جهة، ومآسيهم الاجتماعية والاقتصادية في مواجهة عسف أجهزة حماس من جهة أخرى، وتلك المظالم المرتبطة والمتراكبة المتعلقة بمطالبهم العادلة من السلطة الوطنية الفلسطينية.

9-إن المشوار مازال بأوله، ومن تعِب كما كان يردد الخالد ياسر عرفات فليركن جانبًا، فنحن مستمرون بالتضحية فإما النصر أو الشهادة، وهكذا فقط علمتنا فلسطين وعلمتنا ابنتها الوفية فتح.

*حاشية: يتم التمييز هنا بين ]موقع[ المسؤولية أو الإدارة أو "القيادة المحكوم بالنظام"، وبين ]الممارسة[ القيادية بالموقع، بمعنى أن القيادة ليست هي المنصب أو الموقع الذي يتم الوصول اليه، وإنما كما يؤكد أبوالسعيد خالد الحسن رحمه الله هي تجليات الممارسة بمعنى: رضا وثقة شعبية نتيجة صدق والتزام يعبر عنه من هو في موقع القيادة بسلوكه وقيمه، فحينها يتحول من هو في موقع القيادة الى قائد، وهو ما يحيلنا للتفرقة بين فكرة المدير الذي ينفذ التعليمات، وبين القائد الذي يحفّز ويُلهم الآخرين للعطاء والإنجاز. 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت