- بقلم علي بدوان
الأستاذ المرحوم، محمد صلاح العايدي، مدرس مادة الرياضيات، في ثانويات دمشق، وبعدها في مدارس الأونروا بمخيم اليرموك، ومدرس مادتي الفيزياء والكيمياء فايز عودة، يُعتبران بحق علامة من علامات التفوق في مهنتهم، علماً وطرائقاً واسلوباً، وتحديداً في تدريس مادة الرياضيات، ومادتي الفيزياء والكيمياء. فكان كلاً منهما يمتلك ناصية طرائق التدريس المُطورة، قبل أن تبدأ الكثير من وزارات التربية في عددٍ من البلدان بالحديث عنها، وباستخدام التقنيات الجديدة، ومنها السبورة الضوئية، مع التركيز على أهمية تفعيل السبورة العادية والتقنيات البسيطة، باعتبارها تبقى ذات أهمية في تعليم وتدريس المواد المختلفة، وخاصة منها المواد العلمية.
المرحوم المدرس محمد العايدي، صاحب المؤشر الذي كان يستخدمه أكثر الأحيان، كــ "عصا سحرية" لحث الطلاب على العمل والدراسة، والتفاعل الصفي الإيجابي مع المدرس ومع المادة الدرسية. وهكذا برز المئات من أبناء فلسطين في سوريا سنوات النكبة الأولى وحتى التسعينيات من القرن الماضي في مجال التربية والتعليم في سوريا، خاصة في تدريس اللغاء الأجنبية، والمواد العلمية ومنها الرياضيات والفيزياء والكيمياء، ومنهم المرحوم خالد الفاهوم الذي درس مادتي الفيزياء والكيمياء لمدة (15) عاماً في حوران، واصبح بعدها لسنوات مديراً للتربية في تلك المحافظة.
إذاً، تفوق أبناء فلسطين في هذا الميدان، ميدان التربية والتعليم، وابدعوا في تقديم وايصال المادة الدرسية للتلاميذ وللطلاب. ومن الصعب ايراد أبرز أسمائهم، لكنني اخترت من درسني في مدارس الوكالة باليرموك ومنهم المرحوم محمد العايدي، ومدرس الفيزياء والكيمياء المرحوم (فايز عودة) الذي كان يُحضّر لنيل شهادة الدكتوراه في الفيزياء من الإتحاد السوفييتي السابق الى جانب الدكتور اليافاوي المرحوم (فخري كتوت) الذي نالها ودرسني بعد ذلك لمادة الفيزياء (ميكانيك الجسم الصلب) في كلية العلوم بجامعة دمشق.
إذاً، درسني المرحوم محمد العايدي مادة الرياضيات في الصف التاسع في اعدادية المالكية، كذلك المرحوم الأستاذ فايز عودة لمادتي الفيزياء والكيمياء وكان مشهوداً له ايضاً بــ "عصاه السحرية"، وكنت صاحب نصيبٍ كبير عندهما، من حيث الاهتمام، حيث كان الأستا محمد العايدي يكرر القول : "الله أوصى بسابع جار، وانتم جيراننا الأقربون". وبالفعل كنت ذي حظوة عنده، حتى عند نيلي شهادة الكفاءة، وكان أول من زارنا في المنزل للتهنئة.
واذكر من طرائف دروس الأستاذ محمد العايدي، أن صرخ على طالب في صفنا اسمه (محمد يونس) قائلاً له : "قف ياعجايني"، ولم نكن نعرف معنى الكلمة، فاستغربنا جميعاً تلك الكلمة، ليتبين لنا ان صديقنا (محمد يونس) من "حمولة" في بلدة لوبية قضاء طبريا اسمها حمولة الـــ "العجاينة". وكان نصيب زميلنا محمد يونس كبيراً من "العصا السحرية" باعتباره كان يمقت الرياضيات، ولايدرسها. كذلك الحال مع المرحوم الشهيد غازي عبد العزيز حجو (استشهد في غزة)، حين كان يؤشر عليه بالقول : (قف ابن نهار) ... ليتبن لنا أن جده في فلسطين كان اسمه (نهار) وبقي اسمه عالقاً بعد النكبة : (عيلة النهار)...
أما المرحوم المدرس فايز عودة الفلسطيني (اللوباني القح) الذي كنا نطلق عليه لقب (لافوازيه اليرموك) كما هو المدرس المرحوم محمد العايدي (فيثاغورث)، فله الكثير من الوقائع الصفية في التعامل مع أبناء المخيم، من حيث الحزم، والمتابعة ...الخ.
رحمهما الله، امتهنا التدريس بكل اخلاص، حاملين رسالة التربية والتعليم بكل اقتدار، تاركين بصماتهم عند اجيالٍ متتالية من أبناء اليرموك.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت