-
اشرف صالح
أعلنت صحيفة معاريف العبرية أنه تم الإتفاق بين حماس وإسرائيل بوساطة القطريين , على رزمة تفاهمات شأنها أن ترفع الحصار عن غزة (...) وعلى رأس هذه التفاهمات هو إعتماد مبلغ 30 مليون دولار شهرياً لحماس حتى نهاية العام الحالي , وهي قابلة للتجديد , وللتوضيح أكثر فقد حددت الصحيفة آلية تقسيم المبلغ وهو كالتالي : 5 ملايين لشراء السولار لمحطة توليد كهرباء غزة , و10 ملايين للفقراء , و7 ملايين لرواتب حماس , وهنا تركت الصحيفة 8 ملايين دولار دون صاحب , وهو السؤال المتوقع من الرأي العام أن يسأله , أين ستذهب الــ 8 ملايين دولار ؟ . وسؤال آخر , لماذا ندفع فاتورة الكهرباء وهي أصلاً مدفوعة من قطر؟ وسؤال آخر , هل الإتفاق بين إسرائيل وحماس له علاقة برفع الحصار ؟ وسؤال آخر , هل سينتهي مصطلح حصار غزة حتى لو تحولت غزة الى سنغافورا ؟ كل هذه الأسألة يجيب عليها الإعلام العبري ولكن على طريقتة الخاصة , فلا أدري إن كان الإعلام العبري يكشف الأوراق من باب حرية الإعلام في إسرائيل , أم من باب أن هناك إيعاز من صناع القرار في إسرائيل بفعل ذلك , وفي كلا الحالتين فإن الإعلام العبري يلعب على المكشوف , والهدف من ذلك أن إسرائيل تريد أن تقول أنه أصبح لديها شريك حقيقي في غزة , والمقصود بذلك "حماس" والتي تعتبر الأقل تكلفة على إسرائيل من غيرها .
صحيح أن هناك حصوصية لوسائل الإعلام الفلسطينية على إعتبار أن الإعلام العبري هو إعلام إحتلال , وبناء على ذلك يتم نشر الخبر بصيغة "زعمت صحيفة معاريف" مثلاً , وهو إشارة الى عدم صدق الصحيفة أو زيادة على الخبر أو نقصان وما شابه ذلك , ولكن كما يقولون في الأمثال "الشمس لا تغطى بغربال" فالجميع يعلم أن هناك تفاهمات بين حماس وإسرائيل , والجميع يعلم أن إسرائيل تعتبر حماس شريكاً قوياً ومناسباً وغير مكلفاً , وفي المقابل وللأسف الشديد حماس تعتبر ذلك إنتصاراً لها , وهذا الإنتصار الوهمي جاء لسببين رئيسيين , الأول هو وجود إنقسام إنبثق عنه منافس سياسي قوي يحكم الجزء الأكبر من الوطن , وهو حكم فتح في الضفة , والثاني هو أن حماس تكتفي بغزة كدولة لها , ولهذا تعتبر أن كل إنجاز سواء كان سياسياً أو إقتصادياً أو عسكرياً في غزة هو إنتصار حقيقي , ولهذا السبب أصبح هناك تناغم بين ما تريده إسرائيل وما تريده حماس , وإن وجود تعتيم إعلامي من حماس وبعض وسائل الإعلام المحسوبة عليها على ما يدور خلف الكواليس بين حماس وإسرائيل بوساطة قطرية , فذلك لا يعني أن الإعلام العبري سيكون جزء من هذا التعتيم , ولهذا أصبحت إسرائيل تلعب على المكشوف بما يخص تفاهمات غزة .
برأيي أن حماس هي الخاسرة في هذه المعركة الإعلامية لسببين رئيسيين وهما , أولاً الإعلام العبري دائما يكشف ما يتم التعتيم عليه من الإعلام المحلي وخاصة الإعلام المحسوب والمقرب من حماس , وثانياً أن ما تعتبره حماس إنتصاراً لها وقد تفخر به عبر وسائل إعلاما , فإسرائيل تعتبره أيضاً إنتصاراً لها وتفخر به في وسائل إعلامها , فمثلاُ , حماس تقول أن البلالين والإرباك الليلي حقق لنا إنتصاراً وأدخل لنا المال والسولار الى غزة , وفي المقابل إسرائيل تقول أنها وجدت شريكاً مناسباً لها في غزة مقابل 30 مليون دولار فقط , ومن جيب قطر ودون أن ندفع فلساً واحداً , فما علينا فقط إلا الموافقة على دخول الأموال كي نظمن صمت المقاومة الى مدى بعيد , فخسارة حماس في هذه المعركة هي أن الوطن ليس غزة فقط , وأن الإعلام اليوم لا يقتصر على الإعلام الحزبي والذي يعتم متى يشاء , ويعلن متى يشاء , إنما هناك وسائل إعلام محلية أيضاً قادرة على وضع الحقيقة بين أعين الشعب دون تردد ولا خوف ولا تعتيم ولا تضليل .
ومن باب النصيحة ولأن عدونا واحد مهما إختلفنا , فيجب على حماس أن تدرك تماماً أن إسرائيل تسعى أن تعزز مفهوم الإنتصار المختصر على غزة فقط , كي تحرف بوصلة المقاومة عن ما يجري في الضفة والقدس , فتناغم إسرائيل مع مطالب حماس ووسائل ضغطها بأمور تقتصر وتتعلق بغزة فقط , هو علامة رضا من إسرائيل كي تضمن عدم خروج المقاومة إلى مدى أبعد من حدود غزة , فيجب على حماس أن تتخلص من الخارطة السياسية الضيقة التي وضعت نفسها فيها , وأن تتوسع في إستراتيجيتها التي إقتصرت على غزة , كي تكون فلسطين هي الوطن , وتحرير فلسطين هو الهدف , والوحدة والشراكة هي الوسيلة .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت