رسالة مفتوحة للرئيس/ محمود عباس(أبو مازن) وللأخ/ إسماعيل هنية(أبو العبد) رئيس حركة حماس

بقلم: ناصر الصوير

ناصر الصوير
  • يرسلها إليهما د. ناصر الصوير الكاتب والمحلل السياسي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بداية أتمنى أن تصلكما رسالتي هذه وأنتما في تمام الصحة والعافية.. ثم أما بعد،،،

مما لا شك فيه أن الظروف التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية من أصعب الظروف وأقساها وأكثرها تعقيداً منذ النكبة ولغاية يومنا الراهن! والشعب الفلسطيني يعي ذلك تماماً، ويعي ويفهم حجم المؤامرات التي تحاك ضد قضيته من أطراف عديدة، ويعي أيضاً حجم الضغوطات التي تتعرض لها

القيادة الفلسطينية برأسيها حركة فتح وحركة حماس! ويتابع بعقله وجوارحه التطورات المتلاحقة التي عصفت ولا زالت بقضيته وما قامت به السلطة وما قامت به حماس في سبيل التعامل مع هذه التحديات الجسام سواءً كانت كافية أو غير كافية أو فيها قصور! ويعي ويفهم كذلك الامكانات المتوفرة لكل طرف منكما وإلى أي مدى يستطيع التحرك لمجابهة ومواجهة هذه التحديات الخطيرة جداً !

القائدان الموقران/ أبو مازن وأبو العبد،،،

تابعنا على مدار15 سنة من أعمارنا وتاريخ قضيتنا بأسى وألم وإحباط كاد يصل لمرحلة اليأس ما دار على الساحة الفلسطينية من انقسام بين قطبي الوطن حركتي فتح وحماس تمثل في سيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة ودحرها لحركة فتح قائدة السلطة الفلسطينية وعمودها الفقري، وما تلا هذا الاقتتال من تشرذم وتفرق، وجميع أشكال الخلاف والاختلاف اللاحضاري واللاديمقراطي، والردح الاعلامي وكيل الاتهامات كل طرف على الطرف الاخر عبر مختلف وسائل الاعلام. وتابعنا وعايشنا عشرات المحاولات الفاشلة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ولكن دون جدوى! صرخ رجال الدين والمثقفون والشرفاء والفقراء والشيوخ والشباب والنساء وجميع طبقات الشعب الفلسطيني وناشدوا الحركتين إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ولكن للأسف دون جدوى! كل طرف يحمل الطرف الأخر مسئولية الفشل في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، والشعب أصبح مستسلماً لخيبات الأمل وبات الأمل لديه في انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة حلماً معدوماً ومفقوداً ومستحيل المنال! كل ذلك يحصل أمام ناظرينا وعدونا يمعن في استغلال هذه المصيبة الكبرى المسماة بالانقسام، بتسريع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، وبالتطبيع مع الدول العربية وبتهويد القدس وبعزل غزة حصاراً واغلاقاً.

القائدان الموقران/ أبو مازن وأبو العبد،،،

خرجتم علينا قبل أيام بأن الحركتين اتفقتا على اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ووطنية تباعاً، وأصدر السيد الرئيس المراسيم التي حددت تواريخ أجراء هذه الانتخابات! التي أرفضها شخصياً جملة وتفصيلاً لأسباب واقعية ومنطقية! أولها أنكم قررتم إجراء هذه الانتخابات قبل انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة أي أنكم قررتم القفز عن كل أسباب الانقسام ولم تعالجوا منها شيئاً وذهبتم بعيداً بعيداً لبحر الانتخابات الذي يؤسفني أن أذكركم أنها كانت سبباً مباشراً في حدوث الانقسام الذي وقع في أعقاب انتخابات سنة2006، المصيبة هنا أنكم تعلمون علم اليقين أنكما كفتح وحماس لستما جاهزين لدفع ضريبة ما قد تتمخض عنه الانتخابات من نتائج! ويكفي أن أطرح بعض الأسئلة تاركاً الاجابة عليها لكما لتتيقنا أن هذه الانتخابات لن تصلح شيئاً من واقعنا المرير، بل على العكس تماماً ربما تؤدي إلى إنهاء ما تبقى من قضيتنا المثقلة بتحديات عظيمة لم يسبق أن تعرضت لها:

سؤال/ هل ستقبل الحركتان النتائج مهما كانت؟!

سؤال/ هل حماس مستعدة لتسليم قطاع غزة كاملاً دون تجزئة للسلطة وفتح لو تلقت الهزيمة في هذه الانتخابات؟!

سؤال/ هل السلطة ستقبل بتسلم حماس الحكم في الضفة لو فازت الأخيرة؟

سؤال/ هل ستقبل إسرائيل بتولي حماس حكم الضفة لو فازت في الانتخابات؟

سؤال/ هل ستقبل الأجنحة العسكرية في القطاع خصوصاً كتائب القسام بالانصياع لأوامر السلطة حال فوز فتح في الانتخابات؟

سؤال/ هل هناك ضمانات بعدم حدوث أعمال ثأرية في حال فوز فتح في الانتخابات وتسلمها سلطة الحكم في غزة؟

سؤال/ هل تقبل فتح بتولي مرشح حماس للرئاسة لو أقدمت على ترشيح أحد قادتها لهذا المنصب، خصوصاً أن القانون يتيح لها ولغيرها المشاركة والترشح؟

القائدان الموقران/ أبو مازن وأبو العبد،،،

أود أن أوصل إليكم اقتراحي للخروج من هذا المأزق العاصف، والذي يتمثل في الكلمات الصريحة التالية:

أولاً/ إذا كانت الانتخابات قرار سيادي فلسطيني مستقل لم تتدخل في تحديده أي قوى خارجية فأنا أطالب بصفتي مواطن فلسطيني أن تقوما بتأجيل هذه الانتخابات لما بعد انهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الشاملة، درءاً للدم الفلسطيني الذي أرى أنه سيسفك مجدداً كما سُفك في العام 2007 بعد اجراء الانتخابات أنذاك.

ثانياً/ إذا كانت الضغوط الخارجية علينا لإجراء الانتخابات قوية جداً لدرجة تعجز السلطة وحماس عن التصدي لها ومواجهتها، وهذا ليس عيباً فينا فالسياسة لعبة أقل ما يقال فيها أنها لعبة المصالح، ونحن لاعب ليس كبيراً لا اقتصادياً ولا عسكرياً بدرجة تتيح لنا أن نرفض أو أن نتصدى لكل هذه الضغوطات التي يعي شعبكم أيها الزعيمان أنها قوية جداً! إذا الأمر كذلك فإنني أعرض عليكما اقتراحي الذي أسعى من خلاله تجنيب شعبنا وقضيتنا تبعات هذه الانتخابات المضغوط علينا لاجرائها! وهو يتلخص بما يلي:

أولاً: تجرى الانتخابات للمجلس التشريعي دون مشاركة حركتي حماس وفتح ودون مشاركة التنظيمات الفلسطينية الأخرى! وتقتصر المشاركة فيها على الشخصيات المستقلة فقط ويمنع منعاً باتاً مشاركة أي عضو محسوب على أي تنظيم! على أن تقوم لجنة متخصصة تعينها لجنة الانتخابات الفلسطينية لفرز جميع المرشحين الذين يجب أن يكونوا مستقلين وليسوا من أعضاء أو أبناء أو أنصار أي تنظيم يعمل على الساحة الفلسطينية.

ثانياً: يتم تأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة عامين.

ثالثاً: تقوم الشخصيات المستقلة المنتخبة بإدارة دفة الأمور بشكل مستقل تحت رئاسة الرئيس محمود عباس لمدة عامين فقط وليس أربعة أعوام وتعتبر هذه مرحلة انتقالية.

ثالثاً : خلال العامين المقررين كعمر للمجلس التشريعي الجديد لا تتدخل الحركات الفلسطينية في عمل هذا المجلس ولا تحد مطلقاً من صلاحياته بأي صورة من الصور.!

رابعاً :تنكب حركتا فتح وحماس وباقي الفصائل خلال العامين المقررين بجهود متواصلة لايجاد مخرج شامل للخروج من نفق الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وايجاد حلول عادلة وكاملة لكل القضايا العالقة.

خامساً: في حال لم يتم التوصل لاتفاق يحقق المصالحة بين الطرفين خلال هذين العامين يتم التمديد للمجلس حتى يتوصل الطرفان لاتفاق وينهيا الانقسام ويحققا المصالحة.

سادساً: يتم تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة تماماً على أن تنال ثقة المجلس التشريعي وتبقى تحت رقابته.

القائدان الموقران/ أبو مازن وأبو العبد،،،

إن تنفيذ هذا الاقتراح سيسهم في درء جميع المخاطر الناجمة عن اجراء انتخابات دون اتمام المصالحة، تشارك فيها حماس وفتح ومختلف التنظيمات، وسيجنب الشعب الفلسطيني ويلات جديدة ستقضي على القضية الفلسطينية برمتها. كما أنه سيحفز ويحرض حماس وفتح ومختلف قوى العمل السياسي الفلسطيني على التوصل سريعاً لاتفاق ينهي الانقسام ويحقق المصالحة الدائمة والشاملة بين المتخاصمين.

ختاماً/ لا يسعني الا أن أشهد المولى عز وجل ثم الشعب الفلسطيني على ما تقدمت به وأحملكما المسئولية الكارثية التي ستنجم عن اجراء هذه الانتخابات حتى لو تمت بقائمة مشتركة كما سمعنا. وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله.إن الله بصير بالعباد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت