- م.د. نزار نبيل الحرباوي
يكثر في وسائل الإعلام الحديث عن مخاوف الاستثمار المستقبلي في مرحلة ما بعد الجائحة الطاغية التي عصفت بمناخات الاستثمار في البيئة المحلية والدولية على حد سواء ، وباتت المؤسسات الدولية ومراكز البحوث الاقتصادية الدولية تبحث في الفرص المتاحة والبواعث الممكنة لبعث الروح في الجسد الاقتصادي المتهالك عالمياً بفعل الإغلاقات والضربات الاقتصادية التي ترتبت عليها على مختلف المستويات .
الطاقة المتجددة والتي تعتبر من المصادر الطبيعية التي تشكل رافعاً من روافع الاقتصاد شهدت سلسلة من الطفرات النوعية في مجال النوعية والمنتجات والأسعار على حد سواء، وبات توجه الشركات الكبرى والصغرى لها حلاً نموذجياً للتعامل مع ملف الطاقة الذي يستنزف الشركات بصورة كبرى، ولكن السؤال الكبير: هل فعلاً سيكون لمجال الطاقة الشمسية الحظ الأوفر من مساحات الاهتمام على المستويات الاقتصادية الناشطة بعد جائحة كورونا ؟
تشير كل المعطيات والمتابعات في الساحة الاقتصادية إلى اهتمام بالغ من الدول الكبرى والدول المنتجة بملف الطاقة المتجددة ، وبرغم الاختلاف الحاصل ما بين بيئة وأخرى، إلا أن الدول بالمجمل باتت تتوجه نحو تفعيل إيجابي للطاقة البديلة عن الوقود الأحفوري، وتنغمس تدريجياً في مشروعات عملاقة للطاقة المتولدة من الشمس أو الرياح أو المياه ، هذا إذا لم يكن على المولدات النووية للدول ذات الإمكانات الكبرى، وهو ما يجعلها تستغني تلقائياً عن الوقود الأحفوري، أو يقلل من مركزيته كسلعة ضاغطة على الدول، وهذه العدوى في التوجه نحو الطاقة البديلة المتجددة انتقلت تدريجياً نحو المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بل وحتى للشركات والمؤسسات الصغرى، وبات من المألوف رؤيتها بأشكالها المتعددة في أكثر من مكان في البيئة المحيطة بنا .
المهندس معاذ حامد الجدع تحدث مطولاً في مقابلة معه عن التطور التكنولوجي في هذا المجال، وركز على أهمية تطويع التكنولوجيا لخدمة البشرية من خلال دراسات معمقة في كيفية الاستفادة القصوى والفضلى من الطاقة الشمسية في خدمة البيوت والمنشآت، وركز في حديثه على القول بأن: " العقل البشري لا زال ينتج في هذا المجال الكثير من الابتكارات والاختراعات، وقد زرت العديد من المعارض الدولية على مستوى الولايات المتحدة وإندونيسيا والصين ونحوها ، وهناك حالة من السباق المحموم ما بين الدول الصناعية لتقديم منتجات جديدة كل يوم في هذا المجال، وهو ما يبشر بمستقبل واعد لهذه الصناعة، وهو ما يتطلب منا كخبراء ومتخصصين في هذا المجال أن نساير التكنولوجيا العصرية، ونتعرف إلى آخر ما يصدر عالمياً في هذا المجال لنقوم بتقديم الخدمة الأفضل بالجودة القصوى والسعر المنافس لمن يختار تكنولوجيا المستقبل المنتجة".
من المهم في كثير من الأحيان أن تمر الساحة الاقتصادية بمنعطفات فارقة، ولكن الأهم بكل تأكيد أن يتم استثمار هذه المزالق والمنعطفات في بناء رؤى وتوجهات إيجابية تمكن العقول الاقتصادية من بناء النجاح بعد المعيقات التي قد تفتك بالروتينيين وأصحاب التفكير الاقتصادي الكلاسيكي، فالحقائق والدراسات تشير إلى أن معظم الشركات الكبرى اليوم هي التي حولت الظروف القاسية التي مرت بها إلى فرص حقيقية ، وطوعتها لصناعة نجاحها التي تتباهى به في يومنا هذا .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت