نميمة البلد: التغيير من أجل القضية الفلسطينية

بقلم: جهاد حرب

جهاد حرب
  • جهاد حرب

انطلقت في الآونة الأخيرة حوارات عبر مجموعات متعددة تضم العديد من الشخصيات الوطنية والاجتماعية كإعلاميين وناشطين مجتمعيين وحزبيين سابقين، ساهمت التقنيات الالكترونية في الربط بين شطري الوطن، تهدف إلى خلق توافقات في الرؤى والتوجهات المستقبلية لحياة الفلسطينيين. هذه الحوارات جرت في السنوات الماضية إلا أن الإعلان عن موعد الانتخابات العامة في الأشهر القادمة نشط هذه الحوارات المتعددة والمختلفة.

النقاشات الجارية ناجمة على الهموم الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون، وناجمة عن الفشل المدوي للسياسيين، وعبر سنوات طويلة، في تحقيق الأهداف السياسية للفلسطينيين المتمثلة بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية تجسيدا لحق تقرير المصير في إطار المواجهة مع الاحتلال، وفشلت بإقامة وبناء مؤسسات دولة قوية ومساءلة، وفشلت في تحسين وضع الفلسطينيين اقتصاديا، وابقت على الارتهان للقوى الاجتماعية المبنية على رابطة الدم "العشارية" أو الجغرافيا أو المناطقية التي تخلص منها شعبنا في ثمانينات القرن الماضي مع انتفاضة الشعب الفلسطيني العظيمة "انتفاضة الحجارة".

هذا الفشل أدى إلى تراجع الدوافع لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني للانخراط في عملية المواجهة ضد الاحتلال وسياساته الاستعمارية الاستيطانية الاحلالية، ولم تعد برامج الأحزاب الرئيسية وأعمالها ودعايتها نحو التفاوض أو المقاومة مقنعة أو جاذبة للمواطنين، فأولويات المواطنين لم تضع الاحتلال باعتباره المشكلة الأساسية الأولى التي يجب حلها بل جاءت في المرتبة الثالثة بعد حل الازمة الاقتصادية وتفشي الفساد.

أدى هذا الفشل إلى تراجع أهمية معالجة القضايا الرئيسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الأجندة السياسية الإسرائيلية حيث تظهر برامج الأحزاب الإسرائيلية في انتخابات الكنيست القادمة- كما الانتخابات الثلاث الأخيرة التي جرت في العامين الماضيين- وأوراق مراكز البحث والدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية أن القضية الفلسطينية لم تعد على سلم أولويات الأحزاب الإسرائيلية. أما قبل عشرين عاما "أي انتخابات الكنيست في شباط/ فبراير 2001" فقد ركزت برامج الأحزاب الإسرائيلية في الحملة الانتخابية على أسلوب التعامل مع الفلسطينيين أي التوصل إلى سلام أو استمرار الاحتلال، واستخدمت صورة ياسر عرفات كجزء من دعاية الحزبين الكبيرين آنذاك "العمل والليكود"، وخاضت في مسائل أساسية كحق العودة والقدس. فيما اليوم يتم الحديث في البرامج السياسية والمؤسسة الإسرائيلية عن قضايا تفصيلية ثانوية في ظل حسم مسألة سيطرة الاستيطان والمستوطنين كأحد أدوات الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الطارد للفلسطينيين.

 إن مسار النضال الاجتماعي السياسي القائم اليوم في سبيل إحداث التغيير، الهدف الرئيسي لهذه الحوارات، في بنية الطبقة السياسية الحاكمة في الضفة والقطاع عبر الانتخابات الوسيلة الديمقراطية المشروعة قد تكون متاحة في الشهر القادمة، في ظني هذا الأمر يتطلب من هذه القوى الاجتماعية المختلفة المنخرطة في الحوارات من أجل القضية الفلسطينية؛ أولا: توحيد القوى الاجتماعية والشخصيات العامة والمؤثرين والناشطين بغض النظر عن الاختلافات الفكرية في إطار واسع. وثانيا: الاتفاق على برنامج وطني باطرٍ مرنةٍ في القضايا السياسية ودون الدخول في سجال على سبيل المثال بتبني خيار حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين بل الإبقاء على القاسم المشترك للجميع المتمثل بممارسة حق تقرير المصير. وثالثا: الاتفاق على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ذات الأولوية للشعب الفلسطيني في أماكن تواجده المختلفة في الوطن والشتات فيما التفاصيل تبقى لحلها في الحوار داخل المجلس التشريعي القادم في حال جرت الانتخابات في أيار/ مايو القادم.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت