-
اشرف صالح
إستضاف الإعلامي المصري وائل الإبراشي خلال حلقة من برنامجه الشهير العاشرة مساء , الفنانة المصرية "سما المصري" وذلك بمناسبة ترشحها لإنتخابات مجلس الشعب عن دائرة حي الجمالية في القاهرة , وكان معها في الحلقة ثلاثة ضيوف منافسين لها في الإنتخابات , ومن بين الضيوف كان المحامي الشهير(س,ص) والمشهور برفع القضايا ضد الفنانين والمشاهير في المحاكم المصرية , وكان اللقاء في البرنامج عاصف جداً , حيث كانو الضيوف وكأنهم في حرب حقيقية , وإستمر البرنامج أكثر من ساعة ونصف ما بين الشتائم والمواقف المضحكة , ولكن كان النصيب الأكبر من الشتائم سواء من الضيوف أو من المتصلين على البرنامج , للفنانة سما المصري كونها راقصة بحسب وصفهم , ولتسليط الضوء أكثر كان المحامي (س,ص) كثير الهجوم على سما المصري معترضاً على ترشيحها في الإنتخابات كونها فنانة إغراء , وكان المحامي متمسكاً بوصفها "راقصة" رغم أن سما المصري أنكرت أنها راقصة , وقالت للمحامي أنها ليس أكثر من مطربة , ولكن المحامي كان مصراً أن ينعتها بالراقصة طوال الحلقة , مبرراً بذلك أنه لا يجوز للراقصة أن تمارس السياسة , ولا يجوز لها أن تمثل حي الجمالية في مجلس الشعب .
أنا ككاتب فلسطيني كنت أراقب المفاجآت في الحلقة , وكمشاهد فلسطيني كنت مستمتعاً بالمواقف الكوميدية الناتجة عن هجوم الضيوف على بعضهم البعض أثناء الحلقة , وكنت أيضاً مشفقاً ومتعاطفاً مع الفنانة سما المصري كونها وحيدة تواجه ثلاث ضيوف ضدها , بالإضافة الى الشتائم المنهالة عليها من المتصلين بالبرنامج , ولكن حدثت المفاجئة التي كنت أنتظرها طوال الحلقة , والتي أثبتت أن الراقصة بجسدها (...) أشرف بكثير من الراقص بلسانه وضميره , فالمفاجئة كانت تخص المحامي (س,ص) والذي كان يهاجم الراقصة بسبب مهنتها ويدعي أنه أشرف منها , وقبل أن ندخل في تفاصيل المفاجئة أود أن أقول أن المحامي كان طوال الحلقة يشتم ويسب ويقذف ويهدد الفنانة سما المصري ويوصفها بالراقصة , وهذا بحد ذاته ليس من صفات الإسلام , بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ" صدق رسول الله , فكانت صفات المحامي هي الأكثر خطورة على المجتمع من فنانة إغراء أو راقصة إن صح التعبير .
المفاجئة..
إستطاعت الفنانة سما المصري في آخر الحلقة أن تكشف للجمهور أن المحامي(س,ص) الذي كان يشتمها ويوصفها بالراقصة طوال الحلقة , قد ترافع أمام المحاكم المصرية للدفاع عن فتاة متهمة بقضايا دعارة وفساد , وقد تم طردها من مصر بسبب هذه القضايا , وبعد أن فجرت الفنانة سما القنبلة في وجه المحامي , صمت المحامي قليلاً وهو مرتبكاً ويمسح العرق عن جبينه , ومن ثم إعترف أنه فعلاً ترافع أمام المحاكم عن فتاة فاسدة , مبرراً ذلك بأنه محامي ومن حقه أن يترافع عن أي قضية مهماً كانت , فردت عليه الفنانة سما بكل منطق وقالت له "وأنا الآن أجلس معك بصفتي سياسية ومن حقي أن أمارس السياسة وأن أترافع عن الشعب في مجلس الشعب" وتحولت حلقة النقاش لصالح سما المصري بعدما تحول المحامي الشرس والمهاجم , الى شخص مرتبك يمسح العرق عن جبينه من شدة المفاجئة , وحتى الإعلامي وائل الإبراشي إندهش من المفاجئة ونظر الى المحامي نظرة إستفزاز قائلاً له : كيف توصفها بالراقصة طوال الحلقة وأنت كنت مترافعاً في المحكمه عن فتاة مخلة للآداب..
كتبت لكم هذه القصة الحقيقية لأنني إستفدت منها على مستواي الشخصي , ورغم مرور خمس سنوات على هذه القصة , ورغم أنني شاهدت حلقة البرنامج قبل أيام عن طريق الصدفة وأنا أتصفح في موقع "اليوتيوب" إلا أنها تستحق أن تتحول الى مقال للرأي العام , وخاصة أن الشعب الفلسطيني يعاني بإستمرار من الرقص والإستعراض بكل أشكاله وألوانه , الرقص الذي يختبئ أحياناً وراء اللحية والجلابية البيضاء والعمامة , ويختبئ أحياناً وراء الإبتسامة والوجه الأملس والبدلة الأنيقة , ويجب على الشعب أن يميز بين رقص الجسد ورقص اللسان , فإذا كان رقص الجسد قد يلهي ويفسد بعض الشباب لبضع الساعات أمام شاشات التلفاز , فإن رقص اللسان أفسد وأضاع من عمرنا أربعة عشر عاماً , وأصبح مستقبل الشباب رهينة بعض الكلمات التي تهيج المشاعر , الكلمات التي هي ليس أكثر من دعاية سياسية ووعودات إفتراضية , ولكنها أكثر تأثيراً من أجساد الراقصات .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت