الذكرى الثانية والخمسون لإنطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .. 52 عاما، شعلة نضال تتلألأ في سماء القضية الفلسطينية وحريتها

بقلم: جهاد سليمان

جهاد سليمان
  • جهاد سليمان \ عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

لم يكن تاريخ  الـ 22  من شباط من العام 1969 تاريخا عابرا في مسيرة الكفاح والنضال الفلسطيني، بل شكل محطة مفصلية في حياة الحركة الوطنية الفلسطينية، ومجرى الصراع مع العدو الصهيوني، وذلك من خلال استقلال التيار اليساري المسلح الذي عنون بإنطلاقته فجرا جديدا، رسم معالم المرحلة التي ستتسم باستراتيجية مواجهة من نوع فريد، حملت فكرا سياسيا معززا بالبندقية الثورية وفهم عميق لطبيعة إدارة الصراع مع العدو الصهيوني وذلك بمقاربة واقع العمل الثوري لطبيعة إدارة المرحلة السياسة.

شكلت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أحد اهم الأعمدة الثورية، فنهضت بواقع الشعب الفلسطيني المشرذم، والذي عانى من محاولات عديدة لطمس نضاله الوطني وهويته الوطنية، من خلال إعادة تجميع الشتات الفلسطيني وإكسائه بهويته الحضارية والتاريخية والوطنية، ضمن إطار سياسي جامع شكل القلعة الحصينة والبيت الفلسطيني الجامع الذي مثلته منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.

فمن العمل العسكري النوعي الذي زرعت بذوره القوات المسلحة الثورية واستكملت مسيرته قوات النجم الأحمر وكتائب المقاومة الوطنية، الى البرنامج السياسي والوطني والاجتماعي الذي رافق عملية التطور السريعة لاداء المواجهة والمجابهة، قدمت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مسار عملها الثوري الذي استنبط قواعده وعناوينه الرئيسية من الحركة الجماهيرية الفلسطينية وطبعتها الطبقية الذي رافق واقع الاحتلال واللجوء.

كان للنضال الاجتماعي والاقتصادي النصيب الأوفر من اهتمام قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومناضليها، باعتبارها المسلك السليم في تطوير الحركة الجماهيرية وتحشيدها في مسار سياسي واعي يضع نضال الحركة الجماهيرية على سكة المسار الوطني التحرري، مخصصة لذلك البرامج النضالية القطاعية التي تتعامل مع مختلف القطاعات بحسب المكان والتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها عملية التحرر وتقرير المصير.

وبذلك فإن الـ 52 عاما، من الأعوام النضالية التي رسمتها الجبهة الديمقراطية في خارطة النضال التحرري الفلسطيني، هي أعوام مشرفة لما تضمنته من زخم في العمل السياسي والعسكري الواعي والمسؤول، الذي جعل من الجبهة الديمقراطية حزبا جماهيريا وجبهة تحالف طبقي واسعة، وأحد اهم المساهمين في مشروع التحرر والنضال ضد قوى الاحتلال والاستبداد التي غرست انيابها في قلب المنطقة العربية ومجرى تطورها الطبيعي..

وشكلت مسيرة الكفاح الجماهيري والعسكري للجبهة الديمقراطية مفاهيم نضالية مرموقة للحركة الوطنية الفلسطينية من خلال ادبيات العمل الوحدوي باعتبارها السلاح الاقوى في يد الجماهير الفلسطينية وقوى التحرر الفلسطينية، فآمنت الجبهة الديمقراطية بالعمل المؤسساتي الديمقراطي الذي يشكل ضمانة للشراكة الوطنية، ولم يحضر استحقاقا وطنيا مفصليا في حياة الثورة الفلسطينية إلا وكان للجبهة الحصة الأكبر في بلورة البرنامج النضالي الوحدوي المعزز بالعمل الجماهيري والعسكري، مستنبطة بحنكة القيادة الرصينة متطلبات المرحلة المبنية على الوقائع الملموسة ومجريات التطور الاقليمي والدولي، فكان للجبهة الديمقراطية شرف المساهمة في شرعنة العمل السياسي الفلسطيني ووضعه على خارطة الاهتمام السياسي العالمي بإطلاقها للبرنامج المرحلي الذي شكل علامة فارقة من حيث الطرح والاستراتيجية والأداء، معززة اياه بالعمل العسكري الهادف، الذي توجته بجبهة مواجهة عريضة، وصلت ذروتها لعملية معالوت ترشيحا النوعية، بعد ان أصبحت البندقية هي الناطقة الرسمية بلسان البرنامج السياسي، كما تلتها سلسة من العمليات البطولية التي صوبت في سياق الهدف الثوري المراد تحقيقه بحيث اربكت الاحتلال الإسرائيلي لما حملته من فكر سياسي هادف.

ولم تكن المخيمات الفلسطينية في قاموس العمل الوطني للجبهة الا قلاعا ثورية، فدافعت عنها  بكل بسالة مقدمة في سبيلها خيرة قادتها وكوادرها الذين سقطوا قافلة مشرقة مشرفة على أبواب تلك المخيمات منعا لمحاولات شطب مكانتها التمثيلية لحق الشعب الفلسطيني بالعودة.

وفي هذا الشهر من هذا العام الحساس من عمر القضية الوطنية الفلسطينية تكمل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عامها الثاني والخمسين مسلحة بإرادة الجماهير الفلسطينية، ومستندة لفكرها السياسي الوحدوي الثوري، وهي تخوض معركة الدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني المهددة بالتصفية الصهيونية والأمريكية، من خلال ما بات يعرف بصفقة القرن متقدمة ببرنامجها النضالي البديل وبرؤيتها السياسة المتزنة الهادفة لإخراج الحالة الفلسطينية من عنق الزجاجة التي حشرت بداخلها، نتيجة اتفاق أوسلو وما نتج عنه من كوارث وطنية طالت مجمل الحركة الوطنية الفلسطينية.. وهي اليوم اكثر تصميما على المضي قدما على درب النضال والكفاح والتضحية مسلحة بعزيمة شعبها المناضل الذي يأبى الا ان يكون شعبا مناضلا وصامدا في مواجهة التحديات ورائدا من رواد الكفاح العربي والعالمي التحرري..

فالمجد للمقاومة الباسلة، ولكا من زرع نفحة امل بغد افضل

الخلود للشهداء الابرار .. والحرية للأسرى الابطال

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت