تحدث تقرير عبري ، يوم السبت، حول حيثيات قرار محكمة الجنايات الدولية بمنح المدعية العامة فاتوا بنسودا، حق الاختصاص والولاية القضائية في فتح تحقيق بجرائم حرب ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
وركز التقرير الذي نشره موقع "واي نت" العبري التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، في بداياته على أن القرار يشمل فتح التحقيق في ما وصفها بـ "الجرائم" التي ارتكبتها حركة حماس، وأعمال منافية للقانون الدولي قامت بها السلطة الفلسطينية.
ولفت التقرير إلى أن اثنين من بين 3 قضاة هم من وافقوا على القرار، مشيرًا إلى أن الثالث هو رئيس المحكمة القاضي بيتر كوفاتش والذي عارض موقف زملائه لكنه لم يملك الأغلبية.حسب موقع صحيفة "القدس" الفلسطينية
وكتب كوفاتش ملاحظة مرفقة بالقرار أنه يعارض المسألة الأساسية ويرى أنه لا يوجد اختصاص للمحكمة في هذه القضية، لأنه لا يتم الحديث عن دولة كاملة (الفلسطينيين)، وأن المحكمة لا تملك الولاية على الأراضي عام 1967.
وفي إسرائيل - بحسب التقرير - لم يتفاجأوا بقرار لجنة ما قبل المحاكمة، وصدرت ردود فعل منددة بقرار المحكمة وخاصةً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصف المحكمة بأنها سياسية ولا تعمل وفق نظام قضائي.
ما هي جرائم الحرب التي يتحدث عنها القرار؟
يسأل ويجيب الموقع العبري، بأن المدعية العامة اتهمت إسرائيل خلال حرب 2014 على قطاع غزة بأنها ارتكبت جرائم حرب، كما فعلت تمامًا حماس وفصائل فلسطينية مسلحة أخرى، ولا ينص القرار صراحة على ارتكاب مثل هذه الجرائمة ولكنه يذكر مرارًا وتكرارًا أن هناك أساسًا معقولًا للاعتقاد بارتكاب هذه الجرائم.
ويظهر من التحقيق الخاص بالمدعية أن الجيش الإسرائيلي في 3 حوادث على الأقل تم التحقيق فيها يشتبه بأنه ارتكب مثل هذه الجرائم، في حين أن حماس وفصائل أخرى نفذت هجمات بإطلاق صواريخ على "مدنيين" إسرائيليين، واستخدام "مدنيين" فلسطينيين باستخدامهم كدروع بشرية، وحرموا مشتبه بهم بالتعاون مع إسرائيل من حقهم في محاكمة عادلة.
كما يحقق المدعي في حوادث إطلاق نار من الجيش الإسرائيلي على فلسطينيين خلال تظاهرات مسيرة العودة.
وبحسب التقرير العبري، فإن المحكمة حددت لصالح المدعية العامة بإجراء التحقيقات في ارتكاب جرائم حرب ضمن حد 1967 بما يشمل غزة وشرقي القدس، واعتبرت فلسطين دولة عضو في المحكمة.
ويشير إلى أن قرار القضاة يتعلق بمسألة الاختصاص الإقليمي، أي فيما إذا كان للمحكمة اختصاص باتخاذ قرار بشأن ما جرى في الضفة وغزة، وردت المحكمة على المدعي العام بأن لديه سلطة، لذلك فإن الخطوة التالية هي قرار المدعي بفتح تحقيق أم لا.
وترى مصادر قانونية إسرائيلية أن القرار لا يزال يترك ثغرة في قضايا الاختصاص بسياقات مختلفة، ويتعامل فقط مع مسألة الولاية القضائية الإقليمية، لكن لا يزال الطريق طويلًا قبل أن يتمكن المدعي من اتخاذ خطوات فعالة لتعزيز إجراءات التحقيق.
توضح مصادر سياسية أن القرار بالنسبة لهم يعتمد على حجج سياسية وليس قانونية، وأنها تهدد الفرصة النادرة التي نشأت في المنطة مع توقيع اتفاقيات أبراهام والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، مشيرةً إلى أن 7 دول أعضاء بناءً على دعوة من المحكمة، منها دول ألمانيا والنمسا والتشيك واستراليا، قدموا رسميًا تأكيدات بأنه لا تملك المحكمة أي سلطة للتحقيق في تلك المناطق ولا يوجد أساس قانوني لذلك.
هل نشر القرار متوافق مع إسرائيل؟، يسأل التقرير العبري، ويجيب بأنه لم يتم إخطار وزارة الخارجية الإسرائيلية مسبقًا بأنه سيتم اتخاذ قرار بشأن مسألة الولاية القضائية مساء الجمعة، ولكن منذ أشهر كان معروفًا أن القرار قد يأتي في أي لحظة، بينما قاطعت إسرائيل الدعوى برمتها وترفض إضفاء أي شرعية عليها ولم ترد على استفسارات المحكمة سابقًا، لذلك لا يمكن لإسرائيل استئناف القرار أيضًا.
وتساءل فيما إذا كان القرار بشكل نهائي، فأجاب الموقع بأنه لا، ومن المتوقع أن تنهي المدعية بنسودا منصبها هذا الصيف، ويجري حاليًا اتخاذ إجراء لاختبار مدعية جديدة وسيكون لهوية الشخصية الجديدة تأثير على التحقيق ضد إسرائيل، ويمكنه نظريًا إعادة فحص هذا التحقيق أو إيقافه.
هل يمكن الآن اعتقال شخصيات إسرائيلية في الخارج؟، يسأل الموقع، ويجيب بأنه لا يوجد حاليًا أي خطر، لكن العملية طويلة، وفي حال فتح تحقيق في المستقبل فهذا سيناريو صعب وخطير ويمكن أن يهدد المسؤولين الإسرائيليين من المستويين السياسي والعسكري، ومن يروجون للنشاط الاستيطاني، وقد يتم طردهم من دول أو إصدار مذكرات توقيف أو أوامر تثبيت اعتقال بحقهم، ويمكن أن يشمل ذلك نتنياهو، ووزراء الجيش، ورؤساء أركان وضباط، وكذلك رؤساء المستوطنات.
وبما أن إسرائيل من المحتمل أن لا تتعاون مع المحكمة، فإن هناك خوف من أن تصدر المحكمة أوامر اعتقال سرًا ويتم إلقاء القبض على مسؤولين كبار دون علم الشخص الذي صدر الأمر بشأنه، وأن أي دولة عضو ستكون ملزمة بتنفيذ القرار وتحويل المعتقل للمحكمة.
وفي حال صدرت مثل هذه القرارات، فإن قدرة المسؤولين الإسرائيليين على السفر للعديد من البلدان ستكون مقيدة، ويتطلب ذلك من إسرائيل اتخاذ استعدادات خاصة وحذر شديد بشأن رحلات المسوؤلين وكبار الضبط للخارج خوفًا من الاعتقال.
وهناك 122 دولة عضو في المكتب منها دول أوروبية وافريقية وآسيوية، ولا يوجد حصانة أمام المحكمة.
وصاغت إسرائيل سلسلة من الخطوات للتعامل مع المحكمة، وإيجاد مظلة واقية للمسؤولين من المحاكمة، وذلك رغم أن أوامر الاعتقال لن تحدث غدًا وقد تستغرق عام أو أكثر، لكن تل أبيب حريصة على التعامل مع هذا التحقيق بجدية.
وقال مسؤولون في وزارتي القضاء والخارجية بأنهم يستعدون لتوفير الحماية الكاملة لكل الإسرائيليين أمام المحكمة في حال فتح تحقيق أو بدأت الملاحقة القضائية، ولكن حاليًا لن يتم فتح تحقيق ولن يتم إرسال أي استدعاءات، مع إمكانية تطور الأمور فيما بعد.
ماذا تخاف إسرائيل أيضًا؟ يجيب الموقع، بأن الخوف الأكبر لدى المسؤولين من أن قضية المحكمة سترافقهم لفترة طويلة وقد تحدث صداعًا كبيرًا، لكن في نفس الوقت تل أبيب ليست عاجزة ولديها ما تفعله بشأن هذه القضية.
وأحد المخاوف المذكورة في جلسات استماع عقدت مؤخرًا في إسرائيل، هو تأثير القرار على ردع الضباط وكبار المسؤولين من الانخراط في المشروع الاستيطاني الذي تعتبره المحكمة جريمة حرب، وهذا قد يجعل من الصعب على سبيل المثال شغل مناصب مختلفة بالضفة ومنها ما يتعلق بالبناء الاستيطاني وهدم منازل الفلسطينيين.