- عمر حلمي الغول
لم يتجاوز المجتمعين في القاهرة يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين (8و9 شباط/ فبراير الحالي) ال48 ساعة المحددة لإجتماعهم وفق التعليمات المصرية، وكأن تحديد زمن الإجتماع بمثابة جرس إنذار للكل المشارك، حتى لا يمددوا اقدامهم على الفراش المصري أكثر من اللازم، وليوفروا ويختزلوا في مداخلاتهم، ويركزوا على جوهر النقاط المطروحة على بساط البحث، والإمساك بالحلقة المركزية، وهي إجراء الإنتخابات في مواقيتها وفق المرسوم الرئاسي الصادر في 15 يناير الماضي.
لذا وبعد ترقب حذر، وخشية من وجود الغام في طريق إجتماع القاهرة الفصائلي، فاجأنا المجتمعون وبرعاية مصرية كريمة بخروج الدخان الأبيض، وبيان من 15 نقطة إتسم بالطابع الإيجابي العام. أكد فيه ممثلوا الفصائل تمسكهم باجراء الإنتخابات بمراحلها الثلاث البرلمانية والرئاسية والمجلس الوطني. واعتقد ان صدى البيان بالمعنى العام في اوساط الجماهير الفلسطينية إيجابي، لإن الغالبية منهم كانت متشككة في قدرة الفصائل على التوافق.
ورغم الترحيب الكبير بالنص العام للبيان، وللجهود المبذولة، والدعم والرعاية الأخوية المصرية المشكورة، إلآ ان هناك بعض الفقرات شابها الألتباس والغموض، تحتاج إلى توضيح لإزالة اية عثرات يمكن ان تواجه العملية الديمقراطية في شهور مايو ويوليو واغسطس القادمة 2021، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: اولا جاء في النقطة (4) "تشكيل محكمة قضايا الإنتخابات من قضاة بالضفة وغزة والقدس، وتتولى هذة المحكمة حصرا دون غيرها من الجهات القضائية متابعة كل ما يتعلق بالعملية الإنتخابية ونتائجها والقضايا الناشئة عنها.." والغموض هنا يتمثل في حال بروز تباينات بشأن التوافق على بعض الأسماء من هنا او هناك، كيف سيتم معالجة الأمر؟ هل هناك الية محددة لتجاوز التباين؟ وماذا لو لم يتم التوافق، وصدر مرسوم رئاسي بتشكيلها وفقا لإغلبية الأراء؟ هل سيكون هناك فيتو لطرف ما على التشكيل، أم ستمر عملية التشكيل وفق المرسوم؟
ثانيا تضمنت النقطة (5) التالي " تتولى الشرطة الفلسطينية (دون غيرها) في الضفة الغربية وقطاع غزة بزيها الرسمي تأمين مقار الإنتخابات، ويكون تواجدها وفقا للقانون." وهنا يبرز التساؤل التالي، عن اي شرطة يجري الحديث؟ هل هي شرطة الشرعية، ام شرطة حماس في القطاع، وشرطة السلطة في الضفة والقدس؟ وهل يمكن الوثوق بتولي الشرطة تأمين مقار الإنتخابات بعدم حدوث إختراقات من اي نوع؟ وما هي الضمانات؟ ولا يجوز هنا إستحضار تجربة 2006، لإن الشروط مختلفة، وهناك قوى متضررة من الإنتخابات، وقد تعمل على تعطيلها قدر ما تستطيع.
ثالثا ورد في النقطة (10) "معالجة إفرازات الإنقسام بكل جوانبها الإنسانية والإجتماعية والقانونية على اسس وطنية شاملة وعادلة وخالية من كل مظاهر التمييز الجغرافي والسياسي من خلال لجنة يتم تشكيلها بالتوافق وتقدم تقريرها للرئيس، الذي يحيلها لحكومة ما بعد إنتخابات المجلس التشريعي." يلاحظ هنا ان النقطة ناقصة بشكل واضح، فهي غيبت البعد السياسي للإنقلاب، ولا اريد ان اتوقف امام الجانب الأمني، لإنه عمليا من خلال البعدين الإجتماعي والقانوني يمكن معالجتها ضمنا. لكن لماذا اسقط البعد السياسي؟ وهل يكفي ربط الجوانب المختلفة مع فقرة "على اسس وطنية شاملة وعادلة ..."، بإعتبار إن ذلك يتضمن ضمنا البعد السياسي؟ اعتقد ان النقطة تحتاج إلى توضيح، وإزالة اية غموض فيها.
رابعا حملت النقط (12) التالي:" توصية للمجلس التشريعي الجديد بمعالجة ملف النواب المعتقلين لدى الإحتلال". على اهمية إيلاء قضية النواب المعتلقين في باستيلات الإستعمار الإسرائيلي، غير انها توصية ناقصة، وتتضمن تمييز النواب عن باقي اسرى الحرية، وهذا لا يجوز بالمنطق السياسي ولا الإنساني. أضف لذلك، المفترض ان تحال كل القضايا ذات الصلة بالعملية التشريعية إلى البرلمان الجديد، وليس النواب المعتقلين فقط.
خامسا كما جاء في النقطة (1) " وسيتم عقد إجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال شهر مارس القادم بحضور رئاسة المجلس الوطني، ولجنة الإنتخابات المركزية للتوافق على الأسس والأليات، التي سيتم من خلالها استكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد." وكنت افترض ان الإجتماع القادم لممثلي الفصائل في القاهرة يتم مطلع يونيو القادم بعد إجراء الإنتخابات البرلمانية لعدة أسباب، اولا للتأكد من نجاح المرحلة الإنتخابية الأولى؛ وثانيا للتأكد من إلتزام جميع الأطراف وخاصة حركة حماس بتنفيذ ما يتعلق بعودة الشرعية لمحافظات الجنوب؛ ثالثا لتعزيز الثقة على الأرض بين القوى المختلفة.
هذة الملاحظات وغيرها قد تحمل في طياتها بعض النواقص، وتفتح الباب امام اية عوامل تؤثر سلبا على مجمل العملية الديمقراطية، وكون منطق التساهل والتبسيط في تحديد اليات واضحة لتجاوز كل الحواجز والمنغصات، لا يخدم عملية المصالحة، وإعادة الإعتبار للنظام السياسي التعددي، ولا لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد.
آمل من جهات الإختصاص التوقف وقراءة ما تقدم لعلها تفيد في مراجعة بعضها، او توضح الأتباس، إن كانت هناك قضايا مناقشة ومبتوت فيها، وبالتالي حولها إتفاق بين حركتي فتح وحماس، وتبناها المجتمعون في القاهرة. وآمل للعملية الديمقراطية النجاح في كل مراحلها، وبما يخدم وحدة الصف، وتصليب عوامل الوحدة للتصدي للتحديات الإسرائيلية وغيرها.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت