- كتب د. وجيه ابو ظريفة *
انطلقت قاطرة الانتخابات العامة الفلسطينية تجاه موعد اجراء الانتخابات ورسخ نجاح الحوار الوطني احتمالية حدوثها وبالتالي اصبح مطلوبا من الجميع ان يتصرف علي ان الانتخابات قائمة ان لم يحدث متغير كبير يحول دون ذلك
رغم كثير من التحفظات السياسية والقانونية علي ماهية الانتخابات او سبب اجرائها الان او حتى طريقة اجرائها او ما رافقها من تجاوزات قانونية الا ان الجميع توافق علي ازالة العقبات وعدم فتح القضايا التى من الممكن ان تفجر مسار الانتخابات وتم استبدال نقاط الاختلاف بتعظيم نقاط الاتفاق وهذا وان كان مخالفا للمنطق السياسي والقانوني الا انه خيار التوافق الوطني والذي اعتمد علي ثقة الاطراف بضرورة النجاح في الوصول للانتخابات العامة كضرورة وطنية والتزام ديموقراطي ومطلب اقليمي ودولي لا يمكن مخالفته
ان الانتخابات الان اكثر قربا من اي وقت مضى وهذا يتطلب تحديد الاولويات سواء في البرامج الانتخابية او القوائم او الائتلافات وهنا نرى المسار القادم يقودنا نحو مستقبل مختلف عن سنوات المأساة التى تركها الانقسام البغيض من جهة وسوء الادارة من جهة اخرى وعقم المسار السياسي السابق الذي وصل الي طريق مسدود
وعليه يجب ان يكون المخرج عبر طريق مختلف يحافظ علي الثوابت الوطنية ويعلى من شان الوطن والمواطن ويعزز صموده ويساهم في بناء نظام سياسي جيد يعتمد علي الشركة والمشاركة وليس التفرد والاقصاء
ستشكل الانتخابات القادمة ان تمت انعطافة هامة تتطلب جهوزية مسبقة من مكونات العمل السياسي الفلسطيني للمساهمة الفعالة في توجيه دفة النظام السياسي الجديد نحو المسار الصحيح وهذا يتطلب طريقة عمل مختلفة وتحالفات تعتمد اساسا علي التوافق السياسي بالحد الادني وعلى رؤية اجتماعية واضحة لمعالجة قضايا افرزها الواقع السياسي وعمقتها ازمة النظام والادارة وطريقة الحكم والسيطرة خاصة في سنوات الانقسام والذي افرز ازمات اجتماعية وسياسية واقتصادية اصبح من الضروري انهائها
وهذا لن يحدث مطلقا بايدي من تسبب بها سواء كان منفردا او مشتركا مع المكونات الاخرى واهمها نظيره في خلق الأزمات وتعميقها مما يعني ان الطريق يجب ان يكون جديدا وقويا ليعيد ظبط المسار ويجبر من يشعر بالهيمنة والتفرد على تغيير اعتقاده اولا وسلوكه ثانيا
ان النجاح في هذه المهمة الصعبة يحتاج الي مكون قوى يشكل خيارا ثالثا امام الناخب ويشكل املا كبيرا في قوة انتخابية وبرلمانية تمنع الهيمنة والتفرد وتمنع تحويل الانقسام الى تقاسم او اقتسام وتعيد منهج الشراكة الحقيقية بعيدا عن المحاصصة او الاقصاء
ان عصب هذا المكون واضح الهوية وواضح المكونات وهو اليسار الفلسطيني بتعبيره الواضح عن الهوية الطبقية وعن تمثيله لاصحاب المعاناة الحقيقية ودفاعه عن من دفع ثمن مسار طويل من الاهمال والتهميش وجاء وقت فيه ان يدافع عن بقاءه ومصالحة
ان اليسار الفلسطيني ومعه اوسع تحالف من القوى والمركبات الشعبية والاهلية بدعم من اصحاب الحق في حياة كريمة هو الطريق الذي يضمن وقف مسيرة الهيمنة والتفرد وهو الذي يستطيع ان يشكل كتلة مانعة امام اي تقاسم او تقسيم
سترسم الانتخابات المرتقبة خريطة جديدة لتوزيع القوة ولحجم التاثير لسنوات قد تكون طويلة مما يضاعف المسئولية علي الجميع من مكونات اليسار والقوى الديموقراطية ان تعيد الحسابات وان تسارع الى الاتفاق علي منهج والية للعمل الموحد الذي سيقود تجاه عملية تغيير يحتاجها الشعب والوطن والقضية تستطيع من خلالها العمل علي الاستفادة من الانتخابات القادمة لزيادة صمود المواطن علي ارضه ومنع اي تساوق سياسي مع متطلبات اقليمية او دولية وايضا تدافع عن حقوق الناس الاجتماعية والاقتصادية وحماية الحريات العامة والخاصة
ان اليسار الفلسطيني ومعه مكونات العمل الاهلي والشعبي امام الاختبار الاكبر منذ سنوات لتعويض ما فات من فترة لم تكن تليق بقوة اليسار ومكوناته او بما يمثل للناس ومن الناس
* عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت