- جهاد حرب
دون التقليل من جهد وزارة الصحة أو الحكومة في مواجهة فيروس كوفيد-19 "كورونا" سواء في عملية الفحص والرعاية للمرضى، أو في محاولاتها لجلب اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، إلا أن الاستعداد لمرحلة التطعيم تحتاج الى خطة وطنية واضحة ومحددة تضع الأولويات وتحدد المعايير، الأمر الذي يحد من إتاحة فرص للمحسوبية والواسطة والمحاباة في عملية التوزيع، ويمنع من التصريحات المتناقضة التي تصدر أحيانا عن بعض المسؤولين؛ كما حصل في تصريحات الناطق باسم الحكومة التي فهمت أن الحكومة قابلة بالتجاوزات والاستثناءات التي جرت باعتبار أن مثل هذه الأمور تحصل وأن الحكومة تشجع على أخذ اللقاح. في المقابل أعلنت وزيرة الصحة في مقابلتها مع صحيفة القدس أنه تم اتخاذ إجراءات إدارية "عقابية" للتجاوزات. وعلى الرغم من عدم إعلانها لطبيعة هذه الإجراءات إلا أن ذلك يدل على رغبة لدى الوزيرة لمنع تكرار مثل هكذا حالات.
إن وجود خطة لتوزيع اللقاح لا يقتصر على القول إن الأولوية للجهاز الطبي ومن ثم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بل تحديد آليات وأماكن التوزيع، توفر المعلومات والبيانات المتعلقة بالمواطنين وأماكن سكناهم لسرعة الوصول لهم، ومعرفة الأشخاص لمواعيد اخذهم للقاح كي لا يتجمهر الناس في مراكز التوزيع. كما تتضمن الخطة أدوات إقناع المواطنين بضرورة أخذ اللقاح، وطرق "إجبار" بعض الفئات المواطنين على أخذه للاستمرار في أعمالهم باعتبارهم مخالطين لفئات واسعة من المواطنين.
إن إدراك الفلسطينيين للصعوبات التي تعترض الحكومة الفلسطينية في الحصول على اللقاحات الناجمة عن ضعف القدرة المالية للحكومة والتنافس الشديد من قبل الدول الأكثر غنى للحصول اولاً على اللقاح ما يحد من التنبؤ بالآجال الزمنية لتوفير اللقاحات في البلاد. هذا الأمر "الضبابية في مواعيد حصول فلسطين على اللقاحات" لا يمنع من إعداد خطة لتوزيع اللقاحات بل يتيح فرصة أمام المسؤولين لإعداد مثل هكذا خطة.
في ظني أن التجاوزات قد تحصل في الدول المتخلفة أو الحكومات الاستبدادية لكنها لا تمر مرور الكرام لدى الشعوب المناضلة أو ذات الحساسية العالية للواسطة والمحسوبية والمحاباة، وأن الاستثناءات يمكن أن تحصل لكن ضمن معايير واضحة ومعلنة تضمن الإنصاف للمواطنين وإدراك مسبق بذلك.
إن مطالبة الحكومة بنشر "الخطة الوطنية للتطعيم المعتمدة من وزارة الصحة وفقا لتصريح وزيرة الصحة" يأتي في سياق ضخ المعلومات من مصادرها الرسمية الأمر الذي سيعزز من ثقة المواطنين بالإجراءات والمعايير المتبعة من قبل الجهات الرسمية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت