مركز للأطراف الصناعية يعيد الأمل لمصابي الألغام والقنابل العنقودية في لبنان

مركز الأطراف الاصطناعية والأجهزة التقويمية في راشيا

وسط قاعة فسيحة عند الطرف الشمالي لبلدة راشيا الوادي شرق لبنان، احتشد العشرات من مصابي الألغام وذويهم ينتظرون بشغف دورهم في تركيب أطراف صناعية ستعيد إليهم جانبا من الأمل الذي فقدوه بخسارتهم إحدى أطرافهم.

وأطلقت جمعية (الرؤيا) للتنمية والتأهيل والرعاية من مركزها في راشيا الوادي، مركزا مجانيا لمصابي الألغام والقنابل العنقودية في منطقتي البقاع الغربي بشرق لبنان وفي الجنوب.

ويقوم المركز بتوفير العلاج الفيزيائي والأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية للمصابين المبتورة أطرافهم والمصابين بحالات شلل من أبناء قرى منطقتي البقاع والجنوب وللنازحين السوريين المقيمين ضمنهما.

وفي داخل القاعة، بدا المواطن الستيني نهاد أبو ضرغم الذي كان تعرض لبتر ساقه منذ ثلاثة أعوام جراء انفجار قنبلة عنقودية خلال عمله في حقله، مرتاحا لوضعه.

وقال أبو ضرغم لوكالة أنباء ((شينخوا))، انه سعيد جدا بتركيب الطرف الصناعي الذي أغناه عن الاستعانة بعكاز للسير.

وأضاف الرجل "سأعود إلى أرضي ورعي الماشية مجددا، لأنها مورد رزقي الوحيد، ولن أتردد أيضا في إعادة فتح الملحمة التي أقفلتها بعد بتر ساقي".

من جهته، قال الشاب الثلاثيني سامر عبد العال بعد استعانته بطرف صناعي ،"أشعر أنني عدت إلى الحياة الطبيعية من جديد، وسأعاود مزاولة أعمال تقليم الأشجار وزراعة الحقول في بلدتي بشرق جنوب لبنان".

وبمحاذاة القاعة، يوجد مشغل يغص بالكثير من معدات وآلات تحضير وتصنيع وتركيب الأطراف الصناعية حيث ينهمك فنيون في أخذ قياسات أطراف المصابين المبتورة الموزعة بين ساق أو قدم أو كف أو ذراع.

ويتولى فريق آخر عملية تركيب الطرف الصناعي إضافة إلى تأهيل المصاب من خلال تمارين تسهل تعاطيه مع وضعه الجديد، إضافة إلى تزويده بلائحة توجيهات حول كيفية فك وتركيب الطرف والعناية به في المنزل.

وشعرت الفتاة نهلة الباشا بفارق كبير بعد تركيب كف صناعي.

وقالت الفتاة الثلاثينية "لقد بت أستطيع المصافحة بيدي اليمنى وتنفيذ بعض المهام البسيطة وتحريك الأشياء الخفيفة بعد تركيب الكف".

وأضافت أن "الغرض من هذا الطرف تجميلي في الأغلب، لكنني شعرت بفارق كبير الآن وبات باستطاعتي ممارسة حياتي بشكل مقبول أكثر في الوقت الراهن".

أما النازح السوري من إدلب إلى مخيم سهل مرجعيون جنوب لبنان صابر علام (45 عاما) فقد تمكن من الوقوف مجددا بساقين صناعيين بعد تركيبهما خلال فترة استغرقت حوالي ساعة ونصف.

وقال علام "بدأت بالتدريب على المشي والتكيف مع الأطراف الجديدة على أمل عودتي قريبا إلى العمل في جمع وبيع الخردة لتأمين جانب من حاجيات عائلتي".

وتصنف جمعية (الرؤيا) على أنها أهلية وذات منفعة عامة، وتضم أطباء ومتطوعين من أصحاب الاختصاصات الفيزيائية والفنية في مجال إعداد وتصنيع وتركيب الأطراف الصناعية.

وتقيم الجمعية علاقات شراكة وتعاون مع مؤسسات صحية محلية ودولية.

وقال رئيس الجمعية الدكتور ناصر ابو لطيف، إن إطلاق هذه المبادرة جاء بسبب تردي الوضع الأقتصادي في ظل جائحة كورونا والفقر الذي طال نسبة كبيرة من اللبنانيين خاصة أصحاب العاهات الجسدية.

واعتبر أبولطيف لـ ((شينخوا))، أن من شأن هذه المبادرة أيضا تحفيز مصابي القنابل العنقودية على الانخراط في مجتمعهم، وعودتهم لمزاولة أعمالهم التي أرغمتهم الإصابة على التخلي عنها واستعادة دخلهم.

وتشمل مبادرة تركيب الأطراف الصناعية كافة المواطنين اللبنانيين والنازحين السوريين الذين كانوا قد تعرضوا لبتر أطرافهم جراء انفجار القنابل العنقودية والألغام التي كان خلفها الجيش الاسرائيلي خلال حربه مع حزب الله اللبناني في عام 2006، بحسب رئيس الجمعية.

وأوضح أبولطيف أن المبادرة جاءت بالتنسيق والتعاون مع وزارتي الصحة العامة والشؤون الاجتماعية اللبنانية ومجلس الجنوب والصندوق الدولي للتأهيل وجهات داعمة محلية ودولية.

وبات تأمين الحاجات اللوجستية لمصابي القنابل العنقودية والألغام أمرا ملحا وأولوية في ظل وباء كورونا وتردي الأوضاع الاقتصادية، ناهيك عن التأثيرات النفسية والاجتماعية وانعكاساتها على نمط عيش هذه الفئة من الناس، بحسب المشرف على تركيب الأطراف الدكتور رواد غشام.

وقال غشام إن الطرف الصناعي سيحفز المصاب للعودة مجددا الى عمله، خاصة وان نسبة 98 في المائة من المصابين هم من المزارعين ورعاة الماشية.

وحسب إحصاء صادر عن مكتب المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام التابع للجيش اللبناني، فقد ألقى الجيش الاسرائيلي حوالي أربعة ملايين ونصف مليون قنبلة عنقودية خلال حرب يوليو عام 2006 والتي أدت إلى مقتل وجرح نحو ألف لبناني من بينهم خبراء في نزع الألغام إضافة الى أربعة آلاف مصاب بإعاقات جسدية.

ويواجه لبنان عدة أزمات سياسية واقتصادية ومالية ومعيشية متشابكة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر لأكثر من 50 في المائة وتفاقم البطالة والتضخم المالي الذي وصل في العام 2020 الى حدود 84,9 في المائة، وسط تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - راشيا، شرق لبنان (شينخوا)