"نستخدم دقيق الأرز الدبق والسمسم لعمل كرات صغيرة محشوة ثم نقلبها وسط دقيق الأرز لنغلفها بطبقة خارجية قبل طهيها في الماء الساخن...لنجهز بذلك طبق الـ"يوان شياو" التقليدي الصيني الذي تعده الأسر الصينية خصيصا للاحتفال بعيد الفوانيس الذي يحل في نهاية الاحتفال بالسنة الصينية الجديدة!"، هكذا أوضحت الطفلتان الصينيتان التوأم منغ منغ ويايا (5 أعوام) في مقطع فيديو باللغة العربية كيفية عمل إحدى مأكولات العيد التقليدية الصينية الخاصة.
مع استمرار تزايد الإصابات بكوفيد-19 حول العالم، اختار الكثير من المهندسين والعمال الصينيين العاملين في الخارج البقاء في عملهم خلال عيد الربيع، أي عيد رأس السنة القمرية الصينية الجديدة، والذي يعد أهم الأعياد التقليدية في الصين.
"فكرت الابنتان في تقديم فيديو يدور حول كيفية طهي إحدى المأكولات التقليدية الصينية للتعبير عن تهانيهما بحلول العيد للأصدقاء الصينيين وتعريف الأصدقاء العرب على أحد جوانب الثقافة الصينية"، حسبما ذكرت شيوي ون (38 عاما)، والدة الطفلتين التوأم، وهي خريجة قسم اللغة العربية بجامعة بكين.
وفي السعودية، تواصل العمل على قدم وساق في مشروع الطريق السريع في الجبيل خلال عيد الربيع، وتخلي أكثر من 100 عامل صيني عن قضاء الإجازة من أجل ضمان استمرارية استكمال المشروع. وفي أحد المكالمات الهاتفية، قال المهندس الصيني تشن ده بين وهو يحبس دموعه أثناء حديثه مع والديه "اعتنيا بأنفسكما وسأعود للوطن بعدما تهدأ جائحة كوفيد-19".
أما في المشروع الذي تنفذه شركة بي جى بي المؤسسة الوطنية الصينية للنفط -أبو ظبى 8615ب، قال مدير المشروع لي فنغ (37 عاما) إنه يشتاق إلى عائلته خاصة خلال العيد. ولكنه لحسن الحظ يشعر بـ"أجواء عيد الربيع" في موقع المشروع بالإمارات حيث اصطف العاملون الصينيون لاستلام هدايا العيد المقدمة خصيصا لهم وقاموا بلصق المقطع الصيني "فو" (يعني "السعادة" باللغة الصينية) على النوافذ وعلقوا الفوانيس الحمراء في أرجاء المكان.
وذكر لي فنغ أنه يشتاق إلى طفليه ولا ينسى أنه أثناء مغادرته المنزل قالت له ابنته الصغيرة وعمرها 3 أعوام، "بابا، هل تغادر وتعود مرة أخرى إلى لقائنا فقط عبر شاشة الهاتف؟" لأنه دائما ما يتصل بأسرته عبر الهاتف خلال عمله خارج البلاد. ويبذل لي فنغ قصار جهده في أعمال المشروع من أجل الانتهاء من تنفيذه في أسرع وقت ممكن ودفع التعاون الصيني الإماراتي قدما، وقال "لا أريد أن أكون والدا عبر الهاتف، ولكن لا بد أن يتحمل كل منا مسؤوليته في العمل، فتتحسن حياة الجميع".
في الواقع، هناك الكثير من العمال والمهندسين الصينيين والعرب أمثال لي فنغ يمضون في طريقهم لدفع التنمية الوطنية. ففي مصر، في موقع إنشاء مشروع بالعاصمة الإدارية الجديدة تتولى تنفيذه الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية (CSCEC)، يواصل 34 من العمال الصينيين عملهم خلال عطلة عيد الربيع من أجل دفع مسيرة البناء وخاصة بعد التأجيل الناجم عن جائحة كوفيد-19.
وقال المهندس يانغ يون يي، الذي يعمل في المشروع، إنه قام بطهي طبق الـ"جياوتسي" التقليدي الصيني في عيد الربيع، وهو يماثل طبق "المحشي" مع زملائه في المشروع، وحصل العاملون في المشروع على أظرف حمراء "العيدية" التي تعبر عن التهاني بقدوم العام الجديد إلى جانب مكافآت من الشركة.
وبالإضافة إليه، احتفلت تشو تينغ تينغ، مديرة معهد كونفشيوس بجامعة قناة السويس في مصر بعيد الربيع مع أصدقائها الصينيين والعرب. وعندما دقت الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 11 فبراير (بتوقيت القاهرة)، شاهدت "حفل عيد الربيع المسائي" على القناة الصينية وشعر أصدقاؤها العرب بالإعجاب عندما تضمن برنامج الحفل فقرة ارتدى فيها مقدمو العرض الزي الفرعوني وقاموا بأداء رقصة التحطيب التقليدية المصرية.
ومع تعميق التعاون والصداقة بين الصين والدول العربية، تزداد معرفة الشعوب العربية أكثر وأكثر بعيد الربيع. فقد غير نجم الإنترنت العراقي محمد طالب (34 عاما) صورة ملفه الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي إلى "برج الثور"، وهو برج هذا العام حسب التقويم الصيني التقليدي. وقام بتغيير خلفية صفحته الرئيسية إلى مشهد ليلي بتقنية الواقع الافتراضي بزاوية 360 درجة لمدينة تشونغتشينغ الصينية.
وزار محمد صديقه الصيني في منزله ليشاطره فرحه العيد حيث قاما معا بتعليق فانوس أحمر ولصق المقطع الصيني "فو" على النافذة. وأعرب محمد عن تمنياته لجميع الصينيين بالسعادة التي يحملها معنى "فو" ودعا لهم بالخير والبركة في هذا العيد على الرغم من أنه لم يزر الصين من قبل قط.
أما في بكين، فقد انتهت الطفلتان التوأم منغ منغ ويايا من إعداد طبق الـ"يوان شياو" وأعربتا عبر الفيديو الذي تم بثه على وسائل التواصل الاجتماعي عن تهانيهما مرة أخرى "لجميع الأصدقاء الصينيين والعرب بقدوم عيد الربيع!"