- د. طلال الشريف
فلسطين بوضعها الحزبي المتفجر على خلفية المعاناة المزمنة ومؤامرة تصفية القضية وحراكات الشعب الفلسطيني ضد المحتل وضد الطغم الحاكمة التي لم تعد تناسب الواقع لتخرج شعبها وقضيتها من مؤامرة التصفية التي تزحف بين ثناياها منذ الإنقسام والحروب والعدوان المتكرر والمعاناة الداخلية التي فاقت كل تصور، وهذا العقاب الجماعي والفقر وقمع الحريات من الإحتلال ومن الحكام.. كل ذلك تعود ثورته سريعا لذهن الجمهور مع تعنت الرئيس ورفضه توصيات مؤتمر القاهرة التي كان من الخطأ تفويص الرئيس بالتوفبع عليها بل كان يجب أن تسوى في حينها.
بعد أن تأمل الجمهور الفلسطيني في العملية الانتخابية لتغيير حالة الاحباط والضعف الفلسطينية ولو تدريجيا تأتي خطوة رفض الرئيس عباس لما "أجمعت عليه الاحزاب والفصائل من توصيات" التي تعتبر بلغة السياسة أقوى من المراسيم والتعديلات المجحفة بحق الآلاف من المنتويين الترشح، بعد أن مطلب شعبي وفصائلي عام، ولم تكن تلك التوصيات إلا للموافقة فقط تعبيرا عن احترامهم للرئيس وليس للرفض، هكذا قدرتها الجماعة السياسية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من خلفهم، ورفضها يعني تخريب العملية الانتخاببة والتراجع عنها.
إن مطالب الشعب الفلسطيني وضغوطات الواقع الفلسطيني الصعب لابد أن تكون واضحة أكثر من المحركات الخارجية ومصالح الحزبين الكبيرين، ويجب تحظى باحترام المتنفذين، لأنها المحرك الأساس لعملية التغيير، رغم اهمالها طويلا من القوى المتنفذة، وخاصة الرئيس، واستجابتهم المتأخرة جداٍ في الذهاب لانتخابات، ليختار الشعب الفلسطينيى قيادة جديدة، ورغم المعوقات، ومحاولات صناعة انتخابات بالمقاس من قبل هؤلاء المتنفذين والمهيمنين على القرار لإعادة انتاج ذاتهم الفاشلة في نقل شعبنا للأمام خطوة، فإننا مازلنا نأمل أن يتداركوا حساسية الواقع الذي يعيشه الشعب والقضية الفلسطينية.
لا تزال قوى التفكير الرجعي المهيمن منذ عقود بقبضته الحديدية تذهب في كل اتجاه تزوير ارادة الشعب الفلسطيني بمنع الآلاف من السياسيين من التقدم للانتخابات واضعة العراقيل بتعديل قانون الانتخابات لصالحها وليس للصالح العام، وصناعة قضاء موالي لها للتحكم في العملية الانتخابية، وفي ظل صمت مريب من حماس يوحي بمشاركتهم السلبية في السكوت عن رفض الرئيس لتوصيات مؤتمر الاحزاب في القاهرة، التي هي عبارة عن مطالب جماعية حقيقية، يرفضها الرئيس في رحلة عناد غريبة عن كل أنواع الإدراك الحقيقي لمجتمع ملتهب بالاخفاقات والمعاناة وطلب التغيير، مهملين أو متغطرسين بقوة نفوذهم الحديدية على الجمهور ما قد تحمله الأيام القادمة من خطر على السلم الأهلي بإخراج الناس والسياسيين عن قانون الديمقراطية، ومنعهم من المشاركة بعراقيل لصالح هؤلاء المتنفذين، فكيف للشعب وقوى التغيير أن يتصرفوا في هذا الحال، قمع سابق، وتدوير لاحق، لصالح الحزبين الكبيرين، ما يعني أقل السلوكيات خطرا لهذا الجمهور والاحزاب، هي مقاطعة الجمهور، وباقي الاحزاب لهذه الانتخابات، لتبدو الصورة عبارة عن استيلاءا على السلطة والمؤسسات التمثيلية بقوة التزوير والابعاد والاستئصال ..
هل يدرك الرئيس والمتنفذون وشركائهم في حماس وضعف موقفهم في التصدي لقرارات وتعديلات قانون الانتخابات وعدم الاستجابة للتوصيات الهامة جدا لنؤتمر القاهرة، وهذا الموقف غير الحاسم من حماس القوة الثانية يظهرها بأنها تشارك في عملية تفتيت المجتمع ومنعه من تعدد خيارات المرشحين والقوائم واجباره على اختيار مرشحيهم فقط ومرشحي الرئيس، وعند ذلك لم يتبق أمام شعبنا من وسيلة للتجديد والتغيير إلا المقاطعة السلبية للانتخابات ترشحا وانتخابا، وهي ليس حلاً، لأنها تكرس الوضع الحالي، وتعيد تدوير الشخصيات من الحزبين الذين فشلوا حتى في المصالحة، أو يدفعونهم للخيار الثاني، وهو الثورة والعصيان على الحالة بمجملها وادخال شعبنا في طريق فرعي لا يوصل للنهوض في مواجهة مؤامرات تصفية القضية الوطنية.
اجعلوا فلسطين هي المحطة الحاسمة للنهوض وتغيير النظام وعدم مصادرة وحق الناس في الترشح والانتخاب وتوسيع الخيارات وبدء مرحلة جديدة لصيانة كرامته وقضيته الوطنية.. وإلا تكوا من يشعل فتيل الاقتتال بين ثنايا المجتمع الفلسطيني وتكون الكارثة وتمرير كل المؤامرات على شعبنا وقضيتنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت