- بقلم م.هشام العُمري..
رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء محافظة القدس، ومديرها العام...
لقد نجحت شركة كهرباء محافظة القدس ممثلةً بمجلس الإدارة ومدراء الفروع خلال الفترة الماضية، بعد بذل جهود مضنية وحثيثة، في وقف القطع المبرمج من الجانب الإسرائيلي من جهة، والقطع بسبب زيادة الأحمال من جهةٍ أخرى، وذلك عبر تسديد الديون المستحقة لصالح شركة كهرباء إسرائيل، وتشغيل المزيد من المحطات برعاية الحكومة الفلسطينية، ورفع القدرة وتطوير البنية التحتية في كافة مناطق الامتياز، وهو ما لمسه المشتركون خلال فصل الشتاء الحالي، لا سيما خلال المنخفض القطبي الأخير الذي شهدته فلسطين.
ومؤخراً، تلقت الشركة إنذاراً من شركة كهرباء إسرائيل بسبب تراكم الديون المستحقة على الشركة، ومع تفهمنا للوضع السياسي والاقتصادي الصعب الذي نمُرّ به جميعاً، بالإضافة إلى أزمة جائحة الكورونا التي أضعفت الاقتصاد المحلي، كما هو الحال في دول العالم أجمع، مما أثر على قدرة العديد من المشتركين على سداد أثمان الخدمة، والشركة إذ تراعي الحالات الاجتماعية التي تضررت بسبب هذه الأوضاع وهي على استعداد دائماً لجدولة الديون للتخفيف على مثل هذه الحالات من أبناء شعبنا.
وفي ظل سعي الحكومة الفلسطينية واهتمامها بتعزيز الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، بما فيها شركة كهرباء محافظة القدس كغيرها من المؤسسات المقدسية، خاصة وأن هذه الشركة تحافظ على وجودها هنا منذ 107 أعوام، فإننا نبذل وإياهم جهوداً بالشراكة مع وزارة المالية وسلطة الطاقة والموارد الطبيعية، لتحصيل الديون المستحقة لوقف (شبح القطع المبرمج) وضمان عدم تنفيذ كهرباء إسرائيل تهديداتها ووعيدها الذي استطاع مجلس إدارة الشركة ومدراء الفروع وقفه خلال المنخفض الأخير.
وخلال اتصالاتنا ولقاءاتنا مع الحكومة الفلسطينية مؤخراً، لمسنا نوايا جادة ومساعٍ حقيقية للمساهمة في تخطي الأزمة سوياً وفقاً للإمكانيات المتاحة، كيف لا؟ ونحن جميعاً أبناء هذا النسيج الوطني الواحد، فلا أحد منا يقبل أن تنفذ كهرباء إسرائيل تهديداتها بالتزامن مع العملية الانتخابية، في محاولة منها لزعزعة هذا التكاتف الوطني. وحتى لا نعود إلى مربع القطع المزعج الذي مررنا به في السابق، لذا فإننا في مجلس إدارة الشركة ومدراء فروع المحافظات وأقسام الشركة، بالإضافة إلى نقابة العاملين نعمل بشكل جماعي لتخطي الأزمة الحالية، واستمرار تقديم الخدمات الكهربائية بعيداً عن أي تشويش، أو انقطاعات.
لكن للأسف في الجانب الآخر، ما زالت الديون والسرقات من أبرز التحديات التي تواجه الشركة وترهق كاهلها، خصوصاً الديون المتراكمة على بعض المصالح والمنشآت التجارية وعدد من المشتركين في المناطق الخارجة عن السيطرة الفلسطينية، والمصنّفة (ج)، وديون أخرى على مناطق لا يتلزم معظم مشتركيها بالدفع، مما يفاقم الأزمة بشكل سريع ومستمر، ويراكم علينا الغرامات لصالح شركة كهرباء إسرائيل، الأمر الذي يدفعنا إلى اللجوء لقطع الخدمة الكهربائية عن المشتركين المتخلفين عن سداد ما عليهم، فليس من الحكمة أن نواصل السير في دائرة تراكم الديون وما يتبعها من انقطاعات عقابية جماعية يفرضها علينا الجانب الآخر، كما لم يعد بالإمكان مواصلة الاقتراض من البنوك ومراكمة الأزمات المالية واحدة تلو الأخرى، وتهديد بقاء هذا الصرح الاقتصادي الفلسطيني في القدس وتعطيل استمراريته في تقديم خدماته.
أما فيما يتعلق بسرقة التيار الكهربائي والتعدي على مقدرات الشركة وموظفيها فحدّث ولا حرج، فالسرقات أيضاً في ذات المناطق ما زالت تتواصل على قدم وساق، وهي تشكل نزيفاً حاداً للشركة ومقوماتها، وتهدد استمرار الخدمة الكهربائية في تلك المناطق،. وفي ظل تفاقم سرقة الكهرباء، فإننا سنضطر بكل أسف إلى قطع الكهرباء عن سارقي الكهرباء والمتعدين على الشبكة، والتي بات الفاقد فيها يشكل نسبة عالية نتيجة سرقة التيار الكهربائي، ما يعتبر سبباً رئيسياً في ضعف الكهرباء بتلك المناطق من جهة، ويراكم علينا الديون لصالح شركة كهرباء إسرائيل من جهةٍ أخرى، الأمر الذي نرفض استمراره، فليس على باقي المشتركين تحمل العقاب الجماعي جراء رغبة وتعمّد البعض لسرقة الكهرباء والاستفادة منها بشكل غير قانوني والتسبب بعطل هنا وآخر هناك والإضرار بمصالح باقي المشتركين، لذا فإن على سارقي التيار الكهربائي وأصحاب المصانع والمنشآت التجارية والمشتركين المتخلفين عن الدفع، تحمل كافة نتائج وتبعات أفعالهم عبر الطرق القانونية.
إن ما تحاول الشركة جاهدة فعله، هو تثبيت وجود هذا الصرح المقدسي وتمكينه من الاستمرار في خدمة المشتركين، سواء من خلال تطوير البنية التحتية وتعزيز مناطق امتيازها بمحطات التقوية وتنويع مصادر الطاقة من خلال الاستثمار في محطات الطاقة الشمسية وبشتى العمليات الفنية والهندسية الرامية إلى تحسين الشبكة وتعزيز استمرارية الخدمات، أو من خلال بذلك الجهود لتقليل الديون التي ما تزال تتراكم شهراً بعد آخر. وكل هذه الجهود التي نبذلها، سواء إدارة الشركة أو الطواقم الفنية والهندسية إنما تصب في مصلحة المشتركين في مناطق الامتياز، لكن مع استمرار تخلّف البعض عن سداد ما عليهم من ديونٍ متراكمة لصالح الشركة، ومع مواصلة سارقي الكهرباء بممارساتهم بالحصول على الكهرباء على حساب الشبكة وعلى حساب باقي المشتركين، فإن خطر تنفيذ الجانب الإسرائيلي لتهديداته ستظل قائمةً طالما لم يبادر المتخلفون عن السداد وسارقو التيار إلى التوقف فوراً عن هذه الممارسات، وإدراك خطورة الوضع وحجم الضرر الذي يلحق بباقي المشتركين وبالشركة وسداد ما عليهم من مستحقات متراكمة حمايةً لحقوق كافة المشتركين بالحصول على الكهرباء وتجنباً للإضرار بالخدمات جراء التعدي على الشبكة وحفاظاً على استمرارية هذا الصرح الاقتصادي المقدسي.
وختاماً فإننا سنبذل كل جهد يلزم لاستمرار تقديم الخدمات الكهربائية في كافة مناطق الامتياز، خاصة في القدس الشريف، ولن نتخلى عن التزاماتنا وواجبنا الوطني تجاه شعبنا الفلسطيني، وندعو الحكومة والتي نعتبرها شريك حقيقي في حل الأزمة، إلى مواصلة الوفاء بإلتزاماتها ودعم الشركة لضمان تمكينها من تقديم الخدمات الكهربائية كما يجب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت